يبحث المجتمع الدولي هذا الأسبوع، سبل مساعدة جنوب السودان الذي تنهشه الحرب ويحتاج ل1,26 بليون دولار لمواجهة أزمة إنسانية كبيرة تهدد ملايين الأشخاص. وتجتمع الجهات المانحة الثلثاء، في مدينة أوسلو النروجية بغية مساعدة حوالي أربعة ملايين شخص، أي ثلث السكان، مهددين بالمجاعة في الدولة الأفريقية الفتية التي تشهد معارك بين القوات الحكومية والمتمردين منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر). وقال منسق العمليات الإنسانية في الأممالمتحدةلجنوب السودان، توبي لانزر الإثنين، "إنه أمر لا يصدق رؤية الأضرار التي وقعت: من مدن مدمرة وحياة بشرية تتحول إلى أشلاء وأسواق خاوية وتجار رحلوا وأطفال متروكين لأمرهم". وأضاف "تعرضنا لهجوم على قاعدة للأمم المتحدة في بور (شرق) وتم استهداف مدنيين واغتصاب نساء وأطفال، والأمور ستتفاقم في غضون ستة أشهر". وتقول الأممالمتحدة إن نحو سبعة ملايين شخص في جنوب السودان قد يحتاجون لمساعدة إنسانية. والوضع يزداد صعوبة لا سيما مع فصل الأمطار، الذي يجعل الطرق النادرة في هذا البلد وحتى بعض مدارج الهبوط غير سالكة ما يعقد نقل المساعدة إلى مناطق شاسعة. ورفعت الأممالمتحدة الأسبوع الماضي، تقديراتها للحاجات الانسانية في هذه الدولة الفتية إلى 1,8 بليون دولار. وقد تم جمع 536 مليوناً فقط. ويبقى هناك حاجة لجمع 1,26 بليون دولار قبل مؤتمر أوسلو لتمويل العمليات اللازمة في 2014 وتخزين مواد غذائية مسبقا للأشهر الثلاثة الأولى من 2015. وسبق أن قدمت بعض الدول مساعدات. والإثنين، أعلنت النروج هبة بقيمة 63 مليون دولار لجنوب السودان، وذلك غداة إعلان الدانمارك أنها ستمنح 10 ملايين دولار. وقال وزير الخارجية النروجي بورغ برينده في بيان "نخشى أن تتفاقم الأزمة بشكل كبير في الأشهر المقبلة". وحذر صندوق الأممالمتحدة لرعاية الطفولة "يونيسيف" من أن 50 ألف طفل قد يموتون بسبب سوء التغذية. وبإعلانه الإستقلال في تموز (يوليو) 2011، أمل جنوب السودان بطي صفحة إحدى أطول الحروب في أفريقيا وأكثرها دموية والتي خاضتها الخرطوم ضد حركة تمرد جنوبية تولت السلطة في جوبا لاحقاً، بين 1983 و2005. لكن جنوب السودان، عاد وغرق في نزاع جديد نشأ بسبب خصومة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار وهو النزاع الذي قسم الجيش على أسس قبلية بين قبيلتي الدينكا والنوير، وهما أبرز قبيلتين في البلد ينتمي إليهما كير ومشار على التوالي وتقوم بينهما أحقاد قديمة. ورغم اتفاق سلام موقع في التاسع من أيار (مايو)، تتواصل المعارك وتترافق مع مجازر وفظاعات يذهب ضحيتها المدنيون على أسس إتنية، إذ قتل آلاف، بل عشرات آلاف الأشخاص وهجر أكثر من 1,3 مليون جنوب سوداني من منازلهم. وقال لانزر "ولإعطاء صورة واضحة، فإن نازحاً مقيماً في قاعدة للأمم المتحدة لديه مكان أصغر مما كان لدى نلسون مانديلا في زنزانته في روبن آيلند". وإلى ذلك، بدأ تفشي مرض الكوليرا مع إحصاء 19 حالة الأسبوع الماضي وتسجيل وفاة. ويدفع الوضع بعض المنظمات غير الحكومية إلى إعطاء صورة قاتمة جداً. وحذرت الأمينة العامة لمنظمة "المساعدة الشعبية النروجية" غير الحكومية ليف توريس من أن "عشرات آلاف الأشخاص يعتبرون موتى في جنوب السودان حتى لو لم يلفظوا أنفاسهم الأخيرة بعد". وأضافت "إنها كلمات رهيبة لكنها صحيحة. بالنسبة لكثيرين، لقد فات الأوان لأنه ليس هناك ما يكفي من المواد الغذائية المنتجة أو المخزنة قبل بدء موسم الأمطار". وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الأسبوع الماضي "في حال استمر النزاع حتى آخر العام، فإن نصف سكان جنوب السودان ال12 مليوناً سيكونون نازحين أو لاجئين إلى الخارج او جياعاً أو موتى".