كثّف التحالف الدولي العسكري أمس غاراته على القوات الليبية الموالية للعقيد معمر القذافي، واستهدف قواعد عسكرية ودفاعات جوية، بهدف قطع خطوط إمدادها ووقف زحفها على معاقل المعارضة في الشرق، لا سيما بنغازي. وفي وقت أُعلن أن قطر ستكون أول دولة عربية تشارك في العمليات، اعلن جيش القذافي وقفاً جديداً لاطلاق النار. وقال ناطق باسم الجيش الليبي مساء امس ان القوات المسلحة الليبية أصدرت أمراً لكل الوحدات بالالتزام بوقف فوري لاطلاق النار. واضاف في مؤتمر صحافي ان وقف النار سيسري من التاسعة مساء (امس) تجاوبا مع الدعوة التي وجهها الاتحاد الافريقي لوقف العمليات العسكرية. وكان لافتاً إعلان ناطق باسم وزارة الدفاع الفرنسية أن أربع طائرات قطرية ستنتقل قريباً إلى منطقة العمليات العسكرية فوق ليبيا، وأن الدوحة «ستنشر 4 طائرات في المنطقة لتكون قادرة على المشاركة في العمليات، وهذه علامة أخرى على المشاركة العربية في هذه العملية الدولية لحماية المدنيين». وتزامن ذلك مع اعتبار الداعية الإسلامي البارز يوسف القرضاوي أن العمليات التي تشنها قوات غربية ضد نظام القذافي «تقتضيها الضرورة». وقال في مقابلة مع قناة «الجزيرة»: «نحن من استعان بهؤلاء، والشعب الليبي هو من استعان بهم لأن الرجل (القذافي) لم يدعهم، وحتى آخر ليلة عندما كان مجلس الامن يبحث في القرار، قال لهم سآتيكم في هذه الليلة واغزوكم، وما حدث هو أمر تقتضيه الضرورة». لكنه رفض أن يتم أي إنزال بري لقوات في ليبيا. وقال: «الكل أجمع على أنه لا يجوز أي إنزال بري في ليبيا، لا شرقاً ولا غرباً ولا جنوباً». ورداً على سؤال عن وصف القذافي العمليات ضده بأنها «حرب صليبية ضد الإسلام»، قال القرضاوي الذي يرأس هيئة علماء المسلمين: «هل هو حامي حمى الإسلام وأين الإسلام منه؟ هل الاسلام أن يقتل الناس الأبرياء المكلف برعايتهم، فهو يهددهم بأنه وراءهم في كل مكان ويتوعد شعبه بقتله، فهل هذا هو الإسلام وأين الإسلام منه، وهل هذه المسألة حرب صليبية؟». وأعلن رئيس الأركان الأميركي الاميرال مايكل مولن أن المرحلة المقبلة من ضربات التحالف ستكون مهاجمة خطوط إمداد قوات القذافي لشل قدرتها على القتال. وأكد أن الولاياتالمتحدة «تراقب عن كثب» مخزونات غاز الخردل التي يملكها النظام الليبي، مشيراً إلى أنه «يملك كمية مخزنة من هذا الغاز ويمكنه أن يسبب الكثير من الضرر». وأوضح أن الضربات لا تستهدف «إطاحة القذافي»، بل «حماية المدنيين» الليبيين. وفي وقت أكد ضابط في هيئة الأركان الأميركية أن المرحلة الأولى من الحملة التي أطلقت عليها واشنطن اسم «فجر أوديسا» حققت نجاحاً، وأوقفت زحف قوات القذافي باتجاه بنغازي، أعلن مسؤول ليبي أن 48 شخصا على الأقل قتلوا و150 جرحوا «معظمهم من النساء والاطفال» في ضربات التحالف. وذكر التفزيون الليبي نقلا عن ناطق باسم الجيش أن «أهدافا مدنية» في مدن طرابلس ومصراتة وزوارة وبنغازي وسرت الساحلية تعرضت السبت لغارات «معادية»، لكن القيادة العسكرية الأميركية أكدت أنه تمت مهاجمة «أنظمة رئيسية في الدفاع الجوي ومواقع لصواريخ سام قرب طرابلس ومصراتة وسرت». وأشار مسؤول فرنسي إلى أن الهجمات الجوية بالطائرات والصواريخ «منسقة» من مقر أميركي في المانيا. وقال شهود إن قنابل القيت أمس قرب باب العزيزية مقر القذافي ما أدى إلى رد من المدفعية الليبية المضادة للطيران استمر نحو اربعين دقيقة. وكان التلفزيون الليبي ذكر أن مئات الاشخاص تجمعوا أمام باب العزيزية ومطار العاصمة للدفاع عنه. في المقابل، أكد القذافي أمس أنه يستعد لحرب طويلة، وانه سيهزم «التحالف الصليبي» الذي تقوده الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقال في كلمة بثها التلفزيون الليبي: «الحلف الصليبي واضح. هناك حرب صليبية ثانية ضد الشعوب الإسلامية، وفي مقدمها الشعب الليبي، وهم يعتقدون أنهم بالعصا الطويلة، وهي عصا الاحتلال، يضربون مرة بالصواريخ ومرة بالطائرات، ويعتقدون أنهم يرهبون الشعب الليبي. هذه المسائل مسائل إرهابية فقط، لكن المنتصر هو صاحب الأرض هو الذي سيكسب المعركة، أما من وراء البحر ويقصف بصواريخه وطائراته ويجبن أن ينزل إلى الأرض، فهذا مهزوم حتماً». وأضاف أن «المخازن فتحت للشعب الليبي والسلاح يوزع الآن على كل المواطنين». إلى ذلك، أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن مشاورات تجرى حالياً لعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة للبحث في تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ليبيا. وانتقد ضمناً الضربات العسكرية الدولية، قائلاً إن «ما حدث في ليبيا يختلف عن هدف الحظر الجوي، ما نريده هو حماية المدنيين، وليس قصف مدنيين إضافيين. ووقاية المدنيين قد لا تحتاج عمليات عسكرية».