تبدأ في العاشر من الشهر الجاري، الدورة التاسعة لمهرجان روتردام للفيلم العربي، وهو المهرجان الذي أضحى وبعد توقف «مهرجان السينما العربية في باريس»، المهرجان السينمائي العربي الأكبر في أوروبا. هذا المهرجان، الذي يعتمد على المساعدات الحكومية الهولندية وبعض المؤسسات الثقافية الأخرى، تمكن من النفاد بجلده من الأزمات الاقتصادية التي تضرب الدول الأوروبية، وأدت في السنوات الأخيرة الى اقفال العديد من المشاريع الثقافية الأوروبية ومنها مشاريع ثقافية عربية. ويفتتح دورة هذا العام، عمدة روتردام المغربي الأصل احمد ابو طالب، والذي يمثل منذ سنوات ظاهرة مهمة في الحياة السياسية الأوروبية. فابن العائلة العمالية الفقيرة، نجح في شغل وظائف سياسية مهمة، كان آخرها منصب وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة الهولندية. هذه المسيرة السياسية المتألقة، لم تخل من المشاكل، فأبو طالب يعيش تحت الحراسة الدائمة منذ ان قام مجهولون، يعتقد بأنهم من المتطرفين الإسلاميين بتهديده بالقتل، بعد انتقاد أبو طالب لتنامي نفوذ الحركات الأصولية في هولندا. المهرجان سيفتتح أيامه الخمسة بالفيلم التونسي التاريخي «ثلاثون» للمخرج الفاضل الجزيري، وهذا الفيلم الذي عرض لمرة واحدة في مهرجان قرطاج السينمائي الأخير، يتعرض لواحدة من الفترات التاريخية المهمة في التاريخ التونسي الحديث، ويقدم زمن شباب مجموعة من القادة التاريخيين لتونس. وتضم مسابقة الافلام الطويلة مجموعة من الافلام التي أنتجت العام الماضي، وعرضت في مهرجانات عربية مثل دبي وأبو ظبي والقاهرة، فمن مصر يشترك فيلمان، هما «خلطة فوزية» لمجدي احمد علي، و «بصرة» لأحمد رشوان. ومن سورية يشترك المخرج ريمون بطرس بفيلمه «حسيبة» عن رواية السوري خيري الذهبي، التي تعود الى فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، لتتبع قصة امرأة سورية شهدت، وشاركت في، النهضة النسائية العربية في بدايات الستينات من القرن الماضي. ويشترك أيضاً فيلم اللبناني سمير حبشي «دخان بلا نار» برسالته السياسية القوية في المسابقة الرسمية للمهرجان، اضافة الى «كازانيغرا» للمغربي نور الدين الخماري، وفيلم «المر والرمان» للفلسطينية نجوى النجار، والفيلم الجزائري «مسخرة» للمخرج الشاب الياس سالم والذي يعتبر انجح أفلام العام الفائت، والفائز الأكبر بأكثر جوائز المهرجانات العربية مثل دبي والقاهرة... ومن المؤمل ان يثير فيلم السوري حاتم علي «الليل الطويل»، والذي يعرض في المسابقة الرسمية، ردود أفعال كثيرة بسبب موضوعه الذي يقال انه يهتم بقضايا سورية معاصرة. فيلم حاتم علي الذي لم يعلن عنه كثيراً، هو أحد المشاريع الكثيرة للمخرج التلفزيوني السوري الذي اتجه الى الإخراج السينمائي، منكباً على أعمال سينمائية عدة أهمها فيلم «محمد علي» الذي من المتوقع ان يبدأ تصويره هذا الخريف. وفي مسابقة الأفلام التسجيلية، من المؤمل ان تعرض مجموعة متنوعة من الأفلام التسجيلية الطويلة والقصيرة، والتي تتنافس في مسابقة واحدة. هذه الدورة ستشهد حضوراً عراقياً بات معتاداً في الكثير من مسابقات الأفلام التسجيلية العربية في السنوات الأخرى، حيث من المقرر ان يعرض فيلم ميسون الباجه جي «عدسات مفتوحة على العراق». الذي تسجل فيه يوميات دورة تدريبية في التصوير الفوتوغرافي لإحدى مؤسسات الأممالمتحدة في سورية قبل 3 أعوام. وهي دورة خصصت للنساء العراقيات، لتسجيل يومياتهن في العراق من طريق التصوير الفوتوغرافي، تحولت في الفيلم الى مناسبة لتقديم جزء من التاريخ العراقي الدامي، لكن هذه المرة مروياً من طريق نسائه. وسيشارك الفيلم اللبناني «سمعان بالضعية» للمخرج سيمون الهبر في مسابقة الافلام التسجيلية. والفيلم يقدم حياة قريب للمخرج، رفض مغادرة القرية اللبنانية التي هجرها سكانها بسبب الحروب المتعددة في البلد. وسيقوم بتحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، الممثل الكوميدي الهولندي الجزائري الأصل حكيم طرايدية، والمخرج الفرنسي الجزائري الأصل عمر حكار، والممثل المصري خالد أبو النجا، وستقوم التونسية درة بوشوشة، الرئيسة الحالية لمهرجان قرطاج السينمائي برئاسة اللجنة. أما لجنة الأفلام الوثائقية فستترأسها «لاتيكا بادكاونكار» الهندية مديرة مهرجان الأفلام الآسيوية والعربية في نيودلهي، أما عضويتها فقد أسندت إلى المخرج والمنتج التونسي محمد منذر النمري والناقد العراقي قيس قاسم. الجزائر والتلفزيون ضيفان وينظم المهرجان في دورته التاسعة برنامجاً لعروض الأفلام الجزائرية، بحضور عدد من المخرجين الجزائريين ويعرض مجموعة أفلام، منها «مال وطني» للمخرجة فاطمة بلحاج. كذلك وضمن عروض برنامج رحلة السينما الأوروبية - العربية، تعرض أفلام من بينها «نهر لندن» للفرنسي الجزائري الأصل رشيد بو شارب، وفيلم «امريكا» للفلسطينية المقيمة في أميركا شيرين دعيبس، وهو الفيلم الذي حصل أخيراً على جائزة النقاد في مهرجان «كان» السينمائي. وفيلم الأردني الأول أمين مطالقة «كابتن ابو رائد»، وهو الفيلم الذي حصل على فرصة عرض تجارية في الصالات الهولندية أخيراً. وينظم المهرجان ثلاث ندوات في دورته التاسعة، تخصص أولاها للدراما التلفزيونية والتقنيات السينمائية، بحضور عدد من المخرجين التلفزيونيين الذين عرفوا بتوظيف تقنيات سينمائية في أعمالهم التلفزيونية المبكرة، مثل السوري هيثم حقي، الذي صور مجموعة من مسلسلاته المبكرة في مواقع أحداثها الحقيقة وبتقديم صوري يقترب من الصورة السينمائية أحياناً، كذلك سيشترك في هذه الندوة المخرجان حاتم علي، وباسل الخطيب. أما الندوة الثانية، فستكون عن سوق الفيلم العربي في أوروبا، ومشاكل توزيع الأفلام العربية في الصالات الأوروبية، ومن المنتظر ان يشارك مدير صندوق الدعم السينمائي في روتردام الهولندي «جان فان هينينجن»، إضافة الى رضوان الطاهري وهو منتج هولندي من أصول عربية، والمنتجة الهولندية من الأصل العربي أيضاً «نوسة دير هاتروخ». وستكون الندوة التالية عن السينما الجزائريةالجديدة، والاتجاهات الفنية المختلفة في هذه السينما، بخاصة بعد النجاح الكبير لها في المهرجانات السينمائية العربية للعام الماضي. ومن المنتظر ان تشارك مجموعة من المخرجين الجزائريين في هذه الندوة، ومنهم كريم طرايدية، فاطمة بلحاج، ونادية الشرابي. ومما يذكر ان مهرجان روتردام للفيلم العربي هو أحد نشطات مؤسسة «فيلم من الجوار»، ويترأس المهرجان الدكتور خالد شوكت والإدارة الفنية للعراقي المقيم في هولندا انتشال التميمي.