مر الاستفتاء في كردستان على الانفصال عن العراق بهدوء داخل الإقليم، لكن ردود الفعل الخارجية وفي بغداد تؤشر إلى تصعيد خطير. وكثفت تركيا اتصالاتها بالدول المعارضة للانفصال، ملوحة بالخيار العسكري، وأجرى الجيش العراقي مناورات مع الجيش التركي عند الحدود، وسيزور الرئيس رجب طيب أردوغان طهران يرافقه رئيس الأركان للتنسيق مع المسؤولين الإيرانيين في اتخاذ إجراءات اقتصادية أكثر صرامة ضد الإقليم، منها وقف استيراد النفط وإحكام إغلاق الحدود. وأوصى البرلمان العراقي رئيس الوزراء حيدر العبادي بنشر قوات في المناطق المتنازع عليها لمنعها ب «القوة» من الانضمام إلى الإقليم، ما ينذر بحروب في العراق، خصوصاً إذا أصرت طهرانوأنقرة على موقفيهما. ونفذ الإقليم أمس الاستفتاء، متجاهلاً كل الاعتراضات الإقليمية والدولية، وسط توقع بتجاوز المقترعين بنعم ال90 في المئة من عدد المشاركين، وقد أجل إقفال الصناديق ساعتين، وتعلن النتائج خلال 72 ساعة. وشهدت السليمانية وكركوك التي فرض فيها حظر التجول فتوراً في الإقبال على التصويت، مقابل مشاركة كثيفة في أربيل ودهوك. ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت 5 ملايين ناخب في محافظات الإقليم الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، والمناطق «المتنازع عليها»، وهي محافظة كركوك ووحدات إدارية تابعة لمحافظات نينوى وديالى وصلاح الدين. وأكدت مفوضية الانتخابات أنها وزعت 12 ألف صندوق على ألفي مركز انتخابي، بينما تغطي أكثر من 100 وسيلة إعلامية أجنبية و60 محلية الحدث، وهناك 10 فرق مراقبة دولية و70 محلية. من جهة أخرى، أقبل المواطنون على مراكز التسوق لشراء المؤن، وشهد بعض محطات الوقود طوابير، بسبب الهواجس من تنفيذ أنقرةوطهران تهديداتهما بغلق المعابر الحدودية وفرض حصار اقتصادي على الإقليم. واتهم «المرصد العراقي لحقوق الإنسان» قوات الأمن الكردية بأنها «طلبت من العائلات التي ترفض المشاركة في الاستفتاء في كركوك مغادرة المحافظة، وقد غادرها 25 عائلة فعلاً خلال اليومين الماضيين». وفتح الإقليم مراكز اقتراع في مناطق سهل نينوى باستثناء ناحية برطلة والحمدانية التي تشرف عليها قوات محلية مدعومة من الحكومة المركزية، وشارك السكان العرب في التصويت في ناحية ربيعة الحدودية مع سورية وكذلك ناحية زمار، كما فتحت مراكز اقتراع في قضاء طوزخورماتو شمال محافظة صلاح الدين. وقال تلفزيون رووداو الذي يوجد مقره في أربيل، نقلاً عن المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء، إن نسبة الإقبال على التصويت في الاستفتاء على استقلال كردستان العراق وصلت إلى 76 في المئة في الساعة الخامسة مساء (14:00 بتوقيت غرينتش) قبل ساعة من الموعد المحدد من البداية لإغلاق مراكز الاقتراع. ومع بداية عملية التصويت في المدن الكردية، أصدر البرلمان العراقي سلسلة من القرارات، بينها المصادقة على قرارات اتخذها مساء أول من أمس المجلس الوزاري للأمن الوطني الذي يرأسه العبادي، تطلب منه فرض السيطرة المركزية على المنافذ الحدودية والمطارات، وإلزام شركات النفط الأجنبية بالتعامل مع الحكومة المركزية فقط، والبدء بإجراءات لملاحقة أموال قادة الإقليم في الخارج، وقطع مرتبات الموظفين الأكراد الذين شاركوا في الاستفتاء. كما تضمنت «إغلاق المنافذ الحدودية مع كردستان في كل الاتجاهات واعتبار البضائع الداخلة منها مهربة، وإعادة حقول النفط إلى سيطرة الحكومة الاتحادية، خصوصاً حقول شمال كركوك». وألزم البرلمان في قرار آخر العبادي، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، بالسيطرة على المناطق المتنازع عليها. في المقابل، أعلن الزعماء الأكراد خلال تصويتهم، الاستعداد للحوار مع بغداد، وأكد رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني عدم إنزال العلم العراقي في المؤسسات الرسمية، داعياً الحكومة المركزية إلى عقد مفاوضات، لكنه كشف أن تركيا رفضت استقباله على رغم محاولاته الكثيرة خلال الشهر الماضي. وتفيد معلومات حصلت عليها «الحياة» بأن الحكومة ستلجأ إلى تسلم المنافذ الحدودية مع تركيا وإيران، بما فيها المنافذ التي يسيطر عليها الأكراد، بمساعدة البلدين، وستضع حكومة الإقليم التي تتحكم بهذه المنافذ منذ أكثر من 25 عاماً أمام خيارين: إطلاق حركة التجارة مع الإقليم عبر الحكومة المركزية أو منع دخول البضائع، على أن يخضع مطارا السليمانية وأربيل للخيارين.