استهل مجلس الشورى أولى جلساته بعد إجازة عيد الأضحى بمناقشة صندوق التنمية العقاري السنوي، وأطلق الأعضاء مسمى جديداً عليه هو «مسوق البنوك التجارية»، بعد أن حول الصندوق المواطنين الذين هم على قوائم الانتظار منذ سنوات إلى البنوك التجارية. وتساءل الأعضاء عن أين ذهب الدعم الحكومي السخي بعد تعذر الصندوق بعدم وجود مبالغ كافية للإقراض، وتخوفوا من إصابة الصندوق بعدوى وزارة الإسكان المريضة باختراع منتجات سكنية غير واضحة. جاء ذلك خلال مناقشة تقرير لجنة الحج والإسكان والخدمات بشأن التقرير السنوي لصندوق التنمية العقارية. وطالبت الدكتورة سامية بخاري في مداخلتها، التي استهلتها بالقول إن «السكن وطن»، بإلزام الصندوق بتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 82 لعام 1435ه، الذي نص على سريان أحكام الدعم السكني على جميع طلبات القروض السكنية المقدمة من صندوق التنمية العقاري باستثناء الطلبات المقدمة على الصندوق التي لأصحابها أرقاما قبل 23-7-1432ه فإنها لا تعامل بالنظام الجديد وتعامل بالإجراءات المعمول بها قبل العمل بهذا التنظيم، وأن يصرف الصندوق المبالغ اللازمة من رأسماله الحالي. وأضافت بخاري: «تحويل جميع من في قوائم الانتظار إلى البنوك التجارية حولهم من مستفيدين إلى متضررين، وعدم استفادة العديد من المواطنين من كامل القرض البالغ 500 ألف، إذ تجاوزت أعمارهم ال50 عاماً فلا يتم منحهم كامل القرض، بل يمنح جزءاً منه وفق العمر». وأكدت أن الفوائد التي تحصل عليها البنوك (أو تكاليف التمويل) هي عبء آخر على المواطن، إذ ذكر أمين لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية ان الصندوق لا يعطي ضماناً للبنوك عن التمويل السكني، ولذلك تطبق على المقترض السياسات الموحدة، والبنوك تحصل على أرباح متفاوتة وهناك اعتبارات تتحكم بالنسبة منها المدة والقيمة والجدارة الانتمائية. وحثت بضرورة أن يلتزم الصندوق بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي استثنى المتقدمين قبل تاريخ 23-7-1432ه، مطالبة بإعفاء جنودنا البواسل المشاركين بعاصفة الحزم وإعادة الأمل من سداد القروض التي على الصندوق. وطرحت بخاري ملاحظة تتعلق بالقروض المتعثرة التي بلغت 30 بليون ريال سبق وأعلن صندوق التنمية العقاري عام 2016ه، أنه قرر التعاقد مع محصلين لتحصيل الأقساط المتأخرة من المستفيدين من القروض العقارية، وأن المحصل سيتولى المطالبة والمتابعة لدى الجهات التنفيذية والقضائية في مقابل مكافأة مقطوعة وقدرها 500 ريال عن كل قسط يتم سداده. واعتبر الدكتور سلطان آل فارح الصندوق العقاري شريكاً مع البنوك التجارية في وضع العراقيل أمام المستفيدين، في حين قارنت الدكتورة جواهر العنزي حال الصندوق بين الأمس واليوم، وقالت إن هناك فجوة كبيرة لا بد من ردمها بطريقة مناسبة ومتوائمة مع توجهات المملكة وطموحها. وأضافت: «بالأمس كان كل متقدم يأخذ 500 ألف ريال بغض النظر عن راتبه أو ديونه، أما الآن فإن القرض بحسب راتبه وديونه وبراءة ذمته من سمة، وبالأمس كان القرض حسناً من دون أي فوائد بل يُسقط جزء من القرض، أما الآن فهو بفوائد بنكية تُثقل كاهل المواطن». وتابعت: «بالأمس كان أول قسط يُسدد بعد سنتين، أما الآن فالتسديد من أول شهر، إضافة إلى مصاريف إدارية للبنك خلال توقيع عقد شراء البيت، وبالأمس كان بإمكان المواطن بناء الأرض المملوكة، أما الآن فالبنك لا يسمح إلا بشراء الجاهز من الفلل الكرتونية التي يلعب فيها الحظ دوره، من دون وجود جهة ضامنة لجودة هذه المباني، كما كان الجميع يتساوى في الحصول على كامل المبلغ، أما الآن فبعض المتقدمين لن يحصلوا على المبلغ كاملاً أو نهائياً بسبب القرب من سن التقاعد أو بلوغه». وزادت: «بالأمس كانت الأرامل ومحدودي الدخل بل وحتى غير الموظفين يحصلون على القرض، أما اليوم فلا بد من الخضوع لشروط البنك التي تستبعدهم، كما كانت الدولة تتحمل تسديد الدين إذا توفي المقترض، أما اليوم فهو مسؤولية الورثة». وردت العنزي على محاججة الصندوق بعدم وجود مبالغ كافية للإقراض، متسائلة: أين ذهب الدعم الحكومي السخي؟ معتبرة أن تحجج الصندوق بعدم تسديد المقترضين يدل على ضعف إدارته المالية والقانونية التي لم تسن من الأنظمة ما يحفظ أصولها المالية. وتساءلت: «بعد كل ما عرضته هل سيحافظ الصندوق على مسماه صندوق التنمية العقاري، أم يتبدل مسماه إلى مسوق البنوك العقارية». أما الدكتور محمد آل ناجي، فقال إن الصندوق في الآونة الأخيرة غير ممنهج في إقراضه، ما تسبب في ظهور بعض المشكلات للمواطنين والصندوق، فهو لديه 100 ألف موافقة إقراض، ولم يتسلمها أصحابها إما لعدم توافر أرض أو عدم توافر منتج سكني، والصندوق لديه نحو مليون طلب بالانتظار، وعلى وزارة الإسكان حل هذه المشكلة ووضع آليات لإيجاد أراض يستطيع المواطن أن يشتريها. وتخوف آل ناجي من إصابة الصندوق بعدوى من وزارة الإسكان المرضية في ما يسمى بالمنتجات السكنية ومعظمها غامض، مطالباً من الصندوق توضيح وجهة النظر في المنتجات السكنية ليفهمها المواطن ويشعر بفائدتها. وأشار الأمير خالد آل سعود إلى أن توقف الصندوق العقاري عن التمويل المباشر يُخل بالقطاع السكني، وشدد في الوقت نفسه على ضرورة مساواته بالقطاعين الزراعي والصناعي. «عضو شورى» يتساءل عن 182 بليون قدمت للصندوق العقاري في عام واحد طالب عضو مجلس الشورى الدكتور سلطان آل فارح بمساءلة صندوق التنمية العقاري عن 182 بليون ريال كانت رأسمال للصندوق خلال عام واحد، وماذا استفاد منها؟ وأين صرفها؟ منتقداً تقريرها غير الوافي المقدم للشورى، والذي لم يقدم تفصيلات مالية. وطالب بإلغاء الصندوق وحله نهائياً، وتسليم المبالغ المصروفة عليه إلى وزارة الإسكان، لفشلها في تقديم آلية واضحة عن استحقاق المواطنين، وعن ماهية الشروط، كما أنها فشلت في التحصيل من المتأخرين في السداد الذين وصلوا إلى 58 في المئة، أي 30 بليون ريال لم تحصّل. وأشار آل فارح إلى أن الصندوق تحالف مع المصارف في وضع العراقيل أمام المواطنين وتحصيل المصارف فوائد من ورائهم، ولذلك لم يحل الصندوق أية مشكلة لتوفير السكن.