شهدت محافظة كركوك أمس استنفاراً امنياً مكثفاً، بعد تقدم القوات الاتحادية المشتركة في اتجاه مركز المدينة، بدعم من «الحشد الشعبي»، وفي مناطق تازة وخورماتو والبشير ذات الغالبية التركمانية. وأعلن وزير الداخلية قاسم الأعرجي أن الهدف «إعادة انتشار الجيش بعد الانتهاء من مشكلة داعش، وصولاً الى ما كنا عليه قبل 9 حزيران (يونيو) 2014». وأفادت قيادة العمليات المشتركة في بيان مقتضب بأنها «تنفي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن انطلاق عملية جنوبكركوك، ونؤكد ان قواتنا ما زالت تجري عمليات التطهير والتفتيش ومسك الأرض في المناطق المحررة». إلا أن تلك التأكيدات العراقية لم تمنع «البيشمركة» من حشد قوات قوامها 6000 مقاتل من الإقليم لصد أي هجموم محتمل. وقال القائد في «البيشمركة» جعفر شيخ مصطفى، خلال مؤتمر صحافي امس ان «قوة كبيرة من الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والفرقة الذهبية والفرقة المدرعة حشدت قرب محافظة كركوك، وأبلغنا قادة القوة امس ان لديهم أوامر من رئيس الحكومة حيدر العبادي بالتوغل في المحافظة والسيطرة على آبار النفط والمطارات والمعابر، وأمهلونا ساعتين لتسليم كركوك لكننا رفضنا، كما أبلغونا ان العبادي حدد 48 ساعة لإجراء حوار وإن فشل فالقوة ستمضي في مهمتها»، وزاد ان «قوات البيشمركة اخذت كل احتياطاتها وهي بكامل الجهوزية، بخاصة ان الحشد الشعبي كان يرغب في الهجوم». وتابع «نحن ترفض الاقتتال لكننا في الوقت نفسه جاهزون للدفاع عن شعب كردستان». وحضّ الحكومة الاتحادية على «الأخذ بتوصية مرجعية علي السيستاني بإجراء حوار بين بغداد وأربيل» وتأتي هذه العملية في خضم الأزمة بين الحكومة وكردستان التي نظّمت استفتاء على انفصال الإقليم وشمل الاستفتاء مناطق أخرى متنازعاً عليها لضمها إليه. وقال ضابط برتبة عميد: «باشرت القوات المسلحة حركتها لاستعادة مواقعها قبل احداث حزيران (يونيو) 2014»، في اشارة الى المواقع التي استولى عليها الأكراد مستغلين هجوم «داعش» وانهيار الجيش. وأضاف الضابط، وهو احد قادة الفرقة التاسعة المنتشرة جنوبكركوك، ان «فرقة الرد السريع تحركت في محاذاة مشروع الري الواقع في الجانب الغربي من المدينة، ومستمرة في التقدم»، مشيراً إلى أن مقاتلي «البيبشمركة» انسحبوا. وتناقل عناصر في «الحشد الشعبي» على مواقع التواصل الاجتماعي صور أحد عناصره وهو يرفع شارة النصر قرب علم كردستان. في صورة أخرى، تمكن رؤية ملصقات «الحشد» مثبتة على لوحة تشير إلى طريق كركوك. في المقابل، قال هيمن هورامي، كبير مساعدي رئيس الإقليم مسعود بارزاني، في تغريدة على «تويتر»، ان «قوات «البيشمركة مستعدة للرد على اي هجوم». وأضاف إن «أي تصعيد لن يأتي من جانبنا، وسندافع عن أنفسنا ونتصدى له». وعلمت «الحياة» من مصدر امني مطلع في بغداد ان «الحكومة المركزية ابلغت حكومة الإقليم مساء الخميس الماضي عبر وسيط ضرورة تسليم آبار النفط ومراكز وثكنات الجيش التي سيطرت عليها القوات الكردية». وأضاف ان «حكومة الإقليم طلبت مهلة 72 ساعة قبل التنفيذ من دون توضيح الأسباب». واعتبر «تقدم القوات الذي حصل امس بمثابة الاستعداد لتسليم آبار النفط وقواعد وثكنات الجيش». إلى ذلك، قال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية إسكندر وتوت إن «الحكومة الاتحادية تأخرت كثيراً في التحرك نحو كركوك لفرض سيطرة الدولة عليها وتحريرها من عصابات بارزاني ولا نعرف سبب ذلك التأخير، على رغم تفويض رئيس مجلس الوزراء ودعم كل الدول له، وربما تكون هناك ضغوط سببت التأخير» وأكد أن «لجنة الأمن تدعم هذا التحرك ويجب فرض سيطرة الدولة وتحرير كركوك من عصابات بارزاني، كما نرفض إعطاء تلك العصابات مهلة 48 ساعة لكي تنسحب من المناطق التي تحتلها، بل يجب عدم توقف القطعات العسكرية إلّا بعد فرض القانون والدستور في تلك المناطق في شكل كامل». وذكر عضو مجلس محافظة كركوك عن المكوّن التركماني قاسم البياتي، في بيان ان «تدخلات من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني مع الحكومة العراقية افضت الى وقف تقدم القوات نحو مناطق كركوك مدة 48 ساعة والقبول بالحلول الدستورية والاتفاقات التي نظمت انتشار القوات الأمنية»، مشيراً الى ان «الحكومة دعت البيشمركة إلى الانسحاب من المناطق التي استولت عليها والعودة الى حدودها الإدارية استناداً الى اتفاقية عام 2009». وأضاف: «نرفض أي اقتتال او تصادم في كركوك» وحمّل «ادارة المحافظة مسؤلية أي تبعات سلبية بسبب تعنتها في اجراء الاستفتاء وعدم الانصياع للقوانين الاتحادية»، وزاد ان «التعنت الكردي سيجبر الحكومة على بسط الأأمن بالقوة». واستعادت القوات الاتحادية العراقية أمس مواقع سيطرت عليها البيشمركة» الكردية قبل ثلاث سنوات في محافظة كركوك في حزيران 2014 خلال استيلاء «داعش» على مناطق واسعة في المحافظة إضافة إلى نينوى.