أعلن الجيش الليبي أمس حظر الطيران فوق مدينة بنغازي وضواحيها مهددا بإسقاط أي طائرة تحلق فوق المنطقة، وذلك غداة غارات جوية نفذتها قوة شبه عسكرية على مواقع تنظيم اسلامي متطرف. وأعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي في بيان نقلته وكالة الأنباء الليبية الرسمية «حظر الطيران فوق مدينة بنغازي وضواحيها حتى إشعار آخر»، مضيفة أنه «سيتم استهدف أي طائرات عسكرية فوق المدينة وضواحيها من قبل وحدات الجيش الليبي والوحدات التابعة للغرفة الامنية المشتركة وتشكيلات الثوار التابعة لها» وفي سياق متصل قال مسؤول في وزارة الصحة الليبية أمس، إن عدد قتلى اشتباكات وقعت في مدينة بنغازي بشرق ليبيا ارتفع إلى 43 بعدما كان 19، وإن أكثر من مائة شخص أصيبوا. واندلعت الاشتباكات الجمعة بين قوات ليبية غير نظامية وإسلاميين متشددين. وأعلن اللواء المتقاعد الليبي خليفة حفتر الذي شن هجوماً الجمعة على ميليشيات إسلامية في بنغازي أسفر عن سقوط 24 قتيلاً، تصميمه على مواصلة عمليته ضد المجموعات «الإرهابية» في المدينة التي كانت مهد الثورة في ليبيا وأصبحت ملاذاً لعديد من المجموعات الإسلامية المسلحة وبؤرة لأعمال عنف. وقال حفتر لقناة «ليبيا» أمس إن «العملية ستستمر حتى تطهير بنغازي من الإرهابيين». وكانت بنغازي مهد الثورة التي انطلقت شرارتها في فبراير 2011 وأدت إلى الإطاحة بنظام معمر القذافي. وساد هدوء حذر في بنغازي غداة يوم دامٍ شهد مواجهات عنيفة بين مجموعة مسلحة موالية لحفتر وميليشيات إسلامية، وشاركت فيها طائرات ومروحيات قتالية. وتقول مصادر محلية إن جهود وساطة تجري لضمان عدم تجدد الاشتباكات. ففي ساعة مبكرة الجمعة شن حفتر هجوماً على قاعدة لثوار سابقين، وتعهد «بتطهير» بنغازي من «المجموعات الإرهابية». وتأتي أعمال العنف التي أدت إلى مقتل 24 شخصاً وجرح 150 آخرين، بعد أسابيع على اعتراف الحكومة في طرابلس وللمرة الأولى «بوجود مجموعات إرهابية» في ليبيا، وقالت إنها تقوم بالتعبئة ضدهم. ويقود حفتر قوة تطلق على نفسها اسم «الجيش الوطني» شنت» عملية واسعة لتطهير بنغازي من الإرهابيين»، بحسب المتحدث باسم القوة محمد الحجازي. وقال الحجازي الذي كان مثل حفتر ضابطاً في جيش القذافي قبل أن ينشق «هذه ليست حرباً أهلية، إنها عملية ضد المجموعات الإرهابية». وقامت قوات حفتر بقصف ثوار سابقين في المدينة وخصوصاً أنصار الشريعة، التي صنفتها الولاياتالمتحدة جماعة إرهابية ، بحسب الجيش الليبي. ونفى الجيش النظامي أي مشاركة له في اشتباكات الجمعة ودانت الحكومة العملية. ونفى عبدالسلام جادالله الصالحين رئيس أركان القوات المسلحة، أي دور للجيش في اشتباكات بنغازي. وقال الصالحين في طرابلس إن «الجيش (النظامي) لا علاقة له بالاشتباكات. الجيش لم يعطِ أي أوامر بأي عملية» في بنغازي. غير أن الصالحين أقر أن عدداً من الضباط ووحدات من الجيش النظامي انضموا إلى قوة حفتر. ووصف رئيس الوزراء عبدالله الثني، قوة حفتر بأنها «مجموعة خارجة عن القانون»، وقال في مؤتمر صحافي في طرابلس إن الجيش «يسيطر على الوضع على الأرض»، داعياً إلى ضبط النفس. وتوقف القتال بعد ظهر الجمعة، فيما تحدث شهود عيان عن قيام قوات حفتر بالانسحاب. وتم تعليق الرحلات الجوية في بنغازي خلال النهار، وقال مسؤول إن مطار المدينة سيغلق 24 ساعة لدواعٍ أمنية. ويبدو الليبيون منقسمين إزاء الاقتتال في بنغازي. فبعضهم يعتقدون أن عملية حفتر مقدمة لانقلاب عسكري وأن هدفه الاستئثار بالسلطة. ويراه آخرون رجلاً قوياً يمكن أن يخلص ليبيا من التطرف، وهي المهمة التي لم تتمكن السلطات المركزية من إنجازها رغم وعودها بذلك.