دمشق، درعا واشنطن، نيويورك - أ ف ب، رويترز - أعلنت السلطات السورية تشكيل لجنة تحقيق في «الأحداث المؤسفة» التي وقعت في درعا حيث سقط قتلى أول من أمس خلال اشتباكات بين قوى الأمن ومتظاهرين يطالبون بالحرية والإصلاح، في وقت أكد ناشط حقوقي أمس وقوع عدد كبير من الجرحى نتيجة استنشاق قنابل مسيلة للدموع أطلقتها قوات الأمن السورية أثناء تشييع قتيلين. في غضون ذلك، أعلنت منظمات حقوقية سورية أمس أن سوريات اعتقلن إثر مشاركتهن في اعتصام أهالي المعتقلين أمام وزارة الداخلية الأربعاء الماضي، بدأن إضراباً مفتوحاً عن الطعام. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مسؤول سوري انه «تم تشكيل لجنة في وزارة الداخلية للتحقيق في الأحداث المؤسفة التي وقعت في محافظة درعا الجمعة»، موضحاً انه «سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة كل من يثبت التحقيق مسؤوليته أو ارتكابه أي إساءة في هذه الأحداث». وجاء الإعلان عن تشكيل لجنة التحقيق في وقت أكد ناشط حقوقي لوكالة «فرانس برس» امس أن «الوضع محتدم جداً في درعا» أثناء تشييع قتيلين سقطا خلال اشتباكات اول من امس، مشيراً عبر الهاتف إلى أن «عدد الجرحى كبير جداً، ورجال الأمن الذين كانوا يرتدون الزي الرسمي واللباس المدني اعتقلوا عشرات الأشخاص». وأوضح: «سارت جنازتان لقتيلين السبت (امس) شارك فيهما ما يزيد عن عشرة آلاف شخص، إلا انهم منعوا من إقامة المراسم في الجامع، وتم الدفن مباشرة في المقبرة». وتابع: «توجه المشاركون في الجنازة بعد الدفن إلى قلب المدينة حيث تم قمعهم بالغاز المسيل للدموع». وأكد «وفاة أحد الجرحى الذين سقطوا أثناء مشاركتهم بالتظاهرة أول من أمس ويدعى عدنان أكراد»، كاشفاً عن «تضارب المعلومات في شأن مصير شاب من عائلة أبو عون الذي أُعلنت وفاته امس (الجمعة)»، موضحاً أن مصير الشاب «غير واضح». في الوقت نفسه، أكد شاهد من وكالة «رويترز» أن قوات الأمن السورية استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع امس ضد مئات المعزين خلال محاولتهم التجمع وسط مدينة درعا. وأضاف أن المعزين رددوا هتافات تطالب بالحرية وتتهم السلطات السورية بالخيانة، وصاحوا وهم يسيرون وراء جثمان وسام عياش ومحمود الجوابرة: «الله... سورية... حرية»، وقالوا إن كل من يقتل أبناء شعبه خائن. ونقل مصدر حقوقي عن مشاركين امس أن «الإصابات وقعت نتيجة استنشاق الغاز وتدافع المشاركين في الجنازة». وأضاف أن المشاركين كانوا يهتفون «الله... سورية... وحرية وبس»، و «فزعة فزعة يا حوران»، وهي عبارة محلية تدعو للاستنهاض والمشاركة ضمن «حضور أمني مهول». وكانت مصادر حقوقية أكدت اول من امس مقتل أربعة أشخاص وجرح المئات على ايدي قوات الأمن السورية في مدينة درعا، في حين أكد مصدر رسمي أن عناصر الأمن تدخلت بعد أن ألحق «مندسون أضراراً بالممتلكات العامة والخاصة». وتجري موجة التظاهرات التي دعت إليها صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» باسم «يوم الغضب السوري»، للمرة الثالثة في سورية منذ اندلاع الثورات في البلدان العربية المطالبة بالإصلاحات ومكافحة الفساد والتي أدت إلى إطاحة الرئيسين زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر. وشهدت مدن دمشق وحمص ودرعا وبانياس اول من امس تظاهرات اندلعت عقب صلاة الجمعة. وكانت قوات الأمن السورية فرقت الأربعاء تجمعاً ضم عشرات من أهالي معتقلين ومؤازرين لهم في ساحة المرجة قرب وزارة الداخلية وسط دمشق احتشدوا لتقديم رسالة إلى وزير الداخلية السوري سعيد سمور يناشدونه فيها إخلاء سبيل أبنائهم، قبل أن يعتقل عدد كبير منهم. كما تظاهر عشرات المواطنين السوريين الثلثاء منادين بالتغيير والحرية في سوق الحميدية المجاور لجامع بني أمية الكبير وسط العاصمة السورية، وفق شريط فيديو عرضته مواقع معارضة. وكانت الولاياتالمتحدة نددت في شدة أول من امس بأعمال العنف ضد المتظاهرين في سورية، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي تومي فييتور إن الولاياتالمتحدة «تدعو الحكومة السورية إلى السماح بالتظاهرات السلمية»، مضيفاً: «المسؤولون عن أعمال العنف اليوم سيحاسبون. الولاياتالمتحدة تدافع عن مجموعة حقوق معترف بها دولياً من بينها حرية التعبير والتجمع. نعتقد أن على الحكومات كافة، بما فيها سورية، الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعوب». يذكر أن الولاياتالمتحدة عينت سفيراً جديداً في دمشق في كانون الثاني (يناير) الماضي بعد غياب استمر ست سنوات عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في بيروت عام 2005. وفي نيويورك، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اول من امس أن استخدام «العنف» ضد متظاهرين في سورية أمر «غير مقبول». وقال الناطق باسمه مارتن نسيركي إن «الأمين العام يحض السلطات السورية على تجنب العنف والتصرف بما يتناسب والتزاماتها الدولية في ما يتعلق بحقوق الإنسان التي تكفل حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك حرية الصحافة والحق في التجمع السلمي». وأضاف أن «الأمين العام يعتقد أن، وكما الحال في باقي أنحاء العالم، من مسؤولية الحكومة السورية أن تتفهم التطلعات المشروعة للشعب وتأخذها في الاعتبار عبر حوار سياسي تعددي وإصلاحات حقيقية وليس من خلال القمع». معتقلات يضربن عن الطعام في هذه الأثناء، ذكر بيان مشترك للمنظمات الحقوقية أن «جميع النساء المعتقلات على خلفية مشاركتهن بالاعتصام السلمي الذي جرى ظهر الأربعاء الماضي، دخلن قي إضراب مفتوح عن الطعام في سجن دوما للنساء». وأشار إلى أن المضربات هن: سهير جمال الأتاسي وناهد بدوية وسيرين خوري وربا اللبواني ودانة إبراهيم الجوابرة وفهيمة صالح أوسي (هيرفين) ونسرين خالد حسن ووفاء محمد اللحام وليلى اللبواني وصبا حسن. ونقل عن مصادر من عائلات النساء المعتقلات أن «صحة الموقوفة هيرفين أوسي تدعو إلى القلق لأنها أعلنت إضراباً عن الماء أيضاً». وكان القضاء السوري أصدر الخميس مذكرات توقيف وإيداع بحق 32 معتقلاً على خلفية مشاركتهم في الاعتصام أمام وزارة الداخلية، وذلك بعد استجوابهم بتهمة «النيل من هيبة الدولة وتعكير صفو العلاقة بين عناصر الأمة». وأعربت المنظمات الحقوقية الموقعة على البيان أمس عن «تضامنها الكامل مع النساء المعتقلات»، مطالبة السلطات السورية «بإغلاق هذا الملف والإفراج الفوري عن جميع الموقوفين على خلفية هذه القضية». وجددت «مطالبتها للحكومة السورية بضرورة احترام تعهداتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات العامة التي التزمت تنفيذها والبدء باتخاذ إجراءات سريعة نحو تحقيق انفراجات فعلية في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة». والمنظمات الموقعة على البيان هي الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمرصد السوري لحقوق الإنسان، والمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية، ومركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي في سورية، والمركز السوري لمساعدة السجناء واللجنة السورية للدفاع عن الصحافيين. قائمة بالمعتقلين في غضون ذلك، نقل بيان للمرصد السوري لحقوق الانسان، وهو منظمة حقوقية غير حكومية مقرها لندن، ان السلطات الأمنية السورية اعتقلت خلال تظاهرات الجمعة «عشرات الاشخاص في درعا وغيرها من المحافظات». وأورد أسماء «حسين مصطفى علي وأبو بكر أيوب شعبان ونايف ايوب شعبان»، الذين قال إنهم اعتُقلوا أمام الجامع الأموي في دمشق، و «بسام أبو نبوب وبلال أبو نبوب ورزق الفالوجي وأكثم البرماوي»، بالاضافة الى نجلي عبد الوهاب المسالمة، الذين اعتقلوا في مدينة درعا. وأشارت الى اعتقال سعيد سليم السعيد في مدينة حمص. وأضاف البيان ان «الأجهزة الأمنية في دمشق اعتقلت خلال اعتصام وزارة الداخلية في 16 آذار (مارس) حسين اللبواني ومحمود الغوراني ومحمد أديب مطر وبراء كلزية ومحمد منير الفقير ومحمد الخطيب» الذين «لم يحالوا على القضاء الخميس مع 32 ناشطة وناشطاً اعتقلوا بالتاريخ نفسه وأحيلوا على القضاء بتهم النيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات العنصرية والمذهبية وتعكير العلاقة بين عناصر الأمة». كما ذكر بيان المرصد، أن أجهزة الامن السورية «اعتقلت بتاريخ 15 آذار (مارس) الصحافي السوري صبر درويش نجل المعتقل السابق علي درويش (حزب العمل الشيوعي) ومروة حسان الغميان (17 عاماً) خلال تظاهرة سوق الحريقة في دمشق الثلثاء الماضي». وأشار الى ان «قوات الامن داهمت في اليوم التالي (الأربعاء) منزل الغميان واعتقلت شقيقتها راما». وأفاد المرصد ان أجهزة الأمن في حلب «اعتقلت في 14 آذار (مارس) معتز صلاح الدين حمودة (22 عاماً) ودهمت منزل عائلته ومصادرة أجهزة كمبيوتر» كما «اعتقلت في اليوم نفسه هديل يشار كوكة (وهي) طالبة جامعية من الحسكة»، واعتقلت «الناشط نصر سعيد في 16 آذار (مارس) عقب استدعائه من جانب فرع أمن الدولة في اللاذقية». الب المرصد الحكومة السورية «بالافراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية»، معتبراً «استمرار السلطات السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين وناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان، سلوكاً لا يخدم مصلحة سورية ويتعارض مع المعاهدات الدولية التي صادقت عليها». ودعا إلى «إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في سورية، والسماح بلا قيد أو شرط بعودة السوريين من أصحاب الرأي خارج البلاد الذين يخشون الاعتقال في حال عودتهم».