طغت أزمة «استقلال» كاتالونيا على إحياء إسبانيا عيدها الوطني أمس، بعدما أمهلت مدريد رئيس الإقليم كارليس بيغديمونت حتى الخميس المقبل للعودة عن قراره، ملوّحة بتجميد نظام الحكم الذاتي في منطقته. وحضر الملك الإسباني فيليبي السادس ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي عرضاً عسكرياً تقليدياً، في ذكرى وصول المستكشف كريستوفر كولومبوس إلى القارة الأميركية عام 1492، بدعم من العرش الإسباني. ودُعيت الشرطة الوطنية للمشاركة في العرض، للمرة الأولى منذ 30 سنة، بعد أقل من أسبوعين على اتهامها بالتدخل بقسوة خلال الاستفتاء على استقلال كاتالونيا. ونشرت وزارة الدفاع تسجيل فيديو يُظهِر مقاتلات، مستخدمة هاشتاغ «نفتخر بأننا إسبان». وتدفق الإسبان على شوارع مدريد وعلّقوا أعلاماً وطنية في شرفاتهم في العاصمة، فيما تظاهر آلاف في شوارع برشلونة مرددين شعارات معادية للقياديين الاستقلاليين. وهتف متظاهرون «بيغديمونت الى السجن». وأعلنت وزارة الدفاع الإسبانية تحطّم مقاتلة من طراز «يوروفايتر» ومقتل طيارها، بعد مشاركتها في العرض، خلال مناورتها للاقتراب من مدرج الهبوط في قاعدة «لوس يانوس» الجوية. وكانت الحكومة المركزية نالت دعم الحزب الاشتراكي، أبرز تشكيلات المعارضة، قبل تفعيل المادة 155 من الدستور، والتي تمكّن مدريد من فرض سيطرة مباشرة على الأقاليم المتمتعة بحكم ذاتي، علماً أن ذلك لم يحدث في كاتالونيا منذ العام 1934. وتوصل الحزبان الى اتفاق لدرس إصلاح دستوري في الأشهر المقبلة، في محاولة لتسوية أخطر أزمة سياسية في إسبانيا منذ استعادتها الديموقراطية عام 1977. وقال رئيس الحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز ساخراً: «أُعلِن استقلال أحادي، ثم جُمِد، لكنه وُقِع لاحقاً»، متحدثاً عن «حفل عبثي». واتهم وزير الخارجية الإسباني الفونسو داستيس الانفصاليين بأنهم «قوة تدميرية تتغلّب على الديموقراطية وتدمّر دولة القانون وتضع الفضاء الأوروبي في خطر». لكنّ ناطقاً باسم حكومة كاتالونيا لفت الى أن إعلان الاستقلال «رمزي» الآن. وكتب بويغديمونت على موقع «تويتر»: «نطلب حواراً، يأتينا الجواب بوضع المادة 155 على الطاولة. مفهوم. يخافون من الحوار أكثر ممّا يخافون من العنف». وكان رئيس الوزراء ماريانو راخوي أمهل بيغديمونت حتى الساعة العاشرة صباح الإثنين المقبل، لتوضيح موقفه من مسألة إعلان الاستقلال. وإذا أصرّ الزعيم الانفصالي على موقفه أو لم يُجب، تمنحه الحكومة مهلة إضافية تنتهي عند الساعة العاشرة الخميس المقبل، للتراجع عن قراره، قبل تفعيل المادة 155 من الدستور. وندد راخوي ب «قصص خرافية» لدى الانفصاليين مؤكداً أن «لا وساطة ممكنة بين القانون الديموقراطي والعصيان، واللاشرعية». أتى ذلك بعدما أشار بيغديمونت الى نيله «تفويضاً لأن تصبح كاتالونيا دولة مستقلة في شكل جمهورية»، مستدركاً بوجوب «تجميد آثار إعلان الاستقلال لإجراء محادثات في الأسابيع المقبلة، لا يمكن من دونها التوصل الى حلّ مقبول». وتابع أمام برلمان الإقليم: «لسنا مجرمين ولا مجانين ولا مدبّري انقلاب ولا مُجبرين، نحن أناس عاديون يطلبون أن يُسمح لهم بالتصويت ومستعدون لكل تفاوض ضروري للتوصل الى مسار مقبول» لحلّ الأزمة. وتواصل أوساط الأعمال، القلقة من عدم الاستقرار في الإقليم، الضغط على الانفصاليين، عبر نقل مقار شركات الى خارج كاتالونيا. ونقلت الأربعاء شركة التأمين «أكسا إسبانيا» ومجموعة أفران «بيمبو» المكسيكية، الأولى عالمياً، مقرّيها الى خارج كاتالونيا. وأعلنت ناطقة باسم الخارجية الصينية أن بلادها «تتفهم وتدعم مساعي الحكومة الإسبانية لحماية الوحدة الوطنية وسلامة الأراضي». وتابعت أن بكين تعتقد بأن إسبانيا قادرة على ضمان الأمن الاجتماعي ومصالح الشعب، بما يتماشى مع القانون.