منح البرلمان التونسي ثقته للتعديلات الحكومية التي أعلن عنها رئيس الوزراء يوسف الشاهد الأسبوع الماضي، وسط دعوات للبدء بتنفيذ إصلاحات اقتصادية كبرى لتجنب تدهور الأوضاع وتراجع التوازنات المالية وقيمة العملة المحلية وتفاقم عجز الموازنة والتدهور المتواصل لنسق النمو. وحظي الوزراء الجدد في حكومة الرئيس يوسف الشاهد بثقة غالبية مريحة داخل البرلمان، حيث صوّت نواب حزب «نداء تونس» العلماني وحركة «النهضة» الإسلامية (130 نائباً من أصل 217) وأحزاب «آفاق تونس» و «مشروع تونس» و «الجمهوري» و «المبادرة» وبعض المستقلين لمصلحة التعديلات الوزارية. وكان الشاهد قدّم فريقه الوزاري الجديد الأربعاء الماضي، بعد أسبوعين من المشاورات مع الأطراف السياسية. وشملت التغييرات الحكومية وزارات سيادية كالدفاع والداخلية إضافة الى الصحة والمالية والاستثمار والصناعة والنقل والتربية والطاقة. وعلى رغم أن التعديلات الحكومية شملت 13 حقيبة وزارية الا انها لم تغير التوازن السياسي داخل الحكومة، حيث استعاد «نداء تونس» حصة الأسد (6 حقائب ووزارات دولة) وحافظت «النهضة» على 3 حقائب وزارية ووزارتي دولة وتم توزيع البقية بين الاحزاب الصغيرة المشاركة في التحالف الحكومي والمستقلين. وعزز الرئيس الباجي قائد السبسي موقعه في الحكومة عبر تعيين 3 وزراء كانوا ضمن فريقه الاستشاري في قصر قرطاج وهم وزير المالية رضا شلغوم ووزير التربية حاتم بن سالم ووزير الصحة سليم شاكر، اضافة إلى وزير الداخلية لطفي براهم. ويمنح الدستور التونسي الحق للرئيس في تسمية وزيري الخارجية والدفاع. ومع أن الدستور التونسي منح صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية إلا أن السبسي لا يزال يمتلك المبادرة السياسية في البلاد، وذلك اعتماداً على حزبه «نداء تونس» العلماني وتحالفه مع «النهضة» التي تشكل أكبر قوة في البرلمان. ويطمح السبسي إلى تغيير النظام في تونس من برلماني الى رئاسي لأن «النظام الحالي يشل عمل الحكومة»، معتبراً أنه «حان الوقت لتقييم النظام الدستوري المعمول به بهدف سد النواقص وتجاوز العقبات التي يتضمنها الدستور» وفق ما صرح في حوار صحافي أجراه أخيراً. من جهة أخرى، قال الشاهد في كلمته امام البرلمان أمس، إن حكومته الجديدة ستكون «في الفترة القادمة إلى أفق العام 2020 بمثابة حكومة حرب على الإرهاب وعلى الفساد، وحرب من أجل النمو وضد البطالة والتفاوت الجهوي»، مشدداً على ان محاربة الفساد تشكّل أولوية لدى الوزراء الجدد والفريق الحكومي كلاً. واعتبر الشاهد أن تعيين قائد قوات الحرس الوطني (الدرك) لطفي براهم وعبد الكريم الزبيدي على رأس وزارتي الداخلية والدفاع «يعزز قدرات بلادنا في مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة والارهاب». وقال إن «مؤشرات اقتصادية عدة تحسّنت، فالاستثمارات الخارجية ارتفعت بنسبة 7 في المئة خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2017 وارتفع انتاج الفوسفات بنسبة 34 في المئة اضافة إلى انتعاش القطاع السياحي»، مشدداً على أنه «تحسن نسبي جزئي ولا يفترض بنا أن نكتفي به والطريق ما زال طويلاً». وتعهد رئيس الحكومة بالعمل خلال السنوات ال3 المقبلة على تقليص عجز موازنة الدولة إلى حدود 3 في المئة وحصر نسبة الدين العام ب70 في المئة وتقليص كتلة الأجور إلى حدود 12.5 في المئة مع رفع نسبة النمو الى 5 في المئة، متعهداً بأن هذه الخطة ستخفض نسبة البطالة. وتبلغ موازنة الدولة التونسية للعام الجاري 32.5 بليون دينار (حوالى 14 بليون دولار أميركي) من بينها 14 بليون دينار مخصصة للأجور و1.6 بليون دينار لدعم المواد الغذائية و650 مليون دينار لدعم مواد الطاقة و450 مليون دينار لدعم قطاع النقل، وفق احصاءات رسمية. وكانت الحكومة أقرت اتفاقاً مع الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص الزيادة في مرتبات موظفي القطاع العام يقضي بالتزام الحكومة التحكم في الأسعار ومنع تدهور القدرة الشرائية.