زنقة بمعنى زقاق والفعل زنق بفتح النون أو تشديدها بمعنى قتر وضيق وحشر. ومزنوق أي متضايق إما نفسياً أو مالياً وبالعامية (أنا مزنوق)، أي أريد أن ألبي نداء الطبيعة. اكتب اسم القذافي باللغة العربية أو الانكليزية في أي من أدوات البحث على الانترنت ستجد نفسك انك أكثر من سعيد لتضيف إلى معلوماتك ما غاب عنك من أمر القذافي، إذ بين ليلة وضحاها أصبحت شخصية القذافي مصدراً للقتل والشر والفكاهة فتقع في الحيرة. من المفارقات المشتركة والمتناقضة في واقع الأحداث الليبية أن الشعب الليبي ثار ضد الاستعمار الايطالي (الأجنبي) وهو يثور الآن ضد استعمار ملك الجماهيرية (الوطني)، وأن علم استقلال ليبيا يرفع ضد علم ثورة القذافي، وأن اسم عمر المختار عاش بعد جلاّده «فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي»، وأن اسم معمر القذافي سيتلاشى كما تلاشت نظريته العالمية الثالثة في السياسة. كان مشروع عمر المختار، الإنسان الليبي. أما القذافي فيقول بعد أن يقر بأن ليبيا لها شعب «من انتم؟». فهو طوال فترة حكمه لم يحاوره إلا في السجون وفرق عصابات القتل. حاول باعترافاته الرعناء التي يطل بها علينا كل فترة استجداء الغرب أو ابتزازه بطريقة مهينة. هل أقول إن الشعب التونسي أو المصري قد فكّ زنقته من حكامه وأن الشعوب العربية الأخرى لا تعاني من زنقات حكامها؟ أم أن الزنقات الشعبية في تراكم وتعمل بنظام التدرج: فك زنقة هنا ثم تليها فك زنقة هناك. القذافي مصدر ثرّ وملهم للكثير من مواضيع الفكاهة إلى حد المبالغة والتي عبر عنها بالرسوم الكاريكاتويرية والنكات والملابس المزركشة والموسيقى (الراب والروك والعربية) والرقص (البطيء والروك والبريك والهيب هوب) والتعليقات الساخرة العادية. لكن أشهر أعمال الفكاهة كان تركيب كلمات أغنية «زنقة زنقة» المأخوذة من خطابات القذافي بعد اندلاع الثورة الشعبية ضده. وأغنية «زنقة زنقة» حملة احتجاجية عالمية مضحكة مبكية ومؤدوها من جنسيات مختلفة: العربي والهندي والانكليزي والأفريقي ضد ما ألحقه القذافي ويلحقه من آلام بالشعب الليبي.