أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، بصوته هذه المرة، ما نسب إليه من أنه يريد إبقاء غور الأردن المحتل تحت السيادة الإسرائيلية في إطار اتفاق مستقبلي للسلام. وندد الجانب الفلسطيني بتصريحات نتانياهو، معتبراً ان بقاء «أي وجود اسرائيلي على هذه الارض مرفوض، ولن يؤدي الى سلام». وكان نتانياهو أعلن أمس خلال جولة له في غور الأردن شملت قاعدة للجيش الاسرائيلي، أنه «يجب أن يبقى الجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع الأردن في أي اتفاق في المستقبل، وهنا هي الحدود الأمنية الآمنة». وتابع لدى مخاطبته عشرات المجنَّدات، أن «خط الدفاع يبدأ من هنا. ولو كانت هذه الحدود مستباحة لوصلت الصواريخ والقذائف إلى تل أبيب وحيفا وسائر أنحاء إسرائيل». وأضاف أنه «لا بديل من الدفاع والأمن اللذين سيوفرهما الجيش الإسرائيلي في إطار أي اتفاق في المستقبل، ويجب أن ينتشر الجيش على طول منطقة نهر الأردن». وزاد أن هذه المسألة كانت مهمة دائماً لكنها غدت أكثر أهمية في أعقاب التطورات الحاصلة في المنطقة «التي تشهد عدم استقرار وزلزالاً سياسياً وأمنياً لا يعرف أحد كيف سينتهي». وأضاف أنه إزاء هذا الواقع «يتوجب علينا أكثر من أي وقت مضى توفير أسس متينة للأمن للذود عن الوطن». واستنكر نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئيس محمود عباس، تصريحات نتانياهو، وأبلغ «الحياة» أن «الدولة الفلسطينية ستقام على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدسالشرقية، وأي وجود اسرائيلي على هذه الارض مرفوض، ولن يؤدي الى سلام». وحذَّر من «سياسة التهرب الاسرائيلية من حل الدولتين، لأن هذه السياسة لن تؤدي إلا الى إدخال المنطقة في دوامة صراع لا ينتهي». وأضاف ان «العالم العربي في حال ثورة، واسرائيل ترتكب خطأ كبيراً إذا اعتقدت انها تستطيع السيطرة على الأرض الى الأبد». وفي تعليق له على أقوال أدلى بها أمس وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بشأن عرض منتظَر لنتانياهو بإقامة دولة فلسطينية ذات حدود موقتة، قال أبو ردينة إن «الشعب الفلسطيني والأمة العربية لن يقبلوا بهذا الحل على الإطلاق». وكانت أوساط نتانياهو نقلت عنه في مناسبات سابقة، وقبل التطورات في العالم العربي، أنه سيصرّ على إبقاء الجيش الإسرائيلي في غور الأردن حتى بعد قيام دولة فلسطينية توافق عليها إسرائيل، وأن تل أبيب لن تقبل بقوات دولية تقوم بمهمة الإشراف على الحدود بين الدولة الفلسطينية العتيدة والأردن، بداعي أن هذه الحدود قد تُستغَلّ لنقل أسلحة عبر الأردن إلى الأراضي الفلسطينية. وتأتي تصريحات نتانياهو أمس بعد تسريبات متواترة من مكتبه بأنه يعكف على بلورة خطة سياسية سيعلنها قريباً، هدفها الرئيسي انتشال إسرائيل من عزلتها الدولية المتزايدة على خلفية الجمود في العملية السياسية. وتقضي الخطة بالتوصل إلى اتفاق مرحلي مع الفلسطينيين يقوم على إقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة على نحو نصف أراضي الضفة الغربية، في موازاة مواصلة الاستيطان في التكتلات الاستيطانية الكبرى. وأعلن الفلسطينيون رفْضَهم الاقتراح وأيَّ حديث عن تسوية مرحلية، فيما أفادت تقارير صحافية أن واشنطن تتحفظ هي أيضاً عن التسوية المرحلية. لكن حتى هذا الاقتراح يلقى معارضة متصاعدة من وزراء «ليكود» الذي يتزعمه نتانياهو، بداعي أنه يقدِّم تنازلات للفلسطينيين. ويقود المعارضة نائبا نتانياهو الوزيران موشي يعلون وسيلفان شالوم، ويرى الأول أن الفلسطينيين «ردوا في كل مرة سلَّمناهم أراضي بالإرهاب»، مضيفاً أنه يرفض الانسحاب من أي منطقة محتلة قبل أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل دولة يهودية، وقبل أن يتجاوبوا مع احتياجات إسرائيل الأمنية ويقبلوا بأن اتفاق سلام يعني انتهاء الصراع. من جهة أخرى، انتقدت زعيمة حزب «كاديما» المعارض تسيبي ليفني، نيةَ نتانياهو الإعلان عن خطته في خطاب يلقيه أمام مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين وليس امام الكنيست الإسرائيلي، مضيفةً أن «الكلمات وحدها لن تكفي». وقالت في مقابلة للإذاعة العامة أمس إن المعارضة «سترحب بأي عمل تقوم به الحكومة في الاتجاه الصحيح»، لكنها أضافت أنها لا ترى مثل هذا العمل في الوقت الراهن. وتابعت أن من مصلحة اسرائيل إنهاء النزاع مع الفلسطينيين، ولكن فكرة إقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة ستُبقي إسرائيل أيضاً دولة ذات حدود موقتة، فيما تستمر المحاولات في أنحاء العالم لسحب الشرعية عنها.