طوكيو، لندن، جاكرتا، برلين، شنغهاي - أ ف ب، رويترز - قدّر محللون أمس ألا تقلّ فاتورة التعافي من آثار الزلزال المدمر في اليابان وإعادة الإعمار عن 180 بليون دولار، أي ما يعادل ثلاثة في المئة من ناتجها المحلي السنوي، وما يزيد 50 في المئة على خسائر زلزال كوبي في اليابان عام 1995. وأعلن «بنك اليابان» (المركزي) ضخ ستة آلاف بليون ين (72 بليون دولار) في الأسواق النقدية في عمليتين لدعم الاقتصاد بعد الزلزال، ما يرفع المبلغ الإجمالي الذي ضخه منذ مطلع الأسبوع الى 34 ألف بليون ين (433 بليون دولار). ويريد «بنك اليابان» عبر ذلك مساعدة المصارف على التمويل، خصوصاً أن الحركة النقدية اضطربت منذ وقوع الزلزال والمد البحري، ما دمر مناطق في شمال شرقي جزيرة هونشو الكبرى. واعتبر وزير الاقتصاد الياباني كاورو يوسانو، أن «اهتزاز الأسواق اليابانية ليس قوياً بما يستدعي تدخلاً جماعياً من مجموعة السبع في سوق الصرف أو شراء الحكومة الأسهم». وأوضح أن «الأضرار الاقتصادية الناجمة عن زلزال الأسبوع الماضي المدمر ستكون محدودة». وتوقع يوسانو في مقابلة مع وكالة «رويترز»، أن «تتجاوز الموازنة الإضافية لتمويل أعمال الإغاثة وإعادة البناء، ما أنفقته اليابان بعد زلزال عام 1995 في كوبي»، مستبعداً أن «تواجه طوكيو مشكلة في تمويل الإنفاق الإضافي». ولا يرى يوسانو، أن «أسواق العملة والأسهم في حال اضطراب»، معلناً الرغبة في «الحصول على دعم نفسي من مجموعة السبع». ويعقد وزراء المال في مجموعة السبع مؤتمراً عبر الهاتف اليوم، لمناقشة خطوات لمساعدة اليابان في مواجهة التداعيات المالية والاقتصادية للزلزال. ورفض يوسانو، دعوة المشرعين الحكومة اليابانية إلى دعم السوق بشراء الأسهم، موضحاً أن «الوقت الآن ليس لدراسة مثل هذه الخطوات»، مشيراً إلى أن الأسواق «بدأت تستقر». وعزا ارتفاع سعر الين إلى مستوى قياسي في مقابل الدولار إلى «مضاربات قوية». ونفى إشاعات عن أن «شركات التأمين اليابانية تعيد العملة اليابانية الي البلاد عقب الزلزال»، موضحاً أن «وكالة الخدمات المالية وبنك اليابان المركزي لم يرصدا أي إشارات إلى مثل هذه الخطوات». وأعلن أن «سياسة العملة هي من اختصاص وزارة المال». ورجح رئيس مجلس إدارة الرابطة العامة للتأمين في اليابان هيساهيتو سوزوكي، أن تواجه شركات التأمين «أكبر تعويضات نتيجة الزلزال»، مستبعداً أن «تضر التعويضات بالمتانة المالية لشركات التأمين على غير الحياة». وفي مجال الطاقة، افترض وزير الصناعة بانري كايدا، أن «يواجه شرق اليابان انقطاع الكهرباء على نطاق واسع في حال عدم التوفير في استخدام الطاقة، نتيجة انخفاض إنتاج الطاقة الكهربائية بسبب الأضرار في المحطتين النوويتين». إذ لفت إلى أن استهلاك الكهرباء «ارتفع في شكل كبير أمس، بفعل موجة الصقيع التي ضربت شرق اليابان على رغم التقنين في توزيع الكهرباء». وفي حال لم يعمد المواطنون والمؤسسات إلى خفض استهلاك الطاقة الكهربائية، فيمكن أن تغرق طوكيو في الظلام بدءاً من ليل أمس. وأوضح كايدا، أن استهلاك الطاقة الكهربائية صباح أمس «بات موازياً لإنتاجها، ما يعني أن ساعات الذروة في استهلاك الكهرباء خلال الليل ربما تشهد ارتفاعاً في الطلب يؤدي الى انقطاع الكهرباء على نطاق واسع». ونتيجة دمار المحطات النووية بفعل الزلزال، رأى رئيس رابطة البترول اليابانية اكيهيكو تمبو، أن «من الصعب على اليابان بناء محطات نووية جديدة، وعليها السعي إلى تأمين إمدادات مستقرة من الفحم والغاز الطبيعي المسال والنفط». وتوقع أن يكون الصعود الحالي للين «موقتاً». وطلبت اليابان من إندونيسيا إمدادات إضافية من الغاز الطبيعي المسال والنفط، وأعلن نائب وزير الشؤون الخارجية ماكيكو كيكوتا في لقاء صحافي في جاكرتا أمس، أن اليابان «تعاني من نقص شديد في الكهرباء، لذا أطلب من حكومة إندونيسيا زيادة صادراتها من الغاز الطبيعي المسال والنفط لليابان». وانعكست كارثة اليابان على حركة الإنتاج في الصين، إذ توقع محللون أن «يتباطأ نمو طلب الصين على الفحم والنفط الخام بوتيرة أسرع في الربع الثاني من العام، بفعل تداعيات زلزال اليابان وأزمتها النووية على الإنتاج الصناعي الصيني». واعتبروا أن «الزلزال القوي وما تلاه من تسرب نووي في اليابان، وهي ثاني أكبر شريك تجاري للصين، ربما يدفع أيضاً نمو الصين إلى التراجع بوتيرة أسرع ويخفض طلبها على الطاقة في الشهور المقبلة، إذ تخفض آلاف المصانع الصينية التي تمد اليابان بالمنسوجات وأجزاء الأجهزة الكهربائية عملياته. ولم يستبعد المحلل لدى «بورفين اند غرتز في سنغافورة فيكتور شوم، أن «يكون التأثير الاقتصادي (لأزمة اليابان) على الصين عميقاً جداً». وقال: «إذا انكمش الناتج المحلي لليابان فستشعر الصين أيضاً بوطأة ذلك، ومن الطبيعي أن يضر باستهلاكها للطاقة مع تباطؤ القطاع الصناعي». وأفادت بيانات حكومية رسمية، بأن اليابان هي أكبر مورد للصين إذ تساهم في 13 في المئة من واردات الصين من الخارج، كما أنها ثاني أكبر سوق تصدير للصين إذ تحصل على 8 في المئة من شحناتها. وأوضح رايموند شان محلل الفحم لدى «ستاندرد تشارترد»، أن «تشديد السياسات النقدية يضر بالفعل بالاستهلاك، وسيزيد انخفاض الطلب الموسمي في الربع الثاني الى جانب الأزمة اليابانية الضغط على الواردات». وافترض محللون، ألا يكون «تأثير تراجع الناتج الصناعي على النفط الخام كبيراً، إذ يُرجح أن يعوض تحرك المصافي لرفع الإنتاج للتصدير إلى اليابان أي تراجع في الطلب المحلي». وأشار محللون، إلى أن «أرقام الواردات النهائية ربما تتعرض أيضاً لتشوهات نتيجة محاولات محتملة لبناء احتياطات نفطية استراتيجية». وتوقع محلل، أن «يتباطأ نمو الواردات النفطية من مستوياته المرتفعة المسجلة في الشهرين الأولين من العام». واستوردت الصين ثاني أكبر مشتر للنفط الخام بعد الولاياتالمتحدة، 19.95 مليون طن من الخام الشهر الماضي وهو ثالث أعلى مستوى. وفي المواقف الدولية عن تأثير أزمة اليابان على الاقتصاد العالمي، استبعدت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أن «يتأثر الاقتصاد العالمي في شكل ملموس»، وقالت: «لا يمكن ألمانيا التخلي تماماً عن الطاقة النووية في المدى القريب». واعتبرت أن الطاقة النووية «لا تزال أحد روافد الحصول على الطاقة بأسعار مناسبة، بينما يُحرز مزيد من التقدم في المصادر المتجددة للطاقة».