أعلن رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد عن تعديل حكومي شمل 12 حقيبة وزارية منها الدفاع والداخلية، في وقت أثار الرئيس الباجي قائد السبسي عاصفة سياسية، بإبداء ندمه على التحالف مع الإسلاميين إثر الانتخابات العامة قبل ثلاث سنوات، وذلك في موقف شكل سابقة في التعامل مع «حركة النهضة» الشريك الأساسي في الحكومة. وقدم رئيس الحكومة يوسف الشاهد فريقه الوزاري الجديد الى الرئيس السبسي أمس، بعد أسبوعين من المشاورات مع الأطراف السياسية، وشمل التغيير الحكومي وزارات الدفاع والداخلية والمالية والصحة والاستثمار والتربية والنقل والطاقة والصناعة والعمل والتجارة. وتمثلت المفاجأة في تعيين قائد «الحرس الوطني» (الدرك) لطفي براهم وزيراً للداخلية على رغم اعتراض الإسلاميين الذين يتمسكون بالهادي مجدوب في المنصب، واستغرب مراقبون تغيير وزير الداخلية على رغم تحسن الوضع الأمني ونجاح الحرب على الإرهاب في السنتين الأخيرتين. ويُعتبر وزير الداخلية الجديد من أبرز القيادات الأمنية في تونس وحقق نجاحات بارزة في الحرب على الإرهاب لما كان قائداً للدرك، فيما عُيّن عبد الكريم الزبيدي وزيراً للدفاع وهو المنصب الذي تولاه في حكومة الترويكا التي قادتها «النهضة». وحافظت الحركة الإسلامية على حصتها المتمثّلة في ثلاث وزارات مع تغيير في الحقائب، اذ اصبح أمينها العام زياد العذاري وزيراً للتنمية والاستثمار بعد إبعاده من وزارة التجارة وتولي وزير العمل عماد الحمامي وزارة الصناعة مقابل إبقاء انور معروف على رأس وزارة تكنولوجيا الاتصال. واستعاد حزب «نداء تونس» العلماني «حصة الأسد» في التشكيلة الحكومية الجديدة بعد تعيين مدير ديوان رئيس الحكومة رضا شلغوم وزيراً للمال ومستشار الرئيس السبسي سليم شاكر وزيراً للصحة ومدير مركز الدراسات في رئاسة الجمهورية حاتم بن سالم وزيراً للتربية. ويُعتبر وزراء «نداء تونس» الجدد من المقربين من الرئيس التونسي. وحافظ «الاتحاد العام للشغل» على وزارة الشؤون الاجتماعية التي تولاها النقابي السابق محمد الطرابلسي، فيما تم تعيين النقابي خالد بن قدور وزيراً للطاقة والمناجم في محاولة من الشاهد لاستمالة الاتحاد. وأبقى رئيس الحكومة على الوزيرين مهدي بن غربية (وزارة المجتمع المدني وحقوق الإنسان) وإياد الدهماني (الناطق باسم الحكومة) على رغم مطالبة «نداء تونس» بإبعادهما. ويعتبر الدهماني وبن غربية من اكثر الوزراء قوة وتأثيراً في حكومة الشاهد. وبهذه التشكيلة يحافظ الشاهد على مكونات التحالف الحكومي الذي يضم «نداء تونس» و «النهضة» و «آفاق تونس» و «الجمهوري» و «المسار» ومستقلين، على رغم تصريحات مثيرة للجدل أطلقها الرئيس السبسي تتضمن اعترافاً بالخطأ عندما قرر التحالف مع الإسلاميين. وقال السبسي، في مقابلة مع جريدة «الصحافة» الرسمية امس، إن «التحالف مع الحزب الثاني في البلاد (حزب النهضة الإسلامي) أمْلته نتائج الانتخابات التي لم تمنح الغالبية المطلقة لحزب نداء تونس»، مضيفاً أن أحزاباً أخرى علمانية لم تبد استعداداً لتشكيل تحالف مدني واسع يستثني الإسلاميين. وأوضح أن «النهضة قبلت التحالف لكن ليس بشروطها مع أمل جلبها الى خانة المدنية ولكن يبدو أننا أخطأنا التقييم»، وأحدثت هذه التصريحات جدلاً في الساحة السياسية التونسية باعتبار انها تعتبر مؤشراً قوياً الى مراجعة العلاقة مع حلفائه في الحكم.