الجيش اللبناني يتهم إسرائيل ب"خرق" اتفاق وقف إطلاق النار "مرات عدة"    العروبة يستعيد انتصاراته بالفوز على الفيحاء    أول امرأة تؤلّف كتاباً عن السبح.. تمزج التراث بالابتكار في معرض "بَنان"    بوتين لا يستبعد استهداف «مراكز صنع القرار» في كييف    فرع ⁧‫هيئة الصحفيين السعوديين‬⁩ في ⁧‫جازان‬⁩ يختتم برامجه التدريبية بورشة عمل "أهمية الإعلام السياحي    السفير الأميركي: سعيد بمشاركة بلادي في "بلاك هات"    برشلونة يعول على عودة جمال لتصحيح مساره في الدوري    التعاونية توقِّع شراكة جديدة مع شركة اليسر للإجارة والتمويل (اليسر) لصالح قطاع التأمين على الحياة    إعادة انتخاب المملكة لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الإفتاء في منطقة جازان    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    طلاب مدارس مكتب التعليم ببيش يؤدون صلاة الاستسقاء في خشوع وسط معلميهم    برعاية أمير جازان.. الأمير محمد بن عبدالعزيز يفتتح المعرض التقني والمهني بالمنطقة    وزير الداخلية يلتقي رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية التوحد بالمنطقة    بناءً على توجيه ولي العهد .. عبدالعزيز بن سعود يلتقي رئيس الجزائر    الرياض تستضيف غدًا نهائيات دوري المقاتلين المحترفين للمرة الأولى في المملكة    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    وزير البلديات يقف على مشروع "الحي" بالمدينة    تأهيل عنيزة يستضيف مؤتمر جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الدولي الشهر القادم    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    الكشافة يؤكدون على أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    شخصنة المواقف    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعد بن طفلة: لن نتغيّر ونحن «نخلط» في مناهجنا بين الدين والعلوم
نشر في الحياة يوم 29 - 03 - 2011

سنة واحدة قضاها الدكتور سعد بن طفله العجمي وزيراً للإعلام في الكويت، كانت كفيلة بإشعال المعارك والحروب ضده من كل أطياف الطبقة الثقافية والإعلامية في الكويت، يرى أنها كانت بأوامر عليا. العجمي بعد عام الوزارة دفع بخيار المبادئ على حساب خيار السياسة فاستقال، يرفض تكرار التجربة لو عرضت عليه كرة أخرى، وينصح في حواره مع «الحياة» من يتسلم الوزارة أن يقوم بإلغائها وتصفيتها.
وأمام عاصفة التغيير في المنطقة العربية، وثورات الشعوب، يطالب العجمي قادة الخليج بالأخذ بزمام المبادرة، والتغيير نحو اتحاد خليجي «كونفدرالي» يقف صامداً أمام رياح التهديد والأخطار المحدقة بالمنطقة.
استذكر العجمي الكثير حول تجربة الوزارة، وأعطى وصفات تعزز من ديمقراطية الكويت، ودافع كثيراً عن سياسة صحيفته الأولى إلكترونياً في الكويت ...فإلى تفاصيل الحوار.
بررت استقالتك من منصبك كوزير للإعلام في دولة الكويت بأنك وجدت نفسك أمام خيارين لا ثالث لهما: إما المبادئ أو السياسة، فاخترت المبادئ واستقلت من الوزارة، ألا توجد مبادئ في السياسة عموماً وفي السياسة الكويتية خصوصاً؟
- بلى توجد مبادئ في السياسة، ولكني دفعت لأن أختار بينهما، فاخترت المبادئ على السياسة. كان بالإمكان البقاء والتمسك بكرسي الوزارة أطول مدة ممكنة - مثلما يفعل كثيرون - لكني آثرت الموقف على الأضواء والكرسي البراق، فقدمت استقالتي من الوزارة بعدما وجدت نفسي غير قادر على تقديم ما كنت أنشده وأطرحه في ندواتي وأطروحاتي.
في رصد أجراه الكاتب حمزة عليان في صحيفة »الوسط» البحرينية لتاريخ الرقابة على الصحافة الكويتية بين العامين 1928 و2010، ورد أنه جرى منع 1220 كتاباً وحجز أكثر من 2050 كتاباً في عهد وزارة سعد بن طفلة العجمي، ألا يتناقض المنع والحجز مع مبادئكم في حرية الرأي والتعبير والنشر؟
- لم أر هذا الرصد، وموقفي من المنع معلن عندما كنت وزيراً، فقد رفضت المنع وأعلنت سياسة «البراءة من النشر والعرض»، بمعنى ألا تمنع الوزارة كتاباً، ولا تعرض على رفوفها الرسمية كتاباً ترى أنه لا يتوافق مع ما تقره لجنة رقابة الكتب التي ورثتها من الوزارات التي تعاقبت على الوزارة قبل مجيئي.
وقد جئت للوزارة في صيف 1999 بعد منع الكتب بمعرض الكتاب المقرر في تشرين أول (أكتوبر) من العام نفسه، واستقلت في خريف 2000 قبل المعرض الذي يليه، ولئن كان قد توصل الباحث إلى أرقامه تلك وربطها بعهدي، فعليه مراجعتها ومراجعة بحثه.
في العام 2000 قاطعك رؤساء تحرير الصحف الكويتية الناطقة بالعربية لثمانية أشهر بسبب موقفك بقبول مبدأ التعطيل الإداري للصحف وسحب الترخيص من دون أمر من القضاء كما حصل مع صحيفتي «السياسة» و«الوطن» آنذاك، لماذا قبلت في ذلك الوقت هذا القرار وغيره من قرارات المنع والحجز، هل يجوز للسياسي ما لا يجوز للمثقف ويرى ما لا يراه؟
- رؤساء التحرير قاطعوني بأوامر «عليا»، وليس احتجاجاً على قرار غلق أي صحيفة في عهدي، فلقد كنت وزير الإعلام الوحيد في تاريخ الكويت الذي لم يحل للنيابة في عهده لا صحافي ولا صحيفة، فكيف لمن رفض إحالة الصحف والصحافيين للمحاكمة أن يقبل بتعطيل الصحف؟ لقد كانت فرية كبرى وأتحدى كائناً من يكون أن يثبت عكس ذلك.
أثناء تقلدك وزارة الإعلام في دولة الكويت أعددتم قانوناً جديداً للمطبوعات «ليس فيه إغلاق لأي صحيفة ولا يحتوي على أية عقوبة سجن لأي صحافي يعبر عن رأيه وإنما ثمة تشديد في العقوبة» على حد تعبيركم، ألا ترى أن تشديد العقوبة قد يفوق أحياناً في قسوته الحكم بالسجن أو المنع وحائلاً دون حرية الرأي والتعبير؟
- ما قدمته كان يحتوي مبادئ أؤمن بها بعدم حبس أي صحافي أوغلق أي صحيفة، أما العقوبة المالية فكانت مسألة قابلة للنقاش والموافقة عليها من عدمه لا يتم إلا من البرلمان، ولكن المهم هو أن القانون الذي تقدمت به لم يخرج من الأدراج ولم ير النور، وكان من أسباب استقالتي الأساسية.
قلتم أيضاً إن قانون المطبوعات «هو تمييز جديد بثوب عصري يفرق بين حرية الرأي وحرية الفوضى»، من يقدر ويقرر أن ما ينشر أو يقال هو حرية رأي أو حرية فوضى؟
- لسنا من اخترع العجلة، ولسنا من وضع أسس الحرية والديمقراطية لا في الكويت ولا في العالم العربي عموماً، والدول الديمقراطية المتقدمة من الهند حتى النروج لديها قوانين تميز بين حرية التعبير وبين القدح والتشهير، وهذه ليست مقولة سعد بن طفلة بل مبادئ يؤمن بها كل من يؤمن بحرية التعبير المسؤولة.
لذا نرى أن هناك قوانين في الدول الديمقراطية العريقة تجرم نشر خطاب الكراهية وتوقع عقوبات قاسية لمن يتعرض لحياة الأشخاص بسبب لونهم أو دينهم أو أصلهم أو معتقدهم.
أين أخطأ وأين أصاب سعد بن طفلة العجمي في تجربته الوزارية؟ ولو عرض عليك اليوم منصب وزير الإعلام هل ستقبل؟ ومن واقع التجربة بماذا تنصح كل من يتسلم وزارة الإعلام في دولة الكويت؟
- أخطأ سعد بن طفلة كثيراً لأنه اجتهد وعمل كثيراً، أما الصواب فحكمه للآخرين وللتاريخ، ولن أقبل حقيبة وزارة الإعلام ثانية.
وأنصح من يتسلم وزارة الإعلام أن يعمل على إلغائها وتصفيتها فهي مؤسسة عفا عليها الزمن، وهذا كان برنامجي الرئيسي، وهو إلغاء وزارة الإعلام وهو ما لم يتم فآثرت الاستقالة.
لماذا يختلف حال الكاتب والمثقف في منطقتنا عندما يكون مسؤولاً؟
- بعضهم يختلف حاله وبعضهم لا يختلف. أنا دخلت الوزارة بثوب أبيض وخرجت منها بثوب أبيض، وبذمة مالية نقية، وغيري كثيرون حافظوا على نقائهم في أدائهم لعملهم، لكن المثقف حين يستلم المنصب التنفيذي يتوقع منه المراقبون المستحيل بين عشية وضحاها، وهو أمر يخالف الواقع.
وكثيرون حادوا عن مبادئهم، لكن البعض بقوا مخلصين لما يؤمنون به وأنا أدعي بأني من هذه الفئة.
فترة خطرة
كتبت مقالاً عنوانه «... والتغير في الخليج طال عمرك؟» من وحي التغيير الذي حدث في مصر وتونس، برأيك ما المساحة الممكنة للتغيير وما الخطوط التي تقف عندها؟
- التغيير سنة الحياة، ودليل البقاء والاستمرار، والتغيير الذي أنشده هو الذي يأخذ في الاعتبار التغيرات الكونية الهائلة ويستثمر ثورة التكنولوجيا لنقل مجتمعاتنا من التخلف إلى مصاف العالم المتقدم. والتعليم النوعي هو المفتاح لخلق جيل خليجي جديد.
ولا يمكن أن يتم ذلك ونحن لا نزال نخلط في مناهجنا وفي مدارسنا بين الدين والمعتقدات الثابتة، وبين العلوم الطبيعية المتحركة والمتغيرة واللامتناهية. وهو تغيير يعزز الحريات الاجتماعية والسياسية والفردية ويحارب الفساد الذي تزكم رائحته الأنوف ويؤسس لأنظمة قضائية مستقلة وعادلة.
كما أنني أتمنى أن يحل قريباً اليوم الذي أرى فيه وحدة خليجية «كونفدرالية» تعزز من ثقل المنطقة العربية، وتكون حامياً لمنطقتنا وشعوبنا من أخطار المنطقة.
بين ثورات داخلية بدأت في المنطقة، وجارة كبرى لا تكف عن المطامع، وخلافات لا تنتهي بين أبناء العمومة، إلى أي اتجاه يسر مصير الخليج ووحدته؟ وهل ترى أن دوله قادرة على استيعاب تحديات الداخل والخارج؟
- لا شك بأن منطقتنا تعيش فترة خطرة، وهي كانت كذلك منذ زمن بعيد، ولا مناص ولا خلاص إلا بخلاص الجميع في الخليج العربي.
وهذا الخلاص يتطلب شعوراً بالمسؤولية وتجاوزاً للسيادة القطرية من أجل تنسيق خليجي وحدوي في مجال الدفاع والسياسة الخارجية والسياسات الاقتصادية.
وهو إنسان واهم من يعتقد بأن الوفرة النفطية الموقتة تكفي لبقائه مستقراً، ولا سبيل سوى بالوحدة الخليجية قبل فوات الأوان.
هناك من يطرح حلاً بإحداث نظام اتحادي من شأنه أن يحمي دول الخليج الصغيرة من التحديات الآنية والمستقبلية، هل تتفق مع هذا الرأي؟
- لقد بحت أصوات المخلصين من أبناء الخليج بضرورة الوحدة الخليجية، وتعزيزها ببرلمان خليجي شعبي، وبمحكمة عدل خليجية تحل النزاعات الناشئة والقائمة بين الدول الأعضاء، وتوقع عقوبات واضحة على من يتلكأ في تنفيذ قرارات القمم الخليجية، لقد سئم الجيل الخليجي من الانتظار لأكثر من ثلاثة عقود ما تحقق خلالها هو أقل من الطموح بكثير.
بعد أزمة الحكومة الكويتية الأخيرة مع أعضاء في مجلس الأمة طرحت مطالبات بخصوص إيجاد حكومة شعبية يرأسها وزير من خارج الأسرة، هل تؤيد هذه المطالب؟
- لا يوجد في الدستور الكويتي ما يحول من دون هذا المطلب، وقد طرحت أكثر من مرة أن معضلة السلطتين هو بغياب نظام الجمعيات السياسية-أو قل الأحزاب السياسية- التي تشكل أكبر رابحيها في الانتخابات الحكومة أو على الأقل توافق على رئيس الحكومة.
تشهد الكويت أوبةً من الكثير من المثقفين والمواطنين إلى الطائفة والقبيلة، هل هذه العودة هي بمثابة إسقاط لمبدأ الوحدة الوطنية وصهر مكونات المجتمع الكويتي في مفهوم المواطنة؟
- تمر المنطقة برياح عاتية من الطائفية والتفتت العرقي والديني، وتغذي هذا التفتت إيران الطائفية من جهة وإسرائيل المعتدية المحتلة من جهة أخرى، كما أن غياب الدولة المدنية العربية الحديثة يسهم في تكريس هذا التفتيت سواء في الكويت أو في غيرها.
ومع هذا فإني أعتقد أن الوحدة الوطنية الكويتية أقوى من غيرها المحيط بكثير، نتيجة لوجود دستور يساوي بين مواطنيها كافة بغض النظر عن أصلهم أو دينهم أو جنسهم، ونتيجة لإرثهم النضالي في تلاحم دماء الكويتيين بكل فئاتهم إبان الاحتلال العراقي قبل عشرين عاماً.
بعد الضرب الذي تعرض له الأكاديمي عبيد الوسمي من الأمن الكويتي كنت من ضمن مجموعة رشحته للظفر بجائزة نوبل للسلام، هل كنتم بهذه المبادرة في حال مشاكسة مع الحكومة، أم أن الأمر على محمل الجد؟، وهل قل الناشطون السياسيون الذين تعرضوا للضرب والاعتقال في العالم ولم يتبق سواه؟
- أتحفظ على السؤال لتساؤله عن جدية الترشيح، فمن قام بترشيح الدكتور الوسمي نواب في البرلمان وأساتذة جامعات وحقوقيون ومحامون ووزراء سابقون ومنظمات مجتمع مدني وغيرها.
وبالتالي فإن المسألة ليست بمزحة بل قناعة من الموقعين على ترشيح الدكتور الوسمي.
وهو أكاديمي مميز في قانون المرافعات ودرس في أرقى الجامعات وتناول مواضيع مهمة وجريئة تخص تعزيز استقلالية القضاء وترسيخ العدالة وإيجاد قانون «مخاصمة القضاء»، وهي مسائل تتطلب جرأة وإيماناً بدولة القانون وسيادته على الجميع من دون استثناء.
وقد عبر الدكتور الوسمي عن ذلك بشكل سلمي من خلال القول والكتابة، وتم قمعه بوحشية وعنف بسبب رأيه ثم زج به في السجن ولفقت له التهم، فإن كان من قام بذلك العمل البطولي لا يستحق جائزة نوبل للسلام فمن يستحقها: بيغن والسادات أم عرفات وبيريز؟
أما هل قلّ الناشطون الذين تعرضوا للضرب والاعتقال، فالإجابة: نعم، فلم يضرب مواطن كويتي منذ دخول الكويت في العهد الدستوري منذ 50 عاماً وأمام الملأ وبهذا الشكل المبرح من قبل.
إما إن كنت تقصد الناشطون في دول أخرى، فهم كثيرون لكن نظام ترشيح الجائزة لا يسمح لنا بترشيح من هم خارج بلادنا، ومن لديه من يستحق الترشيح في بلاده فأنا أحثه ألا يتردد بذلك.
النشر الإليكتروني
توسيع هامش الحرية في صحيفة «الآن» الإلكترونية ألا يجر الويلات عليكم...؟
- نحن كناشرين لصحيفة «الآن» ندفع ثمن إتاحة مجال أوسع للحرية فكثير من الأصدقاء غضبوا من الأسلوب الذي يتيح للجميع انتقاد الجميع ونحن نقدر هؤلاء ونعتز بهم ولكننا لا نتفق معهم في ذلك فناشر التحرير يتعرض للنقد كما غيره والإيمان بتوسيع هامش الحريات نطبقه على أنفسنا قبل غيرنا .
نحن لا نقول إن الحقيقة لدينا ولكننا نحاول البحث عن الحقيقة ما أمكن ولهذا لنعذر إذا كانت هناك فجوة بين القول والعمل فجزء مما نقوم به يأتي ضمن سياق الصراع بين الخير والشر ولهذا فليس هناك بشر منزه وكامل .
ونحن نستثمر في المستقبل فالمستقبل سيكون للنشر الإلكتروني وليس للإعلام المطبوع ولابد من التذكير أن إنشاء صحيفة الآن كانت فكرة للزميل مبارك العدواني ولكنه ترك ذلك لانشغاله في العمل في الأمم المتحدة .
والصحيفة يتصفحها نحو أكثر من 55 ألف متصفح يومياً والعدد يتصاعد بحسب موقع «اليكس» المتخصص في معرفة عدد المتصفحين وهو موقع مفتوح للجميع للتأكد من هذه الأرقام كما أن من هؤلاء يزورنا بشكل مباشر نحو 26 ألف متصفح في حين يأتي الباقي من مواقع أخرى .
هل تفكرون في تحويلها إلى صحيفة مطبوعة...؟
- لا نفكر في التحول إلى صحيفة مطبوعة لأننا لا نملك أن نصرف 3 ملايين دينار سنوياً كلفة الصحيفة المطبوعة في العام كما أننا ندرك أن المستقبل سيكون للنشر الإلكتروني فهناك صحف عريقة تحولت من المطبوع إلى النشر الإلكتروني مثل صحيفة «كريستيان ساينز مونتير» الأميركية ، ومثل مجلة «لايف ماجازين» ومجلة «المجلة» السعودية .
ماهي آلية اختيار المقالات التي تنشر؟
نشر المقال يخضع لأمور عدة من أهمهما مدى علاقتها في ما يدور في الساحة المحلية وعلى سبيل المثال معظم مقالاتي في جريدة الشرق الأوسط اللندنية وجريدة الاتحاد الظبيانية لا تنشر في الجريدة لا إذا كان لها علاقة في الواقع المحلي وكانت ترقى إلى مستوى الحدث كما أن نشر مقالات ناشر التحرير الزميل زايد الزيد تأتي لأنه كاتب تحقيقي يهتم بنشر القضايا لا مجرد الآراء
كثرة القضايا عليكم... كيف تعاملتم معها...؟
- بداية أقدم شكري لكل المحامين الذين تطوعوا بالدفاع عن الصحيفة في القضايا التي رفعت ضدها وانتهت معظمها إما بالبراءة أو بالحفظ لعدم انطباق قانون المطبوعات والنشر على النشر الإلكتروني وعلى رأسهم الماحمي الشهير بمحامي الحريات الحميدي السبيعي.
ولابد أن نعرف أنه لا توجد حقيقة مطلقة في الكون فيما عدا الله سبحانه وتعالى فهو الحقيقة المطلقة ولهذا لا نقول أن كل ما تقوله الآن أو تنشره هو الحقيقة المطلقة فنحن بشر نصيب ونخطئ .
وأقوى سيف سلط على صحيفة «الآن» في مشوارها هو قول النائب العام بأن قانون المطبوعات والنشر لا ينطبق عليكم فذلك الأمر جعل مهنيتنا وأخلاقياتنا هي الحكم ما يجعل الأمر أصعب من مسألة تطبيق قانون .
الفشل في حياتي
في مشوارك الممتد والمتنوع، كيف تقرأ « الفشل « في حياتك، وهل تجده هزيمة كبرى...؟
- الفشل الذي واجهته في حياتي هو سؤال يمتزج بالعبط والذكاء معاً، فلقد أبدعت بمواجهة موضوع الفشل الشخصي في مسيرة حياتي، وصعوبة الجواب تتأتى من ناحيتين:
أولاً: كونها تحاول زعزعة كبرياء عروبي عندي يصل إلى درجة متقدمة من المكابرة وهو صلب كالصخر وصلد كالجلمود، بناه لنا بنو يعرب كابراً عن كابر، وورثناه عنهم بكل عز وفخار ومكابرة، وجوهره أننا لا نحب أن نعترف بالفشل، فالفشل كلمة تنم عن الخيبة.
وكم كنت أتمنى لو أن سؤالك كان حول الإخفاقات وليس الفشل، ذاك أن كلمة الإخفاق تعني الكبوات التي يمر بها المرء في طريق حياته، بينما لكلمة الفشل مدلول يوحي بالوصمة والختام والنهاية.
وثانياً: أن طرح هذا السؤال قدمني كمن هو في خريف عمره، أو كمن أعلن التوقف عن الطموح والاستسلام للزمن، وأنا لست كذلك، بل ربما كم تمنيت أن أكون كذلك، فأنا لا أزال في منتصف العمر، وبالكاد جاوزت الخمسين عاماً من عمري، وطموحي في الحياة يعانق عنان السماء، وإذا طال بي العمر فإنني سأحقق نجاحات أخرى في حياتي مصحوبة بالإخفاقات بين الحين والآخر، وهكذا هي الحياة، وهذه هي الدنيا.
ولعل من نافلة القول أن الفشل إذا ما عنينا به الإخفاق هو الذي يعطي النجاح كينونته، تماماً مثلما يعطي الليل للنهار نوره، ومثلما يمنح الظلام للنور بصره، ومثلما يعطي المرض للعافية طعمها، ومثلما يعطي الجوع للشبع كفايته، ومثلما يتفضل القهر على العزة بنشوتها، ومثلما يهب القمع الحرية لذتها، وهكذا، أي أن الفشل والنجاح متلازمان، وما كان لأحدهما أن يدرك لولا الآخر.
والحق أني مؤمن إيماناً راسخاً بأن الاستمرار في الحياة يتطلب الاستمرار في النجاح، فكل عمل يومي روتيني بسيط يقوم به الإنسان بالشكل المطلوب يعد نجاحاً، وعلى الناجح أو من ينشد النجاح والاستمرار ناجحاً أن يعمل على تحويل كل فشل يمر به في حياته إلى نجاح، فالطريقة الوحيدة لتجاوز الفشل والتغلب عليه، هي بتحقيق النجاح، فلا يزيل الفشل سوى النجاح، ولا يوقف النجاح سوى الفشل.
هل تؤمن أن الفشل بوابة النجاح...؟
- نعم، الفشل الذي واجهته في حياتي متعدد بتعدد النجاحات التي حققتها أيضاً، ولعل أكبر فشل واجهته في حياتي ولا أزال أعانيه حتى الآن هو عدم قدرتي على التوفيق بين المبادئ والقيم التي أؤمن بها وبين ممارستي السياسية.
ولقد كان هذا التنافر بين المبادئ والسياسة في حياتي في أوج تنافره يوم تبوأت كرسي الوزارة، إذ فشلت أن أكون مثل كثيرين في عالم السياسة يقولون ما لا يفعلون، ويشار لهم بإعجاب على أنهم من دهاة السياسة وجهابذتها.
ولقد بذلت قصارى جهدي كي أوفق بين المبدأ والموقف ففشلت في ذلك أيما فشل، ووجدت نفسي أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما المبادئ أو السياسة، فكان أن اخترت المبادئ واستقلت من الوزارة.
والمحير في الأمر هو أني لا أعرف إن كنت أريد أن أتخلص من عقدة الفشل هذه أم لا، فالتخلص منها يعني التنازل عن المبادئ، والتمسك بها يعني الاستمرار في الفشل. وأعتقد أن الفشل الآخر الذي واجهته في حياتي هو عدم تثبتي مما كنت أنشد تحقيقه بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة الجامعية، فلقد مررت بمرحلة من التردد استمرت لمدة سنة تقريباً، رحلت خلالها إلى فرنسا للدراسة ثم عدت إلى الكويت لأرحل من جديد إلى الولايات المتحدة الأميركية للحصول على شهادة الماجستير.
إذاً مالفشل الذريع الذي منيت به؟
الفشل الذريع الذي منيت به ولا أزال أعايشه بكل جدارة وتفوق فهو فشلي في أن أكون شاعراً، فقد ترعرعت بين كنف بنت عدنان، ونهلت من أمهات دواوين شعرها، وكان أبي رحمه الله شاعراً شعبياً (نبطياً) وخطيباً مفوهاً وإماماً بالمعايشة، ومن القلائل بين أقران زمانه الذين كانوا «يفكون الخط» بالفطرة، وكل هذا كان يدفعني ببلاهة إلى الاعتقاد أنني شاعر أو لابد أن أكون كذلك.
وسأذيع لك سراً وهو أن لي محاولات مخجلة لم أتجرأ على إخراجها إلا لبعض المقربين جداً، والذين كانوا يجاملونني بقولهم «إن لي مستقبلاً» وها هو العمر يمضي ولم أتبين مستقبل قريحتي الشعرية بعد، وعسى أن اعترافي بهذا الفشل بداية التوقف عن محاولاتي اليائسة في أن أكون شاعراً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.