وقع انفجار عند الرابعة والربع فجر أمس أمام الباب الجانبي لكنيسة «السيدة» للسريان الأرثوذكس في محلة المدينة الصناعية في زحلة في البقاع الاوسط، وعلى بعد مئات الامتار من مكان اختطاف الأستونيين السبعة الاربعاء الماضي. وأفادت مصادر أمنية «الحياة»، بأن الانفجار نجم عن عبوة تزن كيلوغراماً ونصف الكيلوغرام من مادة «تي أن تي»، وهي من صنع يدوي محلي، مربوطة بسلك فيه بطارية خليوي وجدت في مكان التفجير واستخدمت كجهاز تَلَقٍّ لأمر التفجير من بعد. وأكدت أن التفجير تم لاسلكياً. وتسبب الانفجار بخلع باب الكنيسة وتضرر الكراسي في الصالون الرئيسي وتطاير الأغطية الخارجية لمكيفات التبريد، وكذلك تضرر 7 سيارات كانت متوقفة على مقربة من الكنيسة. وعلى الفور حضر النائب العام العسكري القاضي سامي صادق وكشف على مكان الانفجار، واطلع من القادة الامنيين على التحقيقات، وأغلق المكان وباشرت الأدلة الجنائية أخذ البصمات والأدوات. وترأس مطران زحلة للسريان الأرثوذكس بولس سفر الصلاة في الباحة الخارجية للكنيسة، واعتبر في العظة ان «الانفجار هو رسالة لضرب الوضع الأمني في لبنان». وتلقى سفر اتصالات منددة بالحادث من عدد كبير من الأفرقاء السياسيين، على رأسهم الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي اطلع منه على المعطيات المتوافرة حول التفجير، وأبدى سفر تقديره للتحرك السريع للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وكل الاجهزة الامنية. كما تلقى اتصالات من كل من الرئيس السابق امين الجميل، ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي عبّر عن تضامنه مع سفر ومع أبناء الطائفة وأهالي مدينة زحلة، مؤكداً على اتخاذ الإجراءات الضرورية للكشف عن منفذي الاعتداء وإحالتهم إلى القضاء المختص، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، الذي أبدى له استنكاره للتعرض للكنيسة والأماكن الدينية، ورئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون، ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وعضو المكتب السياسي في «حزب الله» غالب ابو زينب، وشخصيات. وأمت دار الكنيسة شخصيات ووفود شعبية زحلية وبقاعية مستنكرة حادث التفجير، وأوفد الرئيس السابق للحكومة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة، النائبَ عاصم عراجي الى مكان الانفجار، معلناً تضامنه مع الطائفة السريانية. وتفقد اعضاء كتلة «نواب زحلة» طوني أبو خاطر وإيلي ماروني وجوزف المعلوف مكان الانفجار، ودانوا الحادث، وربط ماروني بين انفجار المدينة الصناعية في زحلة واختفاء الأستونيين السبعة، معتبراً «ان الأمر يؤدي الى ضرب الاستقرار في البقاع الأوسط وزحلة». ورأى عضو كتلة «المستقبل» النيابية زياد القادري، أن «ما يجري في البقاع يبعث على القلق وينذر بعواقب وخيمة، في ظل توالي الأحداث الأمنية، من خطف الأستونيين إلى تفجير كنيسة السيدة للسريان الأرثوذكس في زحلة». واعتبر أن تفجير الكنيسة «عمل إرهابي يستهدف كل البقاع، وهو عمل مدبر وليس بريئاً، ويندرج في إطار مخطط فتنوي يرمي إلى تعكير صفو العيش الواحد في المنطقة وضرب الاستقرار وترويع المواطنين، مما يحتم على السلطات الأمنية المختصة أن تضرب بيد من حديد، وتضع حداً للفلتان الأمني والميليشيات المسلحة التي تسرح وتمرح من دون حسيب أو رقيب، لكي لا تكون الأحداث الأمنية في البقاع مقدمة لمسلسل إرهابي يعمّ كل لبنان ويستعيد الصورة السوداء لتفجيرات وأعمال خطف تتنقل بين المناطق بهدف خلق الفتنة المنبوذة منا جميعاً، مسلمين ومسيحيين». واعتبر عضو الكتلة نفسها نبيل دي فريج، ان «هذا العمل يصب في خانة مسلسل التعرض المستمر للأقليات المسيحية، وذلك ينطوي على مخاطر كثيرة، لما تمثل هذه الأقليات من حضور وطني وعربي في هذا الشرق، الذي يجب تعزيزه وحمايته». واعتبر أن ما «يحدث يبقى نتاج الخطاب السياسي والتهديدي الذي تنامى في الآونة الاخيرة، بحيث تم التعرض لدول شقيقة داعمة للبنان واقتصاده وكل أبنائه، ما يعني ان لبنان بات في عين العاصفة سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ومن الضرورة بمكان معالجة هذه الأوضاع قبل استفحالها، في ظل مواصلة تداعيات انقلاب المعاطف السود». ودعا عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النيابي نبيل نقولا الى «وضع حد لهذه الظاهرة وكشف الفاعلين باسرع وقت». ورأى آن «الاعتداء المستهجن على الكنيسة يأتي من ضمن مسلسل التفكير الاصولي في المنطقة». قباني وقبلان ووصف المفتي قباني الانفجار ب «العمل الإرهابي، ومحاولة لزعزعة الأمن والاستقرار في لبنان، للنيل من وحدة أبنائه وسلمهم الأهلي، ويأتي هذا التفجير للدس والوقيعة بين المسلمين والمسيحيين من يد عميلة تريد أن تشغل اللبنانيين عن قضاياهم الوطنية الراهنة بفتنة طائفية، ويأتي ضمن المؤامرة على لبنان وشعبه». ودعا القوى الأمنية إلى «تكثيف إجراءاتها والسهر على أمن اللبنانيين وتأمين وسائل التحصين والرعاية اللازمة كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث المؤسفة، والضرب بيد من حديد على من يثبت التحقيق ارتكابه هذه الجريمة». واستنكر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الامام الشيخ عبد الأمير قبلان الاعتداء على كنيسة السيدة، واصفاً اياه ب «العمل التخريبي الذي يحمل بصمات إرهابية تهدف الى اثارة الفتنة وزعزعة الامن والاستقرار في لبنان ويتماشى مع مشروع الفتنة المذهبية الذي تعيش المنطقة تحت وطأته، ما يستدعي ان يتنبه اللبنانيون ويحذروا مما يحاك من مؤامرات وفتن، فيتصدوا لها بتحصين وحدتهم». وطالب الجيش اللبناني والأجهزة الامنية بتكثيف التحقيقات لكشف الفاعلين ومعاقبتهم. وتوجه الى السياسين في لبنان، داعياً اياهم الى «استشعار الخطر الذي يتهدد المنطقة بفعل تنامي الفتنة المذهبية التي تقف دوائر استعمارية وراءها، وعليهم مقاربة ما يجري حولهم في تعاطيهم الشأن السياسي الداخلي، فيبادروا الى تشكيل حكومة إنقاذ وطني».