كثير ما يبتليك واحد من الصحويين ويحطك في رأسه «أقصد في قائمته البريدية»، وبالطبع معظم ما يرسل هو من الغث الذي تضيق به نفسك، وتحمل على التقيؤ «أعزكم الله»، لكن أن لكل فترة موضتها، وموضة هذه الأيام، الهجوم على إخوتنا الشيعة، فيكيل لهم هؤلاء «المرتزقة» أصحاب تلك القوائم البريدية، تهماً لا حصر لها ويندى لها الجبين، تبدأ من أعراضهم ولا تنتهي في وطنيتهم. تلك التهم التي تُفرق ولا تُجمع، تغوص عميقاً في الأنفس وتشرخها، وتصنع فيها جروحاً لا تندمل، بالطبع لدى الجميع اختلافات سياسية، لكن ليس من المقبول أن يكون أخوتنا الشيعة عرضة لكل تلك التهم في الأعراض والدين والوطنية. يمكن لهذا «المرتزق» وغيره من أصاحب القوائم البريدية أن يعلن عن اختلافه السياسي والايديولوجي، فنحن أول من نشرنا في الآفاق الحوار بين الأديان، ألا يكون من الأولى أن ننشر الحوار بين الطوائف، أو الحوار بين المذاهب. ألم نعترف قبل سنوات قليلة، وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، بثمانية مذاهب إسلامية أجزنا التعبد بها من ضمنها المذهب الشيعي، إذاً لماذا ننكص على أعقابنا؟ بعض الحركيين من خلال جنودهم في فضاء «الانترنت» الواسع استغلوا الأزمة الراهنة في البحرين، لتصفية حساباتهم مع الطائفة الشيعية، قد يكون بعض شيعة البحرين لهم ارتباطات خارجية، ويجب أن يحاسبوا عليها، لكن ما ذنبنا هنا في وطننا أن نجني على أبناء وطننا الشيعة ونحملهم وزر ما يفعله الآخرون. هل نقبل أن نتحمل ما فعله الإرهابيون في نيويورك ولندن وموسكو، أو حتى في الرياض؟ بالتأكيد لن يقبل أحد بذلك، إذاً لماذا نؤذي الناس في نتائج لحياتهم لم يختاروها؟ مَنْ اختار يوماً لونه أو شكله؟ من اختار يوماً أن يكون ذكراً أو أنثى، مسلماً أو مسيحياً، سنياً أو شيعياً؟ لم يختر أحد، الكل خرج إلى الدنيا ليجد نفسه على ما هو عليه الآن، لماذا نعذب الناس بأقدارهم، لماذا نحولهم إلى أعداء؟ ولماذا نسمح «لكتائب» الفتنة أن تعيث فساداً في مستقبلنا ومستقبل أبنائنا؟! المواطنة وإثباتها لا يعني أن نهاجم مكوناً من مكونات الوطن، المواطنة أن نبحث عن العيش المشترك، أن نتفهم قضايا الآخرين كما نطلب منهم تفهم قضايانا، هل تذكرون قضية حميدان التركي؟ هل تذكرون ذلك الشريط الذي وُجِه للمجتمع الأميركي؟ هل تتذكرون من كان فيه؟ كان به السني سلمان العودة، والشيعي حسن الصفار، إضافة إلى مشاهير كثر، كان قضية وطنية لم نفكر وقتها هل حميدان شيعي أم سني، كان فقط سعودياً. هذا ما نريد أن نكون عليه، ألا ننسى اتحادنا ووقفتنا مع بعضنا البعض. أتمنى تشريعاً يحرم فيه سب وقذف أبناء وطننا بكل أطيافهم، فيجب أن يعاقب من يتهم الناس في أعراضهم وفي عقائدهم، ومناطقهم، ويتهمهم بالعلمانية تارة، والصوفية تارة، والليبرالية والتغريبية، كلما أراد أولئك المدللون معاقبة الناس، وإيذاءهم في أغلى ما يملكون، لتحقيق مصلحة حركية ضيقة. [email protected]