باريس – أ ف ب - يعتقد خبراء أن المسلمين في فرنسا الذين دعاهم ناشطون من اليمين الخميس الماضي للانسحاب من الحزب الرئاسي، الاتحاد من أجل غالبية شعبية، احتجاجاً على جدل حول العلمانية والإسلام، لا يشكلون «كتلة انتخابية» موحدة حتى وإن كان الرئيس نيكولا ساركوزي استمال بعضهم في عام 2007. وترى الاختصاصية في العلوم الاجتماعية نصيرة قنيفي أن الناخبين المسلمين «يتوزعون على كامل الخريطة السياسية»، من اليمين المتطرف إلى اليسار المتطرف، مشيرة إلى «تطابق السلوك الانتخابي» للمسلمين مع سلوك الفرنسيين جميعهم. وأكد محمد الموسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (هيئة تمثيلية في فرنسا)، أن أصوات مسلمي فرنسا «مشتتة جداً» و»لا تعبّر عن انتماء ديني»، مضيفاً أن ظهور طبقة متوسطة بينهم «أدى إلى تشجيع بعض التصويت إلى اليمين» حتى وإن لم تجر أي دراسة حول تصويت المجموعة. وأثناء الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، لم يخف بعض مسلمي فرنسا تفضيلهم لزعيم الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) جان ماري لوبن الذي إختار هو نفسه فتاة من أفريقيا الشمالية لأحد إعلانات حملته الإنتخابية. وأوضح بعضهم أنهم يشاطرون الزعيم التاريخي للجبهة الوطنية «بعض القيم الأخلاقية» مثل حظر الزواج بين مثليي الجنس. لكن في عام 2007 استفاد من تصويت المسلمين في فرنسا خصوصاً ساركوزي، الذي ركّز على إبراز رموز قادمة من بلدان مسلمة مثل رشيدة داتي المولودة لأب مغربي وأم جزائرية وراما ياد إبنة أسرة سنغالية، بحسب قنيفي. وقالت المحللة الاجتماعية أن «إنتقال الأصوات أفاد ساركوزي وليس اليمين» المتطرف. بيد أنها أضافت أن «لحظة الانبهار الانتخابي لن تتكرر العام المقبل لأن سياسة الظهور المفرط التي إعتمدها الرئيس الفرنسي أدت إلى «خيبة أمل» بين ناخبيه. وأضافت قنيفي أن الشخصيات التي ترمز للتعددية الثقافية في الحكومة «لم تكن يوماً في موقع ممارسة الحكم» و»ما بقي راسخاً في نهاية المطاف هي القوانين التي تزداد قمعاً»، التي سنتها داتي حين كانت وزيرة للعدل في حين قامت وزيرة المدينة السابقة فضيلة عمارة ذات الأصول الجزائرية، «بدور مدمر في سياسة المدينة». ولاحظ علي ملولي المسؤول البلدي الاشتراكي انه «لا توجد كتلة انتخابية مسلمة، لكن مسلمين يصوتون لقيم وكل يصوّت بحسب مرجعياته». في المقابل، يشير نائب رئيس بلدية بوناي في المنطقة الباريسية إلى «تصويت مضاد للمسلمين يريد حزب ساركوزي التنازع عليه مع الجبهة الوطنية من خلال تنظيم حوار حول العلمانية الذي هو في الواقع نقاش حول الإسلام». وأثار هذا الحوار، الذي من المفترض أن ينظمه الأمين العام لحزب ساركوزي جان فرانسوا كوبيه في 5 نيسان (أبريل) المقبل، غضب المسلمين اثناء اجتماع لمنتخبين ومسؤولي جمعيات عقد الخميس الماضي في مسجد باريس. ودعا عميد المسجد دليل أبو بكر الرئيس الفرنسي إلى إلغاء هذا الحوار لأن «المواطنين المسلمين في فرنسا لا يجب ان يكونوا كبش فداء لوضع الأزمة» الذي تعيشه البلاد. ومزق عبدالله زكري المكلف بمهمة في المجلس الفرنسي للديانة اللإسلامية بطاقة عضويته في حزب ساركوزي وحضّ «كل المنخرطين المسلمين في الاتحاد من أجل حركة شعبية» الى الاقتداء به. كما دعا عبدالرحمن دحمان رئيس مجلس الديموقراطيين المسلمين في فرنسا المستشار التقني للرئيس ساركوزي مسلمي فرنسا إلى «عدم تجديد عضويتهم» في حزب ساركوزي طالما لم يلغ الحوار، وهو ما كلفه منصبه في الرئاسة أول من أمس. ويعيش بين خمسة وستة ملايين مسلم في فرنسا، التي تشهد جدالاً حول مكانة الاسلام في المجتمع ترجم خصوصاً من خلال منع النقاب والبرّقع.