تلوح الحكومة الأردنية بقرارات اقتصادية «غير شعبية» مرتقبة ستتخذها قبل نهاية العام الحالي، لرفع الدعم الرسمي عن عدد من السلع والخدمات الأساسية، على رأسها رفع أسعار الخبز. ووسط تسريبات رسمية شغلت الرأي العام الأردني في الأيام الماضية في شأن التوجه الحكومي الجديد من خلال إقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2018، دشن مواطنون على منصات مواقع التواصل الاجتماعي حملات تحذر من إقدام الحكومة على هذه الخطوة، حيث شهدت المملكة خلال عقود سابقة احتجاجات واسعة ضد توجهات مشابهة كان آخرها في عهد حكومة عبدالله النسور السابقة. وكان أيضاً من أشهر تلك الاحتجاجات، التي شكل رفع سعر الخبز عنوان أزمة سياسية في البلاد آنذاك، في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي الذي أطاح قرار حكومته به في العام 1996. وعلى رغم المحاذير السياسية للمساس ب «خبز الأردنيين»، يبدو أن التوجه الذي أجهضه الشارع في محاولات سابقة بات قراراً وشيكاً لحكومة هاني الملقي الحالية، حيث تبرر مصادر حكومية بعدم وجود خيارات بديلة للقرارات الاقتصادية المرتقبة والتي تنوي الحكومة فيها زيادة الضرائب وتحرير أسعار الخبز، كما أبلغت تلك المصادر «الحياة». وتبرر الحكومة قرار رفع الدعم عن مادة الطحين، بوجود نحو 4 ملايين مقيم غير أردني في المملكة، ووجوب عدم شمولهم بالدعم الحكومي المقتصر تقديمه على المواطنين. وفي هذا السياق، تقول الحكومة وفق المصادر ذاتها، أن تحرير سعر سلعة الخبز من الدعم يوفر نحو 180 مليون دينار أردني من عجز موازنة العام المقبل، في حين أن خطة التصحيح الاقتصادي التي يفرضها صندوق النقد الدولي تحتم على الحكومة الأردنية تطبيق حزمة إصلاحات ضريبية بقيمة 520 مليون دينار أردني للعام المالي الجديد. برلمانياً، بدأ نواب بالتصدي المسبق للتوجهات الحكومية، في حين أبلغ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني جنرالات في القوات المسلحة، خلال لقاء أجري الأسبوع الماضي، بأنه «بات من الضروري توجيه الدعم للمواطنين، في ظل وجود الملايين من الأجانب في المملكة». وأعاد الملك الأردني تأكيد أولوية الإصلاح المالي خلال لقائه برئيس وأعضاء مجلس الأعيان (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس الأمة) أول من أمس، مشدداً على أنه «لا يمكن الاستمرار بتحميل المواطن عبء الإعفاءات والدعم الذي يستفيد منه غير الأردنيين، والذين يقارب عددهم نحو 4 ملايين»، مشيراً الى أن «المواطن الأردني تحمل الكثير ولا يمكن الاستمرار بتحميله كلفة اللاجئين، فلا توجد دولة يسهل عليها أن تدفع ما يعادل ربع موازنتها للاجئين»، قائلاً «قد صبر الأردني كثيراً». وفي الأثناء، يستعد الأردن لإجراء معالجات جذرية لقانون الضريبة ومكافحة التهرب الضريبي، وذلك عبر التزامه بتوصيات صندوق النقد الدولي، في ظل اقتراب موعد إيفاء الأردن بشروط التصحيح الاقتصادي. وتعود الأزمة الاقتصادية في البلاد إلى وضع المنطقة خلال السنوات الماضية، حيث كان لانقطاع الغاز المصري والأزمات في الدول المجاورة والتي أدت إلى زيادة عدد السكان بنسبة 20 في المئة، وعدم تقديم الدعم اللازم من المجتمع الدولي، إضافة إلى إغلاق الحدود مع الشركاء التجاريين الرئيسيين للأردن، الأثر الأكبر على الاقتصاد. ويشتكي الأردن من تقصير الدول المانحة، أمام استنزاف كلفة استضافة اللاجئين السوريين في البلاد نحو ربع موازنة الدولة سنوياً.