رفضت المعارضة اليمنية مبادرة جديدة أطلقها الرئيس علي عبد الله صالح أمس وتضمنت نقل البلاد إلى النظام البرلماني قبل نهاية العام الحالي، ومنح حكومة منتخبة «برلمانياً» الصلاحيات التنفيذية كافة بموجب دستور جديد يتم اعتماده باستفتاء شعبي، مع بقائه في منصبه حتى نهاية ولايته الدستورية الحالية في أيلول (سبتمبر) 2013. وسارعت قيادات أحزاب المعارضة المنضوية في ائتلاف «اللقاء المشترك» إلى إعلان رفضها المبادرة التي أعلنها الرئيس أمس أمام نحو خمسين ألفاً من أنصاره ومؤيديه حشدهم حزب «المؤتمر الشعبي العام» الحاكم في مهرجان في الأستاد الرياضي بصنعاء، واعتبرتها «متأخرة في التوقيت وتجاوزتها التطورات» في ظل اتساع حركة الاعتصامات والتظاهرات المطالبة بسقوط النظام ورحيل صالح وامتدادها إلى معظم المدن والمحافظات اليمنية. وقال رئيس «اللقاء المشترك» ياسين سعيد نعمان إن ما عرضه صالح «محاولة يائسة لإنقاذ النظام الحاكم من أزمته»، مؤكداً أن الأحزاب تقف إلى جانب الشعب اليمني في مطالبه المشروعة في حين أعلنت الكتلة البرلمانية للمعارضة أن مبادرة الرئيس تتعارض مع مطالبة المعتصمين والمحتجين من أبناء الشعب اليمني برحيله الفوري، ورأوا فيها «إعلان وفاة للنظام». وتضمنت مبادرة صالح تشكيل لجنة من مجلسي النواب والشورى والفاعليات والقوى الوطنية لإعداد دستور جديد يفصل بين السلطات وينص على الانتقال إلى النظام البرلماني بحيث تنتقل كل الصلاحيات التنفيذية إلى حكومة منتخبة برلمانياً بحلول نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل، بالإضافة إلى تطوير نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات على أساس اللامركزية المالية والإدارية، وإنشاء الأقاليم في ضوء المعايير الجغرافية والاقتصادية للدولة اليمنية. كما نصت على تشكيل حكومة وفاق وطني تتولى الإعداد للانتخابات وفق نظام القائمة النسبية وتشكيل لجنة جديدة للانتخابات والاستفتاء. وعلى رغم أن معظم ما ورد في مبادرة الرئيس يتوافق مع مطالب وشروط أحزاب المعارضة، إلا أن المقترح الخاص بإنشاء نظام الأقاليم في إطار الحكم المحلي كامل الصلاحيات يُعد خطوة متقدمة ربما أراد صالح أن تكون إطاراً لاحتواء جماعات «الحراك الجنوبي» المطالبة بانفصال جنوب البلاد عن شماله والعودة باليمن إلى ما قبل الوحدة التي أعلنت العام 1990. كما أن تأكيد الرئيس في مبادرته اعتماد نظام القائمة النسبية في العملية الانتخابية النيابية ينسجم مع مطالب كررتها أحزاب «المشترك» وكانت في السابق أحد أهم شروطها للعودة إلى الحوار مع الرئيس والحزب الحاكم. لكن المبادرة أوحت ضمناً بإصراره على البقاء في منصبه حتى نهاية ولايته، ولم تتطرق إلى الإصلاحات التي اشترطتها أحزاب «المشترك» في المؤسسة العسكرية والأمنية وإعادة هيكلتها على أسس جديدة تضمن حيادها وتجعلها بمنأى عن الصراع السياسي، وهو ما دفع بقيادات المعارضة إلى التشكيك في جدية الرئيس بالانتقال السلس والسريع للسلطة. وكان صالح الذي تعهد بحماية المتظاهرين والمعتصمين المعارضين توقع سلفاً بأن المعارضة لن تقبل مبادرته، وقال انه يعتبر ما قدمه «براءة ذمة أمام الشعب اليمني، مالك السلطة ومصدرها والفيصل في اتخاذ القرارات المصيرية للوطن». وفي سياق منفصل، دانت أوساط نيابية وحزبية واسعة ومشايخ قبائل يمنية من مختلف الشرائح والمحافظات الاعتداء الذي تعرض له منزل النائب المستقيل من الحزب الحاكم محمد عبد الله القاضي من قبل دوريات أمنية وعسكرية أطلقت الرصاص على المنزل فأصابت شقيق النائب القاضي وأحد مرافقيه بجروح خطرة قبل أن تتدخل قيادات عسكرية وشخصيات اجتماعية لفك الحصار عن منزله مساء اول من امس. وينتمي النائب القاضي إلى قرية بيت الأحمر بمديرية سنحان في محافظة صنعاء مسقط رأس الرئيس صالح، غير أنه عرف بمواقفه المعارضة للحكم وتزعم أخيراً مع عدد من نواب الحزب الحاكم تكتلاً أطلق عليه «كتلة النواب الأحرار للإنقاذ الوطني» ضم النواب المستقيلين من الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم. ويعتبر والده اللواء عبدالله القاضي احد ابرز قادة القوات المسلحة اليمنية.