نواكشوط، الجزائر، لندن - «الحياة»، أ ف ب - فتح اتفاق وقّعه الأفرقاء الموريتانيون برعاية سنغالية، الباب أمام إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف ببلادهم منذ انقلاب السادس من آب (أغسطس) الماضي الذي أطاح الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله، وفك العزلة الدولية التي فرضت على المجلس العسكري الحاكم. وينص الاتفاق الذي وقع في نواكشوط مساء أول من أمس على استقالة الرئيس ولد الشيخ عبدالله، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لتنظيم انتخابات رئاسية في 18 تموز (يوليو) المقبل. ووقع الاتفاق رئيس المجلس العسكري الذي نفذ الانقلاب الجنرال ولد عبدالعزيز وممثل تحالف الأحزاب المناهضة للانقلاب وزعيم أكبر أحزاب المعارضة أحمد ولد داده. ورغم أن الرئيس المخلوع لم يشارك في التوقيع مباشرة، فإن الرئيس السنغالي عبدالله واد أشاد ب «وطنيته». وقال للموريتانيين: «نجحنا عبر الحوار في إعادة النظام الجمهوري بفضل تفاني الرئيس ولد الشيخ عبدالله الذي أدرك ببساطة ما عجز عن إدراكه عدد كبير من الرؤساء، وهو أن هناك فارقاً بين السلطة والشعب. وقبل بأن تتم استشارة الشعب، وهذه بادرة عظيمة». ولم يلق ولد عبدالعزيز كلمة، لكن ممثله سيد احمد ولد الريس قال: «سنحاول عبور هذه المرحلة الانتقالية معاً وبهدوء، بمشاركة القوى السياسية كافة. وسنجري انتخابات شفافة سنحترم نتائجها». وبعد توقيع الاتفاق، أعلن الرئيس الانتقالي السابق العقيد أعلي ولد محمد فال الذي تولى السلطة بين العامين 2005 و2007 قبل إجراء الانتخابات التي جاءت بالرئيس المخلوع إلى السلطة، ترشيحه إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال في بيان: «لن أدخر جهداً في سبيل تعزيز الديموقراطية الحقيقية في بلادنا عبر وضع خبرتي المتواضعة في خدمة الشعب الموريتاني في هذه المرحلة الحاسمة في تطوره السياسي». وسيخوض ولد فال معركة الرئاسيات في في مواجهة رفيق السلاح سابقاً ابن عمه الجنرال ولد عبدالعزيز الذي تخلى أخيراً عن الزي العسكري ليتزعم حزب الغالبية البرلمانية «الاتحاد من أجل الجمهورية». وكان ولد فال نأى بنفسه عن الانقلاب، واعتبر أنه «سيغرق البلاد أكثر في نفق مظلم لا مخرج له». وقوبل الاتفاق بترحيب دولي، إذ أعربت المفوضية الأوروبية عن استعدادها لاستئناف التعاون مع موريتانيا. واعتبرت أن الاتفاق «ينهي مرحلة القلق والاضطراب» التي عرفتها البلاد. ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية عن المفوض الأوروبي بالوكالة المكلف العون الإنساني والتنمية أولي رين، قوله في بيان ان الاتفاق «يستجيب لضرورة احترام الدستور». وأشار رين إلى أن المفوضية على استعداد «لاستئناف التعاون مع موريتانيا في إطار الصندوق الأوروبي للتنمية في شكل تدرجي وتصاعدي». وأوضح أن المفوضية «ستتابع باهتمام» تطبيق الاتفاق، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي وأعضاء مجموعة الاتصال الدولية حول موريتانيا، وستفعل «كل ما في وسعها» لدعم المسار الانتقالي الجديد. وأشادت فرنسا بالاتفاق، داعية إلى الإسراع في تطبيقه. وأعربت عن استعدادها لتقديم مختلف أشكال الدعم لتطبيقه. أما سعيد جينيت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فهنأ الشعب الموريتاني بالاتفاق. وأعربت الجزائر عن «ارتياحها» للاتفاق الذي اعتبرته «إنجازاً كبيراً... حدد طرق ووسائل الخروج من الأزمة بالعودة السريعة إلى النظام الدستوري».