رحبت الحكومة المحلية في كردستان أمس بمبادرة رئيس الوزراء حيدر العبادي الداعية إلى الحوار في القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وفقاً للدستور ومبدأي «الشراكة والتوافق». واتهمت «لجنة التنسيق» التركمانية الإقليم ب «تكريد كركوك» ورفضت إشراف أي جهة أمنية على المحافظة عدا القوات الاتحادية. وأفاد بيان نشره الموقع الرسمي لحكومة كردستان بأنها «عقد اليوم (أمس) اجتماعاً ترأسه نيجيرفان بارزاني، حضره نائبه قوباد طالباني، تم التطرق إلى أحداث كركوك الأخيرة والوضع الحالي في المدينة»، وأكدت «الترحيب بمبادرة العبادي، لبدء المفاوضات مع حكومة الإقليم لحل القضايا العالقة، وفق الدستور، وضمن مبدأي الشراكة والتوافق». وأعربت عن «استعدادها للحوار مع الحكومة المركزية»، ودعت «المجتمع الدولي إلى المساهمة والمساعدة في رعاية الحوار بين الجانبين». وكان العبادي دعا في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الحكومة الكردية إلى الاعتراف بسلطة الدستور والدخول في حوار بناء، وأضاف أن عملية فرض الأمن لم تكن هجوماً على المواطنين الأكراد أو كركوك، بل عملية عراقية لإعادة السلطة الاتحادية إلى هذه المناطق. وأوضح البيان أن «التجارب التاريخية أثبتت أن إرادة شعب كردستان لن تهزم بالسلاح والإجراءات العسكرية، ومشكلات العراق لن تحل بهذه الطريقة». إلى ذلك، اتهم النائب نيازي معمار أوغلو خلال مؤتمر صحافي أمس، الإقليم ب «ارتكاب عمليات تكريد كركوك منذ نيسان عام 2003»، ودعا إلى «تشكيل لجنة عليا لاستقبال شكاوى المتضررين، وإعادة النظر بالحركة السكانية في تلك المناطق بعد العام المذكور حتى منتصف الجاري»، وأضاف: «نؤكد رفضنا إشراف أي جهة أمنية على المحافظة سوى الإدارة الاتحادية». وطالب مجلس «شؤون العشائر في كركوك» عقب اجتماع أمس، «بحل مجلس المحافظة وانتخاب مجلس جديد، والمحافظة على المدنيين وعدم إفساح المجال للخارجين عن القانون، وندعو الأهالي الذين نزحوا إلى العودة سريعاً، لأن الوضع الأمني جيد»، وحض على «عدم رفع أعلام أو رايات حزبية وما إلى ذلك عدا العلم العراقي، وتوخي وسائل الإعلام الحذر عند نقل المعلومة والابتعاد من الإشاعات المسمومة». في السليمانية، أعلنت حركة «الجيل الجديد» بقيادة برهم صالح «تأجيل تظاهرات كان مقرراً تنظيمها احتجاجاً على سياسية الحزبين الكرديين الحاكمين، بعد أن منعت السلطات الأمنية المتظاهرين من الوصول إلى المناطق التي حددت للتجمع». وحذر النائب في برلمان الإقليم، من حركة «التغيير»، علي حمه صالح، من أن «آلاف المواطنين سينزلون قريبا إلى الشارع لإسقاط حكومة حزبي الديموقراطي والوطني الفاشلة». من جهة أخرى، أعرب مجلس الأمن في بيان عن «القلق إزاء التوتر في كركوك»، وطالب «كل الأطراف بالامتناع عن التهديد باستخدام القوة والاشتراك في حوار بناء وسيلة لخفض حدة التصعيد»، وجدد دعمه «وحدة العراق والتركيز على هزيمة داعش». وبالتزامن دعت الناطقة باسم البيت الأبيض في إيجاز صحافي «كل الأطراف إلى تجنب المزيد من التصعيد، فنحن نعارض العنف من أي جهة كانت»، وتابعت «على الجميع المساعدة في مواصلة القتال ضد داعش». ووجه وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أليستر بيرت دعوة مماثلة، وأكد دعم بلاده «الاستقرار في كركوك وكل المناطق المتنازع عليها بما يتماشى مع الدستور العراقي» وزاد أن»لندن تتطلع إلى عراق مستقر وديموقراطي وموحد». وكان العبادي وجه الليلة قبل الماضية «بملاحقة العناصر الذين ينشرون الكراهية والعنصرية ومقاطع فيديو مزيفة، لإيقاع الفتنة بين المواطنين وتعريض السلم الأهلي للخطر»، وأكد أن «الوضع في كركوك مستتب وتحت سيطرة الشرطة المحلية وبإسناد من جهاز مكافحة الإرهاب، وأمرنا بمنع أي هجمة مسلحة أخرى في المحافظة». وتأتي هذه الإجراءات على خلفية توتر شهدته كركوك ومناطق أخرى وخروج شبان أكراد في الشوارع للاحتفال بعد انسحاب قوات «الحشد الشعبي» وما أعقبه من ترويج فضائيات كردية لاندلاع انتفاضة في المحافظة وفي خانقين. وأعلن الناطق باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن أن «القوات فرضت الأمن في كركوك ليلة أمس (الليلة قبل الماضية)، وعشنا ساعات كأنما الأمور منفلتة، وهذه كلها إشاعات. كركوك بأمن وأمان والقوات تقوم بواجباتها، وكل القطعات عند حدود المحافظة وليس هناك أي إشكالية، وأضاف أن «الوضع مستتب في ناحية ربيعة (الحدودية مع سورية) وقضاء سنجار ومخمور في محافظة نينوى، وكانت هناك محاولة لداعش في داقوق (تابعة لكركوك)، لكنها فشلت». في بلدة الطون كوبري، شمال كركوك، قال مصدر أمني إن «مجهولين أقدموا على حرق مقر الجبهة التركمانية هناك، لكن من دون وقوع ضحايا». وقال عدنان خورشيد، المسؤول في الجبهة التركمانية إن «مسلحين كانوا يستقلون سيارتين أطلقوا وابلا من الرصاص على مقرنا ما أجبر الحراس على المغادرة، وأضرم المعتدون النار في المبنى قبل أن يلوذوا بالفرار». وشدد مدير الشرطة في كركوك العميد خطاب عمر، على أن قواته «ستسيّر دوريات في الأحياء الكردية من المدينة لمنع نزوح أهاليها بفعل الشائعات التي تفيد بوقوع تجاوزات ضدهم». وحذر رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي «من دخول عناصر لداعش الى كركوك بدعم من بعض الأطراف»، وحض «الجهات المعنية على ضرورة تمشيط المدينة والقضاء على العصابات التي كانت موجودة قبل 25 أيلول (سبتمبر) الماضي (يوم إجراء الاستفتاء على انفصال الإقليم) وتم خروجهم بعد ذلك ولكنهم عادوا مرة أخرى».