بدأ الشباب يتصدرون المشهد الاحتجاجي في الأردن بعد أن استجاب أكثر من ألف شاب وشابة الى دعوة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، واعتصموا عند دوار جمال عبد الناصر في عمان قرب وزارة الداخلية تحت شعار «دولة مدنية لا أمنية». وهتف الشباب من أجل إسقاط مجلس النواب ورفع القبضة الأمنية وإجراء إصلاحات دستورية. ويضم حركة شباب 24 آذار أئتلافاً من مجموعات شبابية يسارية وإسلامية وشيوعية وقومية وشباباً غير مسيس. وأعلن الشباب أن اعتصامهم مفتوح، وأنهم لن يغادروا المكان، رافعين شعار «مش راح نزهق، قاعدينيلكوا». ورفع المحتجون العلم الأردني وصور العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وهتفوا له. وتزامن اعتصامهم أمس مع إصدار المجلس العالي لتفسير الدستور فتوى بشرعية تأسيس نقابة للمعلمين العموميين الذين عطلوا الدراسة في مدارس الدولة الأسبوع الماضي. وحدد الشباب المحتجون مطالبهم في مؤتمر صحافي عقدوه أمس، مطالبين بأن تكون الأمة مصدر السلطات، ومشددين على أن الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة ورأس السلطات، لكن ضمن أحكام دستورية محددة. وطالبوا بمجلس أعيان منتخب بالتساوي بين المحافظات، ومجلس نواب منتخب وفق الكثافة السكانية، وحكومة تشكل من الغالبية النيابية ويمنحها الثقة ويقر موازنتها، ويقيلها ويقبل استقالتها مجلسا النواب والأعيان في اجتماع مشترك. وردد الشباب هتافات «الشعب يريد إصلاح النظام»، و«الشعب يريد إسقاط الحكومة»، و«الشعب يريد إسقاط مجلس النواب»، و«الشعب يريد إصلاح الدستور». وانتشرت قوات الشرطة بكثافة من أجل المحافظة على حركة السير. وتحت شعار «اعتصام اعتصام ... حتى يفهم النظام»، طالب أحد شباب 24 آذار الملك عبدالله الثاني الذي وصفه برمز الثوار والوطن، بأن يُشرِّف المعتصمين في دوار الداخلية ويحاور الشباب. ولم يغب الهم الاقتصادي، «المحرك للثورات العربية»، عن مطالب الشباب، إذ حمل شباب لوحة كتب عليها: مؤسسات الدولة التي تمت خصخصتها (بيعها للقطاع الخاص)، وعلى رأس اللوحة كُتب «مواطن للبيع». كما تضمن إعلان 24 آذار مطالبة باتخاذ إجراءات مباشرة وسريعة لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن كاهل المواطن، مرددين: «حكومة الضرايب راح تشوف العجايب»، و«يا فاسد ويا وزير ... عن كرسيك راح تطير». وعند الحديث عن الأجهزة الأمنية، التفت أحد شباب 24 آذار إلى رجال الأمن الذي يشكلون جداراً بشرياً لتنظيم السير وحماية المتظاهرين، مؤكداً أن مشكلة الشعب ليست مع الأمن الذي يسهر لحمايته، بل مع جهاز الاستخبارات، داعياً إياه أن يكف يده عن الحياة السياسية. وطالب الشباب المعتصمون بإلغاء معاهدة وادي عربة والإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة، وحاول البعض إثارة الشغب، لكن الأمن تصدى له، فيما غنى الشباب السلام الملكي ونشيد موطني. وأكد أحد المشاركين هيثم ياسين (26 سنة) ل «الحياة»: «الاعتصام ليس تقليداً لثورة مصر أو تونس»، مضيفاً: «إلا أننا نريد حرية، لا نريد حكومة تتجاهل مطالب شعبها». وتابع: «لم أكن مهتماً بالسياسة في السابق، لكننا جميعاً تغيرنا بعد أن حرق بوعزيزي نفسه في تونس»، مستطرداً: «أخذت إجازة مفتوحة من العمل حتى تحقيق المطالب». وقال الشاب فراس المحادين: «منذ عقود وعلاقة الحاكم بالمحكوم فيها استفراد واستئثار بالسلطة وبقوة القبضة الأمنية ... حان الوقت لنقول لا للأجهزة الأمنية ولا لحماية الفساد». وأضاف: «الاعتصام مفتوح معنا خيم وحركتنا شبابية وليست حزبية». وأوضح الشاب محمد القيسي، وهو خريج جامعة علم اجتماع وعاطل من العمل منذ 10 أشهر: «لم أجد عملاً، وعدنا كشباب بإصلاحات، إلا أننا لم نجد أي شيء على أرض الواقع ... مشاركتي جاءت لإيماني بأنها ثورة شبابية، على رغم أني لا أعرف أياً من المشاركين سوى على فايسبوك». وأكد الطالب الجامعي فراس البطوش: «لم نشارك لأننا جوعى بل لأننا نريد العدالة الاجتماعية». وينتظر أن يشهد اليوم ثلاثة اعتصامات في عمان، أولها قرب السفارة الإسرائيلية رفضاً للتطبيع وللمطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة، والثانية للسلفيين الجهاديين للمطالبة بإطلاق «أسراهم»، والثالثة في حدائق الملك عبدالله الثاني تحت شعار «إصلاحنا سلاحنا»، وهي مسيرة من كافة مناطق المملكة لدعم مطالب الإصلاح التي نادى بها الملك عبدالله.