أصابت استعادة القوات الحكومة العراقية محافظة كركوك بعض سكانها بخيبة أمل بعد ثلاثة أسابيع من الاحتفال بالتصويت على استقلال إقليم كردستان، ورأى بعضهم أن قادة الاقليم «جعلونا نحلم بدولة كردية وتخلوا عنا». واستعادت القوات الاتحادية العراقية مناطق متنازع عليها سيطرت عليها قوات البيشمركة الكردية خلال الفترة التي أعقبت هجمات تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) في حزيران (يونيو) 2014. وتقدمت القوات العراقية وسيطرت بسرعة على حقول النفط ومطار كركوك العسكري، وانسحبت القوات الكردية من مواقعها من دون مقاومة. وقال عمر محمود (41 عاماً)، المقيم في مدينة كركوك، إن «من كان يجعلنا نحلم بدولة كردية تخلى عنا أمام القوات العراقية والحشد الشعبي وجعل الأكراد يهربون من كركوك خوفاً». وأضاف أن القادة الأكراد الذي طالبوا البيشمركة بالانسحاب «يجب محاكمتهم وليس فقط اقصاؤهم عن السلطة». وقال رجل الأعمال هيوا بابكر (48 عاماً)، إن الاكراد ليسوا الوحيدين الذين يعيشون «حال صدمة» في كركوك التي توصف ب«قدس كردستان». وإضافة إلى أهمية كركوك المعنوية بالنسبة لكردستان، فإنها مورد غني للنفط الذي يعد الضمان الوحيد لقابلية أي دولة كردية للحياة. وفي أربيل، عاصمة الاقليم، أتت الضربة أكثر إيلاماً لأنها كانت قبل ثلاثة أسابيع فحسب تضج باحتفالات الاستفتاء ورفعت في شوارعها أعلام الاقليم ولافتات تأييد الاستقلال. لكن على رغم وجود الاعلام واللافتات انقلبت المشاعر إلى العكس تماماً الان، ولم يذهب الكثيرون من سكان أربيل إلى العمل وغابت الحياة عن الشوارع والاسواق وبدت المحال التجارية خالية. وقال سيروان نجم (31 عاما) وهو صاحب محل لبيع القرطاسية في أربيل، كانت سيطرة القوات الحكومية خلال ساعات قليلة على كركوك أمراً «غير متوقع». وبعد ما عاشه الاقليم من احتفالات بعد التأييد الكاسح للاستقلال في استفتاء 25 أيلول (سبتمبر) الماضي، كان كاميران أحمد، الموظف الحكومي (47 عاما) يعتقد أن الأكراد ستكون لهم دولة قريباً. ولكن شاكر كاكي المدرس الكردي في ثانوية بقضاء خانقين في محافظة ديالى شمال شرق بغداد، وهي منطقة تتعايش فيها أقليات عدة، رأى أن الاستفتاء الذي نظمه رئيس الاقليم مسعود بارزاني هو الشرارة التي أثارت الأزمة. واعتبر أن كل «ما يجري حالياً هو ردة فعل على قرار خاطئ بتنظيم الاستفتاء من حكومة الاقليم، من دون التفكير في العواقب». في مدينة السليمانية، ثاني مدن الاقليم ومعقل حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني المنافس لرئيس الاقليم مسعود بارزاني، كانت الاوضاع مماثلة. وأصيبت المدينة بصدمة بعد توافد عشرات الآلاف من الاكراد أول من أمس، قادمين من كركوك بعد دخول القوات الحكومية إلى هناك. وقالت المهندسة الزراعية سازان توفيق: «أشعر باحباط كبير اثر أحداث اليومين الاخيرين، المستمرة والتي أدت إلى خسارة كثير من الاراضي التي كانت تحت سلطة إقليم كردستان، أشعر بخيبة أمل». وأعربت عن سخطها على الاميركيين، قائلة: «قبل أيام، كان الأميركيون حلفاء للكرد لانهم كانوا يحتاجونهم ليقفوا في وجه زحف داعش، لكنهم اليوم أداروا ظهرهم لنا». بدوره، قال البائع في أحد اسواق السليمانية حسن محمد: «لم أشعر في حياتي بخيبة (أمل) كالتي أعيشها» الان. وأضاف: «تاريخ الأكراد في العراق مليء بالانتكاسات، وما حدث أمس في كركوك انتكاسة كبيرة». من جانبه، قال المدرس كاروخ عمر (39 عاما) إن المسؤولين عن الوضع موجودين داخل الاقلي. وأضاف أنه «منذ سنوات تتهم أصوات كثيرة القادة الأكراد بالاستئثار بالسلطة السياسية والاقتصادية للمصلحة الخاصة للعائلات التي تتوالى على السلطة». وتابع: «على رغم انذارهم، هذا ما انتهينا إليه ... إلى الكارثة»، موضحاً أن «القيادة الكردية بتركيبتها الحالية لا يمكنها ان تقدم شيئاً إلى الشعب الكردي وقضيته». ورأى محمود عثمان العضو المؤسس السابق في الحزب «الديموقراطي» الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني أن مشروع الاستقلال «مؤجل حالياً، لأن الوضع ليس مؤاتياً فعلاً». وتابع ان كل ما يتمناه اليوم هو «ان يتواصل كل شيء بالطرق سلمية».