سمح وقف إطلاق النار بين قوات الجيش العراقي و «البيشمركة» بعقد جولتين من المحادثات العسكرية بين الطرفين ركزت على إعادة قوات «البيشمركة» إلى حدود إقليم كردستان المحلية مع المحافظات العراقية، طبقاً لاتفاق حدود «الخط الأزرق» قبل العام 2003، فيما تسعى بغداد إلى السيطرة على كامل الشريط الحدودي الدولي مع تركيا وإيران وسورية عبر نشر قوات حرس الحدود، في خطوة تستهدف إحكام الحصار على إقليم كردستان، ومنع فتح معابر غير شرعية لتهريب النفط. في غضون ذلك، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كردي قوله إن مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان لن يمدد فترة رئاسته بعد الأول من الشهر المقبل، فيما عُقد مساء الجمعة أول اجتماع رسمي بين وفد الجيش العراقي، برئاسة رئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن عثمان الغانمي، ووفد «البيشمركة» برئاسة سيروان بارزاني مسؤول القوات في مخمور والكوير جنوب غربي أربيل، ثم عُقدت الجولة الثانية من المفاوضات نهار أمس في مقر قيادة عمليات الجيش في مدينة الموصل، وترأس الوفد الكردي وزير داخلية إقليم كردستان كريم سنجاري وقائد قوات الزيرفاني اللواء عزيز ويسي. وقال النائب عن «ائتلاف دولة القانون» عباس البياتي، المقرّب من رئيس الحكومة ل «الحياة»، إن «هذه المفاوضات ميدانية وليست سياسية، والهدف منها ترتيب الخط الأزرق لحدود الإقليم قبل العام 2003 وخط القوات الاتحادية وأماكن انتشارها، وإيقاف الاشتباكات بين الجانبين في مناطق تقع بين أربيل والموصل وعلى المنطقة الحدودية مع سورية وتركيا، إضافة إلى التعاون في إدارة مشتركة لبعض المناطق». وأشار إلى أن «المفاوضات السياسية لم تنطلق حتى الآن، وستكون لها شروطها الخاصة ومقرها بغداد وليس في دهوك أو الموصل». وشدّد على أن «الحكومة مصرّة على أن تكون جميع المنافذ الحدودية في الإقليم تحت السلطة الاتحادية وبالاتفاق مع دول الجوار، ولن يبقى أي معبر تحت سلطة الإقليم، كما كانت الحال في السابق». في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة بأن المفاوضات العسكرية تواجه صعوبات عدة، بعد تلمس الوفد الكردي طموح الحكومة الاتحادية إلى السيطرة على الحدود الدولية للإقليم مع تركيا وإيران وسورية، إلى جانب إعادة قوات البيشمركة إلى حدود الإقليم المحلية مع محافظاتكركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى وفق اتفاق «الخط الأزرق». وأكد سياسيون في بغداد أن المفاوضات الجارية بين الوفدين العسكريين ليست معنية بمناقشة القضايا السياسية، إذ لا تزال بغداد ترفض الخوض في محادثات شاملة قبل الحصول على نقاط قوة على الأرض وإجبار حكومة كردستان على إلغاء نتائج الاستفتاء على الانفصال الذي تم أواخر الشهر الماضي. إلى ذلك، من المقرر أن يعقد برلمان كردستان اليوم جلسة اعتيادية لتوزيع صلاحيات بارزاني على السلطات الثلاث، وفق ما أكد أحد النواب لوكالة «فرانس برس». وقال النائب في البرلمان إيدن معروف: «بعدما توصلت الكتل البرلمانية إلى اتفاق حول كيفية توزيع صلاحيات رئيس الإقليم على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ستناقش هذا التوزيع في جلسة الأحد (اليوم)». وكان برلمان الإقليم قرر الأسبوع الماضي تجميد عمل هيئة رئاسة الإقليم التي تضم بارزاني، ونائبه كوسرت رسول وهو أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني، ورئيس ديوان الرئاسة فؤاد حسين. وصدر قرار تجميد الأنشطة الرئاسية لبارزاني بسبب عدم تمديد برلمان الإقليم ولايته الرئاسية مجدداً بشكل قانوني، ما يعني نهاية صلاحياته الرئاسية. وانتهت ولاية بارزاني في العام 2013، ثم تم تمديد فترته الرئاسية عامين بسبب هجمات «داعش» التي وقعت في 2014. ومن المقرر أن تشارك في جلسة اليوم حركة «التغيير» (غوران) المعارضة بعدما قاطعت جلسات سابقة بسبب خلافات سياسية، أبرزها الاستفتاء على الاستقلال. وقال معروف: «قررت حركة التغيير وكذلك الجماعة الإسلامية اللتان قاطعتا الجلسات السابقة، المشاركة في هذه الجلسة، لأنها مهمة لهم أيضاً حول توزيع صلاحيات رئاسة الإقليم». وكانت حركة «التغيير» دعت إلى استقالة بارزاني وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. من جهة أخرى، قتل ثلاثة أشخاص على الأقل وأصيب آخرون بجروح أمس، بعدما حاول انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً تفجير نفسه في مجلس عزاء شمال بغداد، وفق ما أفادت مصادر أمنية وطبية. وقال ضابط برتبة رائد في الشرطة لوكالة «فرانس برس» إن «انتحارياً بحزام ناسف حاول استهداف مجلس عزاء لأحد شهداء الحشد العشائري في جامع الأمير علي» في منطقة المشاهدة الواقعة على بعد نحو 40 كيلومتراً شمال بغداد. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها فوراً عن الهجوم، إلا أن تنظيم «داعش» عادة ما يتبنى اعتداءات مماثلة.