صهيب الزبن (32 سنة)، أردني ولد ونشأ في سورية وغادرها بعد اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. ثائر والي (33 سنة)، دمشقي مقيم راهناً في العاصمة الأردنية عمّان. ولاء خرمندة (24 سنة) حلبية نشأت في دمشق ومقيمة حالياً في عمان. الأسماء الثلاثة السابقة هي لأعضاء فريق عمل برنامج «بسيطة» الذي يبث عبر موقع «يوتيوب»، وينتقد بشكل ساخر الأوضاع السياسية في سورية وانعكاساتها، وقدم حتى الآن خمس حلقات تراوح عدد متابعيها بين 1600 متابع تقريباً بالحد الأدنى ونحو 4200 متابع بالحد الأقصى. لمعت فكرة البرنامج في ذهن الزبن بعد أن حقق شعبية عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، إذ كانت تعليقاته المتواترة والساخرة تحصد متابعة كبيرة ويتناقلها كثر. وارتأى المهندس المعماري أن من الأفضل تحويل مضمون المادة الفايسبوكية إلى نتاج مسموع ومرئي بدلاً من أن تكون مقروءة فقط. وجاء ذلك، بحسب الزبن، بالتزامن مع ازدياد الحاجة إلى «برنامج ناقد ساخر غير خاضع لأي أجندة ومن دون حدود», مشيراً إلى أن خيار إعداد برنامج يوفر القدرة على إدخال مقاطع بصرية أخرى يساعد على إيضاح الأفكار. وبهذا حوّل الشاب الأردني الجنسية، السوري الهوى، مكتبه الخاص إلى استوديو البرنامج وتكفل وحده بكتابة نصوص الحلقات وإعدادها والإشراف على الصوت والإضاءة ومن ثم التصوير والمونتاج والإخراج عدا عن مشاركته أحياناً بالتقديم، على رغم أنه لم يعرف العمل الإعلامي قبل الثورة السورية. مقدم البرنامج ثائر والي لم يأت من خلفية إعلامية أيضاً، مهنته الأصلية «شيف» ويعمل حالياً في التجارة. قادته الصدفة والفايسبوك إلى هذا الطريق. ويقول ابن حي «ساروجة» الدمشقي ل «الحياة» إنه أنتج فيديو قصيراً لانتقاد موقف أحد الإعلاميين، فنال ثناء أصدقائه الشخصيين والافتراضيين، كما نصحه أصدقاء إعلاميون بمواصلة المسير في هذا المجال. شاهد الزبن فيديو والي وأُعجب باندفاعه وجرأته بالوقوف أمام الكاميرا على رغم أنه هاو، وتزامن ذلك مع تحضيره لإطلاق البرنامج، فكانت بداية شراكتهما، لتنضم إليهما لاحقاً خرمندة وتشارك بإعداد وتقديم فقرتين في الحلقتين الثانية والثالثة كرستهما لمقاربة قضايا المرأة وشؤونها وشجونها، مستفيدة من خبرتها في مجال الإعلام النسوي عبر تأسيسها وإدارتها مجلة «بنات البلد» التي توقفت لاحقاً لغياب التمويل. ويشير القائمون على البرنامج إلى أنهم يهدفون إلى نشر الإعلام الساخر «الغائب عن مؤسسات الثورة الإعلامية» على أمل الوصول إلى برنامج احترافي متخصص بالشأن السوري، بالإضافة إلى «التعبير عن الرأي كممارسة ومكتسب من مكتسبات الثورة والتأكيد على مشروعية حرية الرأي حتى لو عبر الطرح التهكمي أو التحليل الساخر للأوضاع السياسية». ويؤكد الزبن أن لا أحد فوق النقد وأن الجميع سيلقى نصيبه مع التشديد على تجنب «تناول الإشاعات أو الخوض في الأمور الشخصية»، ويضيف: «النظام لا يحتاج إلى نقد بل إلى مجرد تسليط الضوء على مهازله ووقاحته وكذبه اليومي فيما المعارضة تحتاج للنقد من أجل تصحيح المسار». ويتفق والي مع الزبن في ضرورة انتقاد النظام والمعارضة على السواء. ويلفت إلى أن نقد الأخيرة قد يحتل أولوية أحياناً «لأن غباء وسائل إعلام النظام أكثر من كاف فيما نقد المعارضة ضروري لتصحيح أدائها وتنبيه كل السياسيين في سورية المستقبل إلى أن لا أحد على رأسه ريشة». ويعزو والي عدم قدرة البرنامج على حصد متابعة كبيرة مقارنة ببرامج سورية أخرى إلى وقوف شركات إنتاج ومنظمات داعمة خلف البرامج الأخرى بما يساعدها على الترويج والإعلان عن حلقاتها، وهو ما لا يتوافر ل «بسيطة»، بل إن غياب التمويل دفع فريق العمل أحياناً إلى التغيب لفترات نظراً إلى انتفاء العائد المادي من البرنامج، وعلى رغم ذلك فهو يعتبر أن نسبة المتابعة والمشاهدة جيدة ومقبولة بالنظر إلى الصعوبات وعدم توافر جهة منتجة. أما الزبن فيعبر صراحة عن رفضه لأي تمويل قد يأتي من جهة محسوبة على تيار سياسي لأن ذلك قد يؤثر على استقلالية البرنامج ويحوله إلى منصة «تشهير وفضائح». بالنسبة إلى خرمندة فهي تخشى تكرار تجربة مجلة «بنات البلد» لأن «ظرف اللجوء الذي نعيشه يجعلنا غير قادرين على التفرغ لعمل تطوعي، على سموه، في الوقت الذي نحتاج به تأمين الحاجات الأساسية من خلال عمل مأجور» وفق ما تقول. وتحذر من عائق آخر قد يواجه «بسيطة» وهو متعلق «بمحتوى البرنامج فالسخرية سلاح ذو حدين وشعرة بسيطة تفصل بين المضحك والمبتذل». يقر الزبن بحاجة البرنامج إلى الانتشار والوصول إلى عدد أكبر من الجمهور، وبحاجته إلى فريق عمل محترف لأن القسم الأكبر من العمليات الفنية يتم تنفيذه بإمكانات بسيطة، ومع ذلك فهو لا يخفي تفاؤله النابع من قصة البرنامج التي يختصرها بالقول: «للمرة الأولى أكتب سيناريو حلقة، للمرة الأولى أصور، للمرة الأولى أقوم بالمونتاج، للمرة الأولى أنشئ قناة على يوتيوب، للمرة الأولى أظهر أمام الكاميرا كمقدم، وفجأة وجدنا بين أيدينا برنامجاً... حدث كل ذلك بشكل صاعق وسريع ورائع».