لا يمكن تصوّر مونديال لكرة القدم من دون البرازيل أو الأرجنتين، لذا سيحاول نجم الأخيرة ليونيل ميسي تجنّب سيناريو الخروج خلال استقبال البيرو، فيما تبدو تشيلي، بطلة كوبا أميركا، في موقف حرج. وتلعب غداً (الخميس) في الجولة السابعة عشرة قبل الأخيرة من تصفيات أميركا الجنوبية بوليفيا مع البرازيل في لاباز، وفنزويلا مع الأوروغواي في سان كريستوبال، وتشيلي مع الإكوادور في سانتياغو، وكولومبيا مع البارغواي في برانكيا، والأرجنتين مع البيرو في بوينس آريس. وتتصدّر البرازيل الترتيب برصيد 37 نقطة وضمنت بطاقة التأهّل المباشر الأولى، فيما تتصارع سبعة منتخبات هي الأوروغواي (27 نقطة) وكولومبيا (26) والبيرو (24) والأرجنتين (24 أيضاً) وتشيلي (23) والبارغواي (21) والإكوادور (20) على ثلاث بطاقات أخرى والملحق الذي يلعب بموجبه صاحب المركز الخامس ذهاباً وإياباً مع نيوزيلندا بطلة أوقيانيا. وخرجت بوليفيا (13 نقطة) وفنزويلا (8 نقاط) نهائياً من المنافسة. ولم تغب الأرجنتين عن سماء المونديال منذ 47 سنة، ونسخة 1970 تحديداً التي فازت فيها البرازيل بيليه، وهي لا تزال تملك الفرصة، لكن على نجم برشلونة الإسباني ورفاقه تجنّب هذا السيناريو الكارثي وحتى تفادي الملحق لأنه ليس هذا هو الموقع الحقيقي للمنتخب وصيف بطل العالم في مونديال 2014 في البرازيل. وسيكون ملعب ال "بونبونيرا" مسرحاً للقاء المنتظر مع البيرو التي تتقدّم عليها فقط بأفضلية الأهداف المسجلة، علماً أن الأخيرة هي التي حرمتها من التأهّل إلى مونديال 1970 في المكسيك بتعادلها معها على الملعب ذاته 2 - 2. واعتبر لاعب وسط البيرو ويلدر كارتاجينا "أن الضغط قد يلعب هذه المرة في غير مصلحتهم، إذا لم تسر الأمور في شكل جيّد في البداية لمصلحتهم". وسجّلت الأرجنتين 16 هدفاً ودخل مرماها 15 هدفاً (26 مقابل 25 للبيرو)، وهذا الشح في التهديف يؤرق الأرجنتين التي تعجّ صفوفها بالنجوم الذين يمطرون الشباك في البطولات الأوروبية، وهم إضافة إلى ميسي سيرخيو أغويرو (مانشيستر سيتي الإنكليزي) وغونزالو هيغواين وباولو ديبالا (يوفنتوس الإيطالي)، وماورو إيكاردي (إنتر ميلان الإيطالي) وأنخل دي ماريا (باريس سان جرمان) وغيرهم. ويبقى هذا الأمر محيّراً بالنسبة إلى مشجعي المنتخب الأرجنتيني، ويشكّل مفارقة لديهم، وقد قطع التعادل الأخير مع فنزويلا الضعيفة 1 - 1 أنفاسهم. وأطلق المدرب السابق والشهير لويس سيزار مينوتي الذي قاد المنتخب الأرجنتيني إلى لقب 1978 على أرضه، تحذيراً، وقال: "أمر مخيف أن نرى ذلك. هناك شيء مهم داخل المنتخب لا يسير في شكل جيد". ويتعيّن على ميسي والآخرين أن يعيدوا الروح وتصحيح مسار المنتخب أمام أنصاره المتعطشين لمشاهدة النجوم يقتربون من انتزاع بطاقة التأهّل المباشر، وعلى ذمة الصحافة المحلية فقد نفدت بطاقات الدخول إلى الملعب بعد 20 دقيقة فقط من طرحها للبيع وبقي نحو 120 ألف شخص يندبون حظهم. لكن المدرّب الجديد للمنتخب خورخي سامباولي الذي تولّى المهمة في حزيران (يونيو)، آثر عدم استدعاء هيغواين وفضّل عليه أليخاندرو "بابو" غوميز (أتالانتا الإيطالي)، فضلاً عن عدم الاستفادة كثيراً من خدمات ديبالا متصدّر ترتيب الهدافين في إيطاليا، لأنه يلعب في مركز ميسي وغياب أغويرو بداعي الإصابة. ويفسر ديبالا قلّة مردوده بالقول: "من الصعب اللعب إلى جانب ميسي لأننا نلعب كلانا في المركز نفسه". وسيلعب إيكاردي إلى جانب ميسي في خط الهجوم، فيما سيأخذ غوميز أو إدواردو سالفيو (بنفيكا البرتغالي) على الأرجح مكان ديبالا. وسيلتقط المدرب سامباولي الواقع تحت ضغط كبير، أنفاسه في حال الفوز، لكن الخسارة تعني عودة شبح الخروج الخطر قبل الانتقال إلى كيتو في العاشر من الشهر الحالي لخوض المواجهة الأخيرة مع الإكوادور. وقال سامباولي: "علينا أن نشجع اللاعبين على المضي في طريق الهجوم". ولم تتوّج الأرجنتين بأي لقب منذ 24 عاماً، علماً أنها حلّت أخيراً وصيفة ثلاث مرات في مونديال 2014 وفي كوبا أميركا 2015 و2016. وأكّد مدافع البيرو ميغيل أراوخو أنه لا يخشى ميسي ولا غيره على ملعب بونبونيرا، وقال: "نحن منتخب متضامن وإذا كان ميسي لاعباً مهماً، فنحن لدينا 11 لاعباً يستطيعون إيقافه. يجب أن نضعه في مهب الريح". قد تشكل التصفيات الحالية نهاية لجيل ذهبي تألّق في السنوات العشر الأخيرة، وقاد تشيلي إلى إحراز كوبا أميركا في نسختي 2015 و2016 بزعامة أليكسيس سانشيز هدّاف آرسنال الإنكليزي وأرتورو فيدال. وكانت تشيلي قريبة من حجز إحدى البطاقات، لكنها تراجعت إلى المركز السادس بخسارتها في الجولتين السابقتين أمام بوليفيا في لاباز (صفر - 1) ثم على أرضها أمام البارغواي (صفر - 3)، ما رفع منسوب الانتقادات إلى حد اعتبار أن نهاية الجيل الذهبي قد اقتربت. لكن مهاجم فريق يونيفرسيداد ماوريسيو بينيا يرفض الاستسلام للأمر الواقع، ويقول في مؤتمر صحافي: "تشيلي حيّة وتملك مقومات التأهّل. الأمر متعلّق بنا وحدنا وسنقوم بكل ما نستطيع من أجل ذلك". ويضيف: "سنعمل على أن تنتهي مسيرات اللاعبين الرائعة بمشاركة جديدة في المونديال. لا نتوقّع عدم الذهاب إلى كأس العالم". وعلى الضفة الإكوادورية، أدّت النتائج المتواضعة إلى خسارة المدرّب الأرجنتيني - البوليفي غوستافو كينتيروس منصبه، وتولّي الأرجنتيني خورخي سيليكو دفة القيادة، ويبدو أن الأخير غضّ الطرف عن "روسيا 2018"، وبدأ الإعداد ل "قطر 2022" وقرّر إجراء تعديلات كثيرة وكبيرة على المنتخب. وأكّد مخضرم المنتخب الإكوادوري أنطونيو فالنسيا (مانشيستر يونايتد الإنكليزي)، "هناك 18 لاعباً جديداً من أصل 20. هذا ما يريده الناس، ونأمل بأن يعطي (هذا التغيير) ثماره". وتبدو الأوروغواي أقرب المنتخبات السبعة إلى حجز إحدى البطاقات الثلاث الأخرى على حساب مضيفتها فنزويلا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى كولومبيا على حساب مضيفتها البارغواي. وعلى الرغم من صعوبة مهمتها في لاباز على ارتفاع أكثر من أربعة آلاف متر، إلا أن البرازيل تجنّبت أي حسابات معقدة بعدما كانت أول المتأهّلين إلى النهائيات.