لا ترويج لأي مرشح او لائحة انتخابية على شاشات برلمان 2009 اللبنانية. لا إعلانات او نداءات انتخابية مباشرة. لا مقابلات مع المرشحين او الناخبين تدعو المناصرين الى الاقتراع. لا تحريف معلومات او حجب اخبار. لا كلام مثيراً للنعرات الطائفية او المذهبية او العرقية. لا تشهير او قدحَ او ذمَّ بأي من اللوائح او اي من المرشحين... «لاءات» ايجابية بالتأكيد، لكنها بعيدة كل البعد من اي توصيف لحال القنوات اللبنانية التي دخلت باكراً معركة الانتخابات البرلمانية. «لاءات» يصفها بعضهم ب «فزاعة» هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية في لبنان منذ الساعة صفر لليوم السابق ليوم الانتخابات (منتصف ليل الجمعة - السبت الماضيين) حتى إقفال صناديق الاقتراع. «لاءات» لم توفر القنوات جهداً في القفز فوقها قبل ان تدق الساعة صفر. ولعل مقدًّمة أخبار نشرة الثامنة مساء الجمعة الماضي على «او تي في» الأكثر مباشرة: «تعالوا نُعبئ الهواء، امامنا اربع ساعات» (قبل ان تدق الساعة صفر)، قالها مذيع النشرة جورج ياسمين. ثم بدأت التعبئة على الشاشات كافة. بعضها بما يتناسب واحكام المادة 68 (التي تنظم عمل وسائل الإعلام) من قانون الانتخاب، وبعضها بما يخالفها. ولا شك في ان نظرة على الساعات الثلاث الأخيرة التي فصلت الشاشات اللبنانية عن الساعة صفر كفيلة برسم اتجاهات هذه القنوات السياسية، وإن كان لا غبار عليها اصلاً. هنا «لا توازن او عدالة او حيادَ في المعاملة بين المرشحين وبين اللوائح»، كما ينص القانون. هنا الهواء مشرّع امام الزعيم صاحب القناة او المرشح الذي تنسجم طروحاته وطروحات القناة: «المستقبل» اعادت بث حلقة رئيس كتلة «المستقبل» النيابية سعد الحريري التي أجراها مارسيل غانم على «ال بي سي» في اليوم السابق. «او تي في» فتحت هواءها لرئيس كتلة «الإصلاح والتغيير» النيابية ميشال عون. «ان بي ان» نقلت عن «ال بي سي» مقابلة مارسيل غانم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. «ام تي في» استقبلت النائب ميشال المر. «المنار» استضافت في الاستوديو المناصر ل «التيار الوطني الحر» المدرب الرياضي غسان سركيس ومرشحين من المعارضة خارج الاستوديو. اما «الجديد» فوزّع وحده هواءه على مرشحين من الموالاة والمعارضة. ترى أليس في هذا التوزيع «شطارة» بعيدة من أي حياد يفرضه القانون، تماماً مثل «شطارة» المذيع جورج صليبي حين استضاف قبل ايام مديري مركزي أبحاث، وذكّر أكثر من مرة في سياق الحلقة بأنه «يحلل» معهما فرص الفوز والخسارة من دون ان يخالف المادة 74 من القانون التي تحظر خلال الأيام العشرة التي تسبق الانتخاب بث استطلاعات الرأي والتعليق عليها؟ «شطارة» على «الجديد» قابلتها «شطارة» على «او تي في» حين مرر «رجل التوقعات» مايك فغالي بعض «التنبؤات» حول الانتخابات على رغم تنبهه والمذيع الى ان الحديث في الانتخابات ممنوع. ولا تقف الأمثلة عند هاتين الشاشتين، بل تتعداهما الى غالبية الشاشات المحلية، ما يدفع الى السؤال: هل تجاوزت المحطات بهذه «الشطارة اللبنانية» لحظة «الفزاعة»؟