اشتهرت الطائف بالحضارات العمرانية القديمة المأهولة والغنية بالآثار، فيما أنشئ على مضايق أوديتها أكثر من 70 سداً تاريخياً، لا زال منها أكثر من 20 سداً ظلت قائمة أكثر من 1380 عاماً، ما يجسد إبداع إنسان الجزيرة العربية. ويعد سد معاوية، أو ما يعرف بسد سيسد، الواقع على بعد 12 كيلومتراً جنوب شرق الطائف، في وسط منطقة تضاريسها عبارة عن مجموعة من الشعاب والجبال، التي تصب مياهها وقت الأمطار في وادي سيسد، الذي بني عليه السد. وبني هذا السد في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان سنة 58ه، ويتكون من صخور «غرانيتية» يبلغ طول الجزء الباقي منه 58 متراً، ويراوح ارتفاعه ما بين 10.25 و8.50، ويبلغ عرض السد 4.10، والجزء الظاهر من واجهته الأمامية ليس بها أي آثار «للجص» أو غير ذلك، ويعتقد أن هذه الواجهة كانت مكسوة بطبقة من «الجص» أو «النورة»، ولكنها تساقطت بسبب عوامل التعرية، أما واجهة السد الخلفية فهي عبارة عن سلسلة مدرجة، بعرض 20 سم، تضيق كلما ارتفعت إلى أعلى السد، ووضعت الواجهة في هذا الشكل المدرج ليقاوم تدفق مياه السيول على الواجهة الأمامية، فيما شيد جدار السد بحجارة مستطيلة الشكل كبيرة الحجم، بنيت على هيئة «مداميك» أفقية مازالت عليها آثار «المونة» حتى الآن، وهذا ما جعل السد أكثر متانة وتماسكاً، ومحتفظاً بهيئته حتى وقتنا الحاضر. ويقع السد في منتزه سيسد الوطني، الذي يمتاز بإحاطته بالمرتفعات التي تنمو عليها الأشجار الكثيفة، إضافة إلى جريان عدد من الأودية في داخله، مثل وادي سيسد ووادي العرج ووادي نخب، التي تمنح الزوار مزيجاً رائعاً مع الطبيعة الخضراء المحيطة. ومن سدود الطائف التاريخية سد السملقي، الذي يقع في وادي ثمالة، جنوب غرب الطائف، بين جبلين في واد تكثر به أشجار السدر والطلح في الواجهة الأمامية للسد، أما في الخلف فأقيمت مزارع للعنب ومزارع للبرسيم والطماطم والخضراوات المختلفة، وتقدر طاقته التخزينية بحوالى 500 ألف متر مكعب، وبني الجزء الشمالي الغربي من السد بين بروز صخري يمثل أضيق نقطة في الوادي، ويلاحظ أثر الانكسار الذي أحدثه انجراف السد. وأول ما يشد الناظر إلى هذا السد ضخامة الأحجار التي شيد بها، وكيف استطاع إنسان ذلك الوقت رفع هذه الأحجار الكبيرة جداً إلى حيث مواضعها، ويبلغ طول السد 212 متراً، وارتفاعه 25 متراً، وعرضه عند القمة 10 أمتار، ويشبه في أسلوب بنائه بقية السدود التاريخية بالطائف، من حيث الجدارين المتوازيين الذين يتوسطهما «رديم الدبش» والواجهة الخلفية للسد، المبنية بكتل حجرية أكبر من تلك التي في الواجهة الأمامية للسد. كما يلاحظ التدرج في الواجهة الخلفية للسد، كما هي الحال في سد سيسد، إذ يعين هذا التدرج السد على تحمل قوة تدفق مياه السيول القادمة بقوة عند اصطدامها بجدار السد الأمامي. وفي السياق ذاته، أوضح الكاتب والباحث حماد السالمي أن سد معاوية يعد أحد السدود التاريخية الأثرية الموجودة في الطائف والتي مازالت قائمة على هيئتها إلى وقتنا الحاضر، نظراً إلى متانة بنائه وقوة تماسك جدرانه، مشيراً إلى أن هناك مجموعة أخرى من السدود الأثرية التاريخية المشابهة لسد معاوية، منها: سد عرضة، وسد اللصب، وسد ابن سلمان، وسد الدرويش، وسد قريقير، وسد وديمة، وسد العقرب، وسد السملقي، وسد ثلبة، وسد صعب، وسد القصيبة، وسد سداد، وسد الخير، وسد الداما، وسد غروق، وسد السلامة، وسد أم البقرة. بدوره، أكد مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الدكتور سعد الراشد أن محافظة الطائف تمتاز بموقع جغرافي استراتيجي، وطبيعة طوبوغرافية متنوعة التضاريس، فيها المنطقة الجبلية في الجنوب الغربي وتضم مرتفعات جبال السروات، والإقليم الصحراوي في الأجزاء الشمالية والشرقية، وتمتاز المنطقة بكثافة الغطاء النباتي، والغابات الطبيعية التي تحتضن أنواعاً مختلفة من الأشجار والعشائر النباتية التي تصل إلى 120 نوعاً من 85 فصيلة من المزروعات الطبيعية. وأشار إلى أنه ينتشر في الطائف عدد من الأودية في الجهات الجبلية في الغرب والجنوب الغربي، وتتجه سيولها نحو الشرق والشمال الشرقي، ويقدر عدد الأودية بالمحافظة ب38 وادياً، شكّلت متنزهات طبيعية جاذبة، للاستقرار السكاني في المناطق المحيطة، على مر العصور.