أغلقت المصارف العاملة في قطاع غزة أبوابها أمس احتجاجاً على «اعتداء» عناصر من الحكومة المقالة التي تقودها حركة «حماس» في القطاع على بنك الاستثمار الفلسطيني والاستيلاء بقوة السلاح على نحو 600 ألف دولار منه. وقالت مصادر فلسطينية ل «الحياة» إن «مجموعة من الأشخاص اقتحمت مقر بنك الاستثمار وسط مدينة غزة مساء أول من أمس واستولت على نحو 450 ألف دولار من إيرادات برج هنادي السكني خلال السنوات الثلاث الماضية». وأضافت أنه «تم الاستيلاء أيضاً على نحو 150 ألف دولار من ودائع الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية». وجاء إضراب البنوك استجابة لدعوة وجهتها سلطة النقد وجمعية البنوك الفلسطينيتين. ونددت سلطة النقد وجمعية البنوك في بيان مشترك أمس ب «اعتداء مجموعة من الأشخاص على فرع بنك الاستثمار (...) والاستيلاء بقوة السلاح على مبالغ نقدية بحجة صرف شيكات على رغم عدم توافر أرصدة كافية في الحساب وفي شكل مخالف لكل للقوانين والأعراف المصرفية». وطالبتا «الأطراف التي استولت على الأموال بإعادتها إلى خزينة بنك الاستثمار، من دون انتقاص من حق البنك بالملاحقة القانونية لتلك الأطراف». ونقلت «فرانس برس» عن نائب مدير دائرة الرقابة في سلطة النقد محمد مناصرة أن «مجموعة من المسلحين بلباس عسكري يرافقهم أفراد من الشرطة في غزة اقتحموا الثلثاء والأربعاء بنك الاستثمار واستولواعلى 350 ألف دولار أميركي من خزينة البنك». وأضاف إن «محامي البنك قاموا بالإجراءت القانونية وتم تقديم شكوى للشرطة والأمن الداخلي في غزة»، موضحاً أن رجال الشرطة والأمن «لم يفعلوا أي شيء ولم يتخذوا أي إجراء ضد الأشخاص الذين اقتحموا البنك». وهذه المرة الثالثة التي يقوم فيها مسلحون بمصادرة أموال من مصارف بالقوة بحضور الشرطة. كما استنكر صندوق الاستثمار الفلسطيني في بيان أمس «قيام مجموعة من الأشخاص، بتوجيهات من الحكومة المقالة في غزة، بالاستيلاء على المكتب الفرعي للصندوق وبعض ممتلكاته الموجودة في غزة»، وطالبها «بالتراجع عن هذه الخطوة المضرّة بالاقتصاد الوطني في شكل عام، وباقتصاد قطاع غزة في شكل خاص». واعتبر الصندوق أن «كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المقالة غير قانونية وباطلة، وأنه لن يكون مسؤولاً عن أية معاملات تبرم مع أية جهات تعينها الحكومة المقالة وتدعي تمثيل الصندوق أو أي من الشركات التابعة له في قطاع غزة، أو أية تصرفات قد تقوم بها هذه الجهات». وكانت الحكومة المقالة استولت الاثنين الماضي على صندوق الاستثمار الفلسطيني المملوك للحكومة في الضفة الغربية برئاسة سلام فياض. ويملك الصندوق في غزة المدرسة الأميركية الدولية، والشركة الفلسطينية للخدمات التجارية، وبرج هنادي، ومصنعاً لعصير الحمضيات. واستولت الحكومة المقالة على برج هنادي، الذي يضم مقر صندوق الاستثمار والمكتب الرئيس للاتحاد الأوروبي، ومكاتب لمنظمات تابعة للأمم المتحدة وغيرها. من جهتها، اعتبرت الحكومة المقالة أن ممتلكات الصندوق يجب أن تؤول إليها لأنها تمثل الشعب الفلسطيني. وقال نائب رئيس الحكومة المقالة وزير الاقتصاد زياد الظاظا إن «صندوق الاستثمار ملك للشعب والحكومة هي التي تديره. وكان مجلس الوزراء اتخذ في وقت سابق قراراً بتشكيل مجلس إدارة جديد للصندوق وتم تفعيله أخيراً». وردت وزارة الداخلية في الحكومة المقالة بأن «بعض المنتفعين التابعين لرام الله يقومون بمحاولة نقل أملاك صندوق الاستثمار الفلسطيني إلى شركات مكاتبها الرئيسية في رام الله وذلك لإبعاد هذه الأموال عن القطاع في شكل متعمد، منذ اليوم الأول» بعد سيطرة حركة «حماس» على القطاع في 14 حزيران (يونيو) 2007. وأضافت الوزارة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني مساء أمس أنه «تم تشكيل مجلس إدارة لصندوق الاستثمار الفلسطيني ليتابع أملاك الصندوق في غزة ويراقب سير العمل عن كثب في هذه الأملاك في التاسع من حزيران 2009، ومنذ ذلك التاريخ وإدارة الصندوق لم تعلن عن نفسها محافظة على وحدة الرابطة بين الصندوق في غزة وفي الضفة». وأشارت الى أن مجلس إدارة الصندوق الجديد فوجئ «بخطوات نحو نقل أملاك الصندوق إلى الضفة ما أجبر وزارة الداخلية على اتخاذ قرارات إدارية قانونية لمنع هذه الإجراءات، ولما تطلب الأمر الظهور أمام المحاكم لزم الصندوق الإعلان عن نفسه وبدأ بإجراء تغييرات في إدارة بعض مرافق الصندوق في شكل إداري سليم». ولفتت الى أن إدارة الصندوق أجرت في الأول من الجاري «تغييراً في إدارة شركة برج هنادي مع الاحتفاظ بكل الخدمات المقدمة. وبعد الاطلاع على حسابات الشركة تبين وجود مبالغ مالية في حسابات الشركة في صندوق الاستثمار الفلسطيني، وتم توقيع شيكات بهذه المبالغ من الإدارة السابقة للإدارة الجديدة باسم أحد الأفراد، وتم التوجه الى البنك لصرف هذه المبالغ، واعتذرت إدارة البنك عن دفع المبلغ كاملاً بحجة عدم وجود سيولة كافية، ووعدت بإكماله في اليوم التالي (...) حيث توجه أعضاء من مجلس الإدارة الجديد لاستلام بقية المبلغ فأبلغتهم إدارة البنك بأن أوامر صدرت لهم من رام الله بتحويل الأموال من غزة إلى الضفة». وتابعت الوزارة إنه «من أجل المحافظة على أموال الشعب الفلسطيني في غزة من عبث العابثين توجهت إدارة الشركة للشرطة، التي بدورها توجهت لإلزام إدارة البنك بدفع المبالغ المستحقة للشركة، وليس كما أثارت المواقع المشبوهة، التي (اعتادت) على سرقة أموال الشعب في السر والعلن والعبث بمصير الشعب الفلسطيني، بأن هناك سطواً مسلحاً على إدارة البنك».