خالف المنتخب السوري التوقعات في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2018، وتمكّن على رغم ظروف النزاع الدامي من بلوغ الملحق ضد أستراليا، آملاً بمواصلة مسيرته وإثبات قدرته على "اختراق المستحيل". كان "نسور قاسيون" في موقع يتيح لهم الظفر بإحدى بطاقتي التأهّل المباشر عن المجموعة الآسيوية الأولى. إلاّ أنّ عدم تمكّنهم من الفوز على مضيفتهم إيران في أيلول (سبتمبر)، واكتفائهم بالتعادل بعد هدف في الوقت القاتل من عمر السومة، جعل لاعبي المدرب أيمن حكيم يحققون نصف إنجاز باحتلال المركز الثالث، وخوض الملحق القاري ضد المنتخب الأسترالي في 5 تشرين الأول (أكتوبر) و10 منه. وأبقى المنتخب السوري على آماله ببلوغ المونديال للمرة الأولى في تاريخه، شرط تجاوز عقبة أستراليا التي يلاقيها غداً (الخميس)، في مدينة مالاكا الماليزية في المباراة المحتسبة على أرضه، قبل لقاء الإياب في سيدني الأسترالية. وفي حال تمكّن المنتخب من تحقيق ذلك، يتوجّب عليه تخطي عقبة الملحق الدولي ضد رابع منطقة الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي)، ليخوض المونديال الروسي. وقبل المواجهة الأولى، قال حكيم لوكالة "فرانس برس": "وصولنا إلى الملحق الأسيوي هو أشبه بالإعجاز. لم يكن أحد يتوقع أن نصل إلى هذه المرحلة في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها بلادنا". ورأى أن ذلك "تأكيد على الإرادة التي يمتلكها السوريون والقادرة على اختراق المستحيل". وأضاف "نعيش على الأمل وعلى تحقيق حلم التأهّل إلى المونديال وهو حلم كل السوريين"، معتبراً أن ذلك "يعني الكثير، يعني الانتصار على كل الأوجاع التي عشناها، يعني إعادة أجواء الفرح التي غابت طويلاً، يعني ويعكس قدرة السوريين على صنع المعجزات". ويحتلّ المنتخب المركز 75 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو التاسع آسيوياً. وتعزّز أداؤه في الفترة الماضية بعودة مهاجميه فراس الخطيب وعمر السومة بعد غياب أعوام لأسباب سياسية. وقال حكيم "شكّلت عودة الخطيب ومن بعده السومة قوة معنوية وفنية كبيرة لمنتخبنا لما يتمتعان به من إمكانيات فنية كبيرة وشكلا مع (عمر) خريبين مثلث قوة"، مضيفاً "كنت أتمنى لو التحق السومة والخطيب منذ بداية التصفيات وأنا على ثقة أننا كنا سنتأهل مباشرة". وأبرز السومة أهمية عودته والخطيب إلى المنتخب، قائلاً ل "فرانس برس" إن هذه العودة "أكسبت منتخبنا شخصية وقوة في مختلف مراكز المنتخب، وهذا أمر إيجابي، وفي كل مباراة ترتفع وتيرة الانسجام". ويدرك أفراد المنتخب السوري صعوبة المواجهة أمام أستراليا، بطلة آسيا والتي لم تغب عن النسخ الثلاث الأخيرة، وبلغت الدور الثاني عام 2006 في ألمانيا حيث خسرت أمام إيطاليا التي أحرزت اللقب. ورأى السومة لاعب النادي الأهلي السعودي أن الملحق ضد أستراليا هو عبارة عن "مواجهة صعبة ندرك جميعاً أهميتها. نحتاج إلى الفوز أكثر من أي وقت مضى". ويعد السومة أحد أبرز المهاجمين في آسيا، وشكّل مع مواطنه لاعب الهلال السعودي عمر خريبين، إضافة إلى الخطيب، ثلاثياً فعّالاً في خط المقدمة للمنتخب السوري. وواجه المنتخب صعوبات جمة لبلوغ هذه المرحلة، في ظل النزاع الدامي الذي أدى إلى مقتل أكثر من 330 ألف شخص منذ عام 2011. وقال حكيم "الجميع يعرف حجم المأساة التي تعيشها بلدنا وانعكست على كل مفاصل الحياة ومنها المفصل الرياضي حيث كان من الصعب أن نجري معسكرات خارجية حقيقية ومباريات استعدادية على مستوى عال، ناهيك عن خوضنا كل مبارياتنا خارج أرضنا". وتطرّق المدرّب إلى تصريحات "مدربين وخبراء عرب وأجانب اعتبروا فيها أن منتخبنا سيكون الحلقة الأضعف في التصفيات"، لافتاً إلى أنّ "كل هذه الأمور انعكست إيجاباً علينا وخلقت فينا روح التحدي". ولم يخفِ حكيم صعوبة المواجهة المقبلة مع أستراليا، على رغم أن الأخيرة ستخوضها في غياب قائدها مايكل جيديناك بسبب الإصابة، علماً أنّ اللقاء هو الأول بين البلدين. وأوضح المدرب السوري "أشعر بصعوبة المواجهة مع أستراليا القوية (...) أواصل دراستها بكل التفاصيل للوصول إلى الطريقة التي سنتعامل معها فيها"، معتبراً أنّ "الخطأ هنا ممنوع". وسيغيب جيديناك نجم أستون فيلا الإنكليزي عن المواجهتين بسبب إصابة في الفخذ، علماً أنه غاب أيضاً عن المباراتين الأخيرتين لأستراليا في التصفيات ضد اليابان (صفر-2) وتايلاند (2-1). واحتلت أستراليا المركز الثالث في المجموعة الثانية بفارق الأهداف خلف السعودية التي تأهلت مباشرة برفقة اليابان المتصدرة. وأعرب مدرب أستراليا أنجي بوستيكوغلو في تصريحات سابقة عن ثقته بقدرة منتخبه على التفوّق، قائلاً "أنا واثق من أنّ لدينا مجموعة من اللاعبين قادرين على تحقيق هدفنا في التأهّل إلى الدور التالي". وعلى رغم إقراره بقوة أستراليا، لا يستعبد حكيم مواصلة سورية مسارها اللافت "اعتدنا على مواجهة الأقوياء ولم نعد نخشى اللعب في أرض الغير. لا يوجد مستحيل في كرة القدم وقد أثبتنا ذلك".