ربما لم يسعد شخص مثلما فرحت أنا شخصياً بمناسبة مناقشة مجلس الشورى موضوع اقتحام الإعلانات لجوالات المواطنين، الذين لا حل لهم الا استخدام وضع الصامت silent هرباً من صوت الرسائل المتلاحقة التي تقتحم جوالاتنا دون إذن، وفي كل وقت وبأي شكل رغم أنها أحياناً تجعلني أضحك من قلبي رغم الضيق والإزعاج المتلاحق. آخر هذه الرسائل بعد أرسل رسالة فارغة لتصلك دعوات لأهل مصر وأهل البحرين بعد الدعاء لأهل ليبيا، والتي كتبت عنها مقالاً (أسميته تقاليع). هبّت رياح جديدة تعزز ثقافة الاتكالية والاعتمادية وثقافة «الروبوت»، وهو الإنسان الآلي الذي يعجز عن التفكير والمسير الذي يستعين بكل ما حوله بصورة آلية للطلوع من مأزق ما أو موقف ما أو حالة ما وآخرها كان كالتالي (انتبه لا تفسر كل صمتي لك جفا بعض الغلا ما يشرحه غير السكوت! جوال همسات نصية للمتزوجين، فقط ارسل رقم الباقة 801240 واحصل على همسات وردية او همسات الأحبة او رسائل رومانسية او عتاب الأحبة السعر 40 هللة يومياً فقط). يعني أن المتزوجين فقط يمكنهم الاستفادة من هذه الخدمة، لأن الزوج بإمكانه إرسال رسالة فارغة لتأتيه رسالة اخرى في كلام منمق يجعله يركض ليقولها لزوجته ويخلص من (المأزق)، وبإمكان الزوجة إرسال رسالة (للربع) لتأتيها رسالة منمّقة أيضاً ترسلها لزوجها أو تحفظها عن ظهر قلب لتقولها، وهي تقدم له طعام الإفطار رغم ان معظم الأزواج لا يفطرون في بيوتهم، لذلك تمتلأ الكافتيرات عن بكرة أبيها، ليخرج كل زوج ومعه ساندوتيش بيض وجبنة صفراء و«كاسة شاي في الخمسينة»، الا لو تكرمت الزوجة وتفضلت وسمحت للمدعوة انيتا شغالتها الفلبنية بتحضير الفطور للزوج الغلبان الذي قد يغادر وهي نائمة ويعود ليجدها نائمة (ما علينا)، المهم ان تحفظ الرسالة الخاصة بالمتزوجين لأن فيها كل الخلاص رغم أني أتصور ان الأزواج لن يفرحوا طويلاً، فلو اجتمعوا مثلاً في الاستراحة وقام أحدهم بإخبار أصحابه أن أم العيال أصبحت تحبه جداً لأنها الآن تتفوّه بكلام جميل مثلاً... سيفاجأ أن أغلبهم يعرفون ما أخبرته به زوجته وطبعاً الاحتمالات كثيرة منها (ان الزوجة أخبرت زوجات اصدقائه بالكلام المعسول وغششتهم، وبهذا ذاعت سرهما أو أنها تردد كلاماً لا تعنيه، وهو الأرجح لأنها سمعت كلام والدتها هي الأخرى التي أوصتها بقول كلام جميل للزوج حتى ولو كان بالاستعانة بصديق أو صديقة أو ملطوش من خدمة رسائل نصية ب40 هللة يومياً فقط). نعود الى الخدمات الجليلة التي تقدمها التقنية الحديثة، والتي لم تنسَ رسائل العتاب المبرمج ولا رسائل الأحبة ولا همساتهم، ولم أفهم حتى الآن ما معنى الرسائل الوردية، وأفكر جدياً بتجربتها لتصبح حياتي «وردي وردي!». ذكّرني هذا الإعلان المضحك رغم كل شيء (بكاريكاتير شاهدته، أبدعت فيه رسامة سعودية بارعة اسمها منال محمد، عن زوجة اتصلت بوالدتها تستشيرها عن جملة قالها زوجها وهو يهم بالخروج من المنزل (يمى قال لي الليلة أبي رومانسية... إيش يقصد)، قالت لها الأم (والله ما فهمت بس طلعي نص دجاجة احتياطي يا بنيتي!). [email protected]