4,546 كم رحلة جائزة «سيف السعودية 2025»    انطلاق أعمال القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025    أردوغان: سوريا على موعد مع النهضة وسنؤسس مع الشرع لمنطقة خالية من الإرهاب    الزي السعودي يكسو مدرجات «فارس العرب»    خبير فلسطيني ل«عكاظ» مخططات إسرائيل لضم الضفة الغربية خطير    زيلينسكي : منفتحون على الاستثمار مع الشركات الأميركية    الخريّف: السعودية تعزز الشراكة مع الهند في قطاعات حيوية    تأهب عالمي ضد "رسوم ترمب".. عواصم تدعو للرد بحزم    رئيس مجلس الشورى يصل تايلند في زيارة رسمية    الانضباط تغرم النصر    سمو أمير الشرقية يترأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة جمعية البر لعام ٢٠٢٥م    10 قتلى إثر إطلاق نار في مدرسة بالسويد    120 طالباً يشاركون في انطلاق مبادرة "الرؤية الابتكارية" من جامعتي الإمام عبد الرحمن بن فيصل واليمامة    «رونالدو» يدخل عامة ال40 بإنجاز جديد    إحباط تهريب (440) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في جازان    مجلس تعليم جازان يعقد اجتماعه الأول للعام الدراسي 1446ه    السماح للشركات الأجنبية المشغلة للطائرات الخاصة (بالطلب) بنقل الركاب داخليًا في المملكة    جارديم يتولى تدريب كروزيرو البرازيلي بعد ساعات من رحيله عن العين    حماس: مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت    كرسي أرامكو للسلامة المرورية بجامعة الإمام عبد الرحمن يطلق دورة تدقيق سلامة الطرق    ضم هيئة التأمين إلى عضوية اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال    محافظ الأحساء يكرّم مدير شرطة المحافظة السابق    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    مدينة الملك سعود الطبية تستقبل يوم التأسيس بإنجاز عالمي    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية بالمنطقة    أمير منطقة القصيم يتسلم شهادة تسجيل واحه بريدة بموسوعة غينيس    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سريلانكا بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده    "الجوازات"تصدر 18,838 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    «الشؤون الاقتصادية» يوافق على إنهاء «الاستدامة المالية»    فيصل بن مشعل يدشّن هدية أهالي القصيم لأبطال الحد الجنوبي    وزارة التعليم ومجمع الملك سلمان يكرمان 60 فائزًا وفائزة في "تحدي الإلقاء للأطفال 4"    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    مفوض الإفتاء في جازان: دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني    أمير الشرقية يكرم الجهات الراعية للمؤتمر الدولي السادس لمدن التعلم 2024    أمير الشرقية يرعى مؤتمر "السمنة" بمشاركة 100 متحدث عالمي بالخبر    الصحة تُدشن الوصفة الإلكترونية لحوكمة الوصف والصرف للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية والخاضعة للرقابة    وفاة المهندس أحمد العيسى بعد رحلة عطاء والعناية بمساجد الطرق بالمملكة    الدولار يرتفع.. مع بدء سريان الرسوم الجمركية على الصين    الشرع: لقاء ولي العهد يؤسس لبداية علاقة إستراتيجية    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    5 علامات للشامات تثير شبهة السرطان    في الشباك    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    البيتزا تقتل سيدة حامل    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    موعد مباراة الهلال وبرسبوليس الإيراني    الأهلي يتصدر.. والنصر «يتمخطر»    العداوة المُستترة    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    موانع الحمل ثنائية الهرمون    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم مبارك: «فيسبوك» و «تويتر» هولوكوست تقني لأفكار الشاعر
نشر في الحياة يوم 20 - 05 - 2014

قال الشاعر إبراهيم مبارك إن كل ما قدمته الفلسفة من محاولات للخروج بالإنسان من حال الاغتراب لم تتجاوز حيز التنظير، وهو ما وضع الشاعر كما يقول في مأزق الوعي بالغربة، ما زادها فداحة كضريبة للمعرفة. ويرى إبراهيم مبارك في حوار مع «الحياة» أن الكتابة فعل مقاومة بطريقة مدنية، وجبهة كبيرة يقف عليها الكتاب والشعراء، وكل من له علاقة بالفن والإبداع. وتساءل لم لا تدرس تجربة محمد الثبيتي في المراحل التعليمية؟ وتمنى إنصاف هذا الشاعر بعد رحيله.. إلى نص الحوار.
«إلهي اغفر لي غربتي، فأنا لم أتعمد أن أكون غريباً». في هذا الاستهلال تتحول الغربة إلى ما يشبه اقتراف ذنب، يحتاج إلى أن نتضرع إلى الله ليغفره لنا، حدثنا عما تعنيه الغربة لك، وأي معنى معقد تأخذه عندك؟
- لم تعد الغربة تقتصر على الحيز المكاني من دون المفهوم الوجودي أو الزماني كما النسق المعتاد لدى الذاكرة الجمعية خارج الإطار الإبداعي والروحي، وهو ما أعتبره غربة مكانية يمكن اجتيازها بالوسائل المتاحة والمتعددة حالياً، كما يقول علي ابن أبي طالب: «المال في الغربة وطن.. والفقر في الوطن غربة»، فجاءت الفلسفة الحديثة متجاوزة لهذه الأفكار المبسطة لتحيل الحالة - إن صح التعبير - إلى ظاهرة إنسانية بكل حمولاتها الآيديولوجية والسيسلوجية، ولكنها تتصعد حدتها عند الفنان بشكل عام والشاعر بشكل خاص، لأن الجانب الأكبر من خطابه الحياتي يتكئ على منولوج داخلي معقد وشائك ومثقل بالأسئلة الكبيرة المتداخلة التي تشبه الإزميل حينما تحفر في داخله بطريقة مكثفة ويومية، هي رحلة داخلية طويلة للبحث عن الذات، والطريق إلى الذات أطول من الطريق إلى الآخرين، وعلى رغم كونها عملية مؤلمة إلا أنها تظل ضرورة ملحة لدى الذات الشاعرة.
وهذا ما يجعله في غربة حقيقية، وكل ما قدمته الفلسفة من محاولات للخروج بالإنسان من حال الاغتراب لم تتجاوز حيز التنظير، وهو ما وضع الشاعر في مأزق الوعي بالغربة، ما زادها فداحة كضريبة للمعرفة.
كيف ترى الكتابة وما الذي يدفعك إلى أن تجعل منها خندقاً، ألهذه الدرجة تبدو مواجهة للواقع، كما لو أنها حرب؟
- الكتابة فعل مقاومة بطريقة مدنية، أو فلنقل بطريقة أكثر تحضراً، فهي جبهة كبيرة يقف عليها الكتاب والشعراء، وكل من له علاقة بالفن والإبداع ضد فئات لا أقول إنهم ظلاميون وإنما لا يعرفون حقيقة النور، فكل سطر خندق وكل مساحة بيضاء هي ميدان للرؤى والأفكار، إذاً فالكتابة عملية نضالية 100 في المئة، ولكن هناك ثمة فرق بين من يناضل لأجل الرفاهية ومن يناضل لأجل البقاء، فهي سلاح فاعل إن لم يكن للهجوم فهو وسيلة للدفاع عن آخر معاقل الحرية الإنسانية وهو التعبير عن الذات.. الكتابة جبهة مستقلة تدافع عن نفسها وعن من يدافع عنها، فلها حروبها وانتصاراتها وهزائمها، ولها شهداؤها الحقيقيون.
«سيد البيد» قصيدة للثبيتي، أي تأثير ترك فيك وفي جيلك؟
- لم يكن محمد الثبيتي مجرد شاعر، بل كان ولا يزال رمزاً مهماً من رموز الحداثة الشعرية على المستويين المحلي والعربي، فشاعر كمحمد الثبيتي لم يصنعه الإعلام ولا المجاملات بل صنعته الصراعات والمواجهات مع التيارات المنغلقة آن ذاك، وإيمانه الصادق بالتجربة الشعرية التي كانت نبوءة إبداعية لها صوتها المتفرد، فكان أثره واضحاً في مجايليه من الشعراء، وامتد هذا التأثير إلي وإلى جيلي في مرحلة معينة، فرأينا محمد الثبيتي شاعراً وإنساناً نقياً لا نكاد أن نفرق بينه وبين قصائده. وأتساءل لم لا تدرس تجربة محمد الثبيتي في المراحل التعليمية؟ وأذكر أننا درسنا في المقررات الدراسية لشعراء في المشهد المحلي لا يرقى مستوى قصائدهم الفني إلى نصف مستوى قصائد الثبيتي. أتمنى أن ينصف الشاعر محمد الثبيتي، ولو بعد رحيله بعد أن فاتهم ذلك في حياته.
تحضر الأنثى في قصائدك، لكنها شاردة لا يمكن القبض عليها، فهل هي استعارة لكل ما هو عصي ويصعب نيله؟
- الصعوبة التي أجدها في البحث عن لغة شعرية موائمة لحال نص ما، هي الصعوبة ذاتها التي أجدها في العثور على أنثى بحجم قصيدة، وهذا ربما يعود إلى الانتقائية والمزاجية العالية التي تتحكم بمسار قصائدي، فاللغة كائن أنثوي لا يكتمل نضجها إلا في القصيدة، وهذا التماهي الفاتن ما بين الأنثى واللغة لحد التباس الاستعارات بينهما يحيلهما إلى عمق رؤيوي ينعكس على جماليات القصيدة، فاللغة الفاتنة دائماً ما تكون عصية وشاردة والأنثى كذلك، وهذان المضمونان هما استعارة لكل الأشياء الجميلة النادرة التي لا يمكن القبض عليها بسهولة.
في قصائدك نزف وتشرد وتيه ومرارة، في المعنى العميق للكلمة، كل ذلك ينعكس على جو الديوان، ويقترح جمالياته الخاصة، تعيش الذات مأزق الوجود، في داخل القصيدة وخارجها، كيف تقارب شعرياً مواضيعك؟
- ثمة قصائد هي من تفرض نفسها بكل مفرداتها ودلالاتها، لأنها إفرازات لبعض ما يعانيه الشاعر من قلق وجودي، فأجد قصائدي تسير في مسار معين من دون أن أخطط لذلك حتى وإن تنوعت مواضيعها، فثمة نبرة داخلية خفيضة تشترك فيها غالب النصوص.
ثمة خفة في القصائد، ترفع الألم إلى مستوى النشيد، لكن من جهة هذا «يبهظ القصيدة»، فهل لا بد من ألم لتشع جمرة الشعر؟
- «لا يبهظ الألم سوى روح الشاعر»، بينما القصيدة تظل متجلية فكلما أُثقل الشاعر بالألم كلما خفت القصيدة وأضاءت، ولكل شاعر مولِّد عاطفي يشعل قصائده، ولكن غالب الشعراء لا يوقد الكتابة في داخلهم سوى الألم وأنا أحدهم، فالألم يظل نواة رئيسة تتحكم بالنص وتوائم في ما بينه على مستوى المضمون والشكل بطريقة ديناميكية، فألم الشاعر هو الخبرة الحقيقية للغة، وهو الذي يسهم في خلق القصيدة وتوجيه سلوكها الفني من حيث الدلالة والعمق ويعده بطريقة محددة، وليس الشاعر سوى مشارك في كتابة قصيدته فكلما أبدع الألم وأتقن عذاباته في الروح كان النص باهراً، كل هذا على حساب الشاعر ولمصلحة قصيدته، وكما يقول الروائي الفرنسي فولبير: «كل ما يعذب حياتك يعذب أسلوبك في الكتابة».
كيف ترى تجربتك في سياق الشعرية الجديدة، بخاصة التي تكتب منذ حوالى العقد ونصف العقد الأخير؟
- أعتبر نفسي من الجيل الذي جاء في مرحلة ما بعد الحداثة، وهي المرحلة التي سبقتها الكثير من الإرهاصات المثقلة بالهم الثقافي والإبداعي كمحاولات لإثبات الوجود ولإثبات شرعية الحداثة كأسلوب للحياة والكتابة في السعودية، كل تلك المحاولات مهدت لجيل جديد واع وقادر على التعاطي مع الكتابة بشفافية وانفتاح على كل الأجناس الأدبية بشتى مدارسها، بخلاف جيل الثمانينات الذي تعرض للكبت والمصادرة والمحاكمات المجانية من المؤسسة الثقافية والشعبية بما يشبه الحرب المنظمة آن ذاك، فكتبنا القصيدة النثرية أنا ومجايليّ من الشعراء في مناخ إبداعي ملائم لم يكن متوافراً لمن كانوا قبلنا، فقفزت أسماء شعرية مهمة محققة حضورها في المشهدين المحلي والعربي، كمحمد خضر وعبدالله عبيد ومحمد الضبع وعبدالله المحسن وإبراهيم حسن وأحمد العلي والعديد من الأسماء لا أستطيع سردها لضيق المساحة، وما هم إلا امتداد لتلك الوجوه الإبداعية والثقافية التي بدأت منذ ما يزيد على العقدين.
كيف ترى ما يسمى «النص الإلكتروني»، أو التعاطي الشعري مع اللحظة الإلكترونية، هذه القضية التي يسهم فيها مجايلوك بفاعلية؟
- كان لا بد للكتابة الإبداعية ألا تعيش في معزل عن العالم الافتراضي، فحينما جاءت التقنية الحديثة لتجذب معها المتلقي متيحة له نمطاً سلوكياً جديداً للتعاطي مع العالم بطريقة غير تقليدية، كان حضور النص الإلكتروني لازماً للإيفاء بأحد شروط الكتابة الإبداعية، وهو الصيرورة والتحول مواكبة لمتغيرات الحياة وهي تجربة جديدة للشاعر، كأن يضع نصاً طازجاً بين يدي المتلقي ليتفاعل معه بطريقة مباشرة، ولا شك في أن هذا التواصل في فضاء مفتوح إضافة للشاعر والقارئ في آن واحد.
وإن كنت أعتبر «فيسبوك» و«تويتر» هولوكوست تقني لأفكار الشاعر، لأنه يضع الفكرة لتحترق، قبل أن تتبلور وتنضج في مختبره الخاص بما يكفي، ولا أستطيع أن أعتبرها كتابة جادة تصلح لأن تكون ضمن منجز إبداعي، ما لم يكن العمل الشعري مطبوعاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.