ساد هدوء حذر مناطق المعارضة في كينيا أمس، بعد يوم على تأجيل لجنة الانتخابات الاقتراع في اربع مقاطعات مضطربة شهدت صدامات دموية بين الشرطة ومتظاهرين. وكانت الشوارع في كيسومو، ثالث أكبر مدينة في كينيا ومعقل المعارضة، وأحياء فقيرة في نيروبي، هادئة أمس، على رغم أن الشرطة استخدمت غازاً مسيلاً للدموع لتفريق تجمّع في أحياء فقيرة في كاوانغوار. لكن غموضاً ما زال سائداً، بعدما قاطع زعيم المعارضة رايلا أودينغا جولة إعادة لانتخابات الرئاسة التي نُظمت الخميس، فتصدر الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا النتائج بفارق ضخم، علماً أن الاقتراع اتّسم بمشاركة جزئية وعنف دام. وكانت لجنة الانتخابات ارجأت التصويت في 4 من المقاطعات ال47 في كينيا إلى السبت، بسبب العنف. والتأجيل الجديد هو «حتى موعد غير محدد»، بسبب «خطر يهدد حياة» موظفيها. وكانت الانتخابات التي نُظمت الخميس بمثابة اعادة لتصويت نُظم في 8 آب (اغسطس) الماضي، وأبطلت المحكمة العليا نتائجه بسبب مخالفات في نقل النتائج، محملة اللجنة الانتخابية مسؤولية اقتراع «غير شفاف ويتعذّر التحقق من نتائجه»، في ما اعتُبرت سابقة في أفريقيا. وانسحب أودينغا من الاقتراع الجديد، شاكياً من أن العملية الانتخابية ليست ذات صدقية، بسبب تقصير في إصلاح اللجنة الانتخابية، علماً أن تحديه نتائج الاقتراع الأول أدى إلى إصدار المحكمة العليا حكمها. ودعا اودينغا أنصاره إلى مقاطعة «مهزلة» انتخابية، معتبراً أن الظروف لم تتوافر ابداً لتنظيم اقتراع شفاف. لكن بطاقات انتخابية تحمل اسمه كانت موجودة في مراكز التصويت. وكرّر دعوته إلى حملة عصيان مدني، لإرغام السلطات على الموافقة على تنظيم انتخابات جديدة في غضون 90 يوماً. وتواصلت أمس عمليات تجميع نتائج الانتخابات. وأفادت نتائج غير رسمية نشرتها صحيفة «ذي نايشن» بأن كينيانا قد يحصل على 97 في المئة من الاصوات، في مقابل أقل من 1 في المئة لأودينغا. وباتت نسبة المشاركة الضعيفة جداً (35 في المئة) تطرح مسألة شرعية كينياتا. وحذرت صحيفة «ديلي نايشن» أمس، من أن «الحوادث المتفرقة التي عايشناها في السابق، يمكن أن تتحوّل مواجهات تنجم عنها عواقب مأسوية. وإذا لم يُتخذ أي تدبير سريعاً، فمحتمل أن نتجه نحو هذا الوضع». وتذكّر الصحيفة بعنف إتني تخلّل انتخابات الرئاسة عام 2007، موقعاً 1100 قتيل ومسبباً تشريد 600 الف شخص. وقتل 49 فرداً منذ الانتخابات التي أُبطلت في 8 آب، معظمهم سقط لدى استخدام الشرطة العنف لقمع تظاهرات. وفي معاقل المعارضة الكينية، وقع عنف أسفر عن 9 قتلى منذ الخميس. وفي ضاحية كوانغواري في نيروبي، اندلعت صدامات بين مجموعات، خصوصاً بين اتنية «كيكويو» التي ينتمي اليها كينياتا، وهي الاكثرية في البلاد، وشبان من إتنية «ليو» التي ينتمي إليها أودينغا، وأُحرقت أكشاك لتجار ينتمون الى إتنية «كيكويو». وكشفت الأزمة الانتخابية مشاعر حرمان وتهميش في نفوس جزء من المجتمع الكيني، لا سيما إتنية «ليو». ومنذ استقلال كينيا عام 1963، كان ثلاثة من أربعة رؤساء من اتنية «كيكويو» التي تهيمن أيضاً على اقتصاد البلاد.