أجرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل مشاورات استكشافية «جيدة» أمس، لتشكيل ائتلاف حكومي، وسط تكهنات بتراجع «الهالة» المحيطة بها، بعد تحقيق حزبها أسوأ نتائج منذ عام 1949، في انتخابات نيابية نُظمت في أيلول (سبتمبر) الماضي، وهزيمتها في انتخابات محلية الأحد الماضي. وأشار بيتر تاوبر، سكرتير الحزب المسيحي الديموقراطي بزعامة مركل، إلى «مناقشة جيدة وبنّاءة جداً، ستتبعها مناقشات اخرى»، بعد لقاء مع الحزب الديموقراطي الحرّ الليبرالي. كما تحدث الحزب الديموقراطي الحرّ، والاتحاد المسيحي الاجتماعي، حليف مركل في بافاريا، عن أجواء جيدة، قبل مشاورات لحزب المستشارة مع حزب الخضر اليساري. ولمنع انهيار قد يُحتّم تنظيم انتخابات أخرى، على تلك الأحزاب التوصل الى تسويات صعبة في شأن مسائل شائكة، بينها الهجرة وإصلاح الاتحاد الأوروبي والسياسة المتعلّقة بالمناخ، من أجل تشكيل حكومة. والمشاورات مع الحزب الديموقراطي الحرّ قد تكون الأكثر سهولة، إذ شارك الحزب في حكومات مع المحافظين لفترات طويلة، حتى خروجه من البرلمان في انتخابات 2013. وقدّم الزعيم الشاب للحزب كريستيان ليندنر مطالبه، مستهدفاً حقيبة المال. ونبّه مركل إلى وجوب الامتناع عن القيام بأي خطوات جريئة إزاء الاتحاد الأوروبي، خصوصاً إذا كانت تكبّد دافعي الضرائب الألمان، قبل تشكيل أي حكومة جديدة، معتبراً أن «ألمانيا الآن ليست في موقع اتخاذ قرارات». وبعد معارضته قرار مركل السماح لأكثر من مليون لاجئ بدخول ألمانيا، أظهر الاتحاد المسيحي الاجتماعي تحوّلاً كبيراً إلى اليمين، لكسب أصوات ناخبي حزب «البديل لألمانيا» المعادي للهجرة. واعتبر رئيس الاتحاد ألكسندر دوبرينت أن فوز المرشح اليميني سيباستيان كورتز في انتخابات النمسا الأحد الماضي يُظهر أن على حزبه وحليفه المسيحي الديموقراطي «التموضع بوصفهما قوة محافظة في المشاورات». وحذر من أن حزبه لن يتهاون مع أي «كلام تافه» من الخضر، وهذا حزب أُسس قبل عقود بوصفه حركة احتجاج على حرب فيتنام والأسلحة النووية، ويؤيّد مجتمعاً متعدد الثقافات يرحّب باللاجئين. ونبّه زعيم الخضر يورغن تريتن إلى ميول شعبوية يمينية متفاقمة لدى حزبَي مركل ودوبرينت، محذراً من أن مطالبهما المتشددة إزاء مسألة اللاجئين ستشكّل «عراقيل هائلة». ودانت صحيفة «بيلد»، المؤيّدة عادة مركل، إصرار المستشارة على عدم تحمل مسؤولية هزيمة حزبها في مقاطعة سكسونيا السفلى، معتبرة أنها وحزب المسيحيين الديموقراطيين «يرفضان رؤية خطأهما». وكتبت صحيفة «سودويتشه تسايتونغ»: «حتى قبل سنتين، بدا أن مركل لا تُقهر. زالت تلك الهالة الآن وبدأت قوتها تنحسر. إذا كان لدى الحزب المسيحي الديموقراطي أي شخص جاهز للتحدي، على مركل أن تقلق». أما موقع «شبيغل أونلان» فرأى أن «ألمانيا تشهد ظاهرة غريبة: ائتلاف جديد يتم التفاوض عليه من أحزاب لا تريده حقاً، فيما تتداعى القوة والهالة المحيطة بالمستشارة السابقة والمقبلة أنغيلا مركل».