قتل 19 مدنياً على الأقل اليوم (الإثنين) في غارات يرجح أنها روسية، استهدفت شمال غربي مدينة دير الزور، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «استهدفت غارات جوية متفرقة قرية الخريطة شمال غربي دير الزور، وأسفرت عن مقتل ثمانية مدنيين في خيم وضعت على ضفة النهر و11 آخرين في عبارات في مياهه». وتوقع المرصد أن ترتفع حصيلة القتلى لوجود 27 جريحاً ومفقوداً. جاء ذلك غداة توثيق المرصد مقتل 34 مدنياً في قصف روسي استهدف عبارات جنوب شرقي دير الزور. ويقسم نهر الفرات المحافظة إلى قسمين شرقي وغربي، وتقع المدينة على الضفاف الغربية. واستقدم الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى مدينة دير الزور تمهيداً لهجوم يهدف إلى طرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من أحياء لا يزال يسيطر عليها. وتشكل المحافظة في الوقت الراهن مسرحاً لعمليتين عسكريتين، الأولى تقودها قوات النظام السوري بدعم روسي، والثانية أطلقتها «قوات سورية الديموقراطية» المؤلفة من فصائل كردية وعربية بدعم أميركي السبت الماضي ضد المتشددين في شرق المحافظة. وأفاد عبد الرحمن بوصول «تعزيزات عسكرية كبيرة تتضمن عتاداً وآليات وعناصر إلى مدينة دير الزور، تمهيداً لبدء قوات النظام هجوماً يهدف إلى طرد داعش من الأحياء الشرقية للمدينة». يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع على كسر قوات النظام لحصار فرضه التنظيم المتطرف على أحياء المدينة الغربية ومطارها العسكري منذ مطلع العام 2015. وحقق الجيش السوري أمس مزيداً من التقدم بسيطرته على جبل ثردة المطل على المطار ومحيطه، وجبل آخر يطل مباشرة على المدينة. وبالنتيجة، باتت الأحياء الواقعة تحت سيطرة المتطرفين في المدينة، وفق عبد الرحمن، «هدفاً سهلاً لمدفعية قوات النظام». وواصلت طائرات حربية سورية وروسية، بحسب المرصد، اليوم «استهداف داعش بشكل كثيف في مدينة دير الزور ومحيطها وأريافها». وبعد تقدمها الأخير جنوبالمدينة، باتت قوات النظام، وفق المرصد، تسيطر على 50 في المئة من مساحة دير الزور بعدما كان التنظيم المتطرف منذ صيف العام 2014 يسيطر على 60 في المئة منها وعلى أجزاء واسعة من المحافظة الغنية بحقول النفط والحدودية مع العراق. وأعلن الجيش الروسي اليوم إرسال حوالى 40 خبيراً في نزع الألغام الى دير الزور، مشيراً إلى أنه سيتم نشر 175 خبير ألغام في سورية. ويعتمد «داعش» بشكل كبير على زراعة الألغام في المناطق التي يسيطر عليها وفي محيطها لصد الهجمات العسكرية ضده. وفي هجوم منفصل، أصبحت قوات «سورية الديموقراطية» اليوم على بعد ستة كيلومترات من الضفة الشرقية لنهر الفرات مقابل مدينة دير الزور حيث تدور اشتباكات عنيفة يرافقها قصف جوي كثيف للتحالف الدولي، وفق المرصد. وأرجع عبد الرحمن التقدم السريع لكون «ريف دير الزور الشرقي منطقة صحراوية غير مكتظة». وأعلنت «قوات سورية الديموقراطية» السبت الماضي بدء حملة «عاصفة الجزيرة» لطرد التنظيم المتطرف من الضفة الشرقية لنهر الفرات في المحافظة. وقال الناطق باسم التحالف الدولي ريان ديلون اليوم في تغريدة على «تويتر» إن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت منذ بدء الحملة على «أكثر من 250 كيلومتراً مربعاً». وبعد يومين من إطلاق الهجوم، أعلنت مجموعة من شيوخ ووجهاء عشائر دير الزور الداعمة ل «قوات سورية الديموقراطية» في بيان، إنشاء «لجنة تحضيرية تناقش أسس ومنطلقات تأسيس مجلس دير الزور المدني أسوة بالمجالس المدنية لمختلف المدن التي تحررت من قبضة الإرهاب». وستكون مهمة المجلس، بحسب البيان «إدارة المدينة فور تحريرها». وسبق ل «قوات سورية الديموقراطية» أن دعمت تشكيل مجالس مدنية مماثلة لإدارة شؤون المدن التي طردت «داعش» منها، أو تلك التي تخوض فيها معارك على غرار الرقة، معقل المتطرفين في سورية. ولا يعرف ما إذا كان المجلس المرتقب سينسق عند تشكيله مع القوات النظامية السورية التي تسعى إلى استعادة كامل المدينة. وكان رئيس «مجلس دير الزور العسكري» المنضوي في «قوات سورية الديموقراطية» أكد أن الخطوة الأولى من الحملة هي «تحرير شرق نهر الفرات»، مشدداً على عدم وجود أي تنسيق مع الجيش السوري وروسيا. من جهته، شدد التحالف الدولي على أهمية خط فض الاشتباك بينه وبين الروس في المعارك الجارية ضد المتطرفين في شرق سورية. وقال ارون شتاين، المحلل في «مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط» الذي يتخذ من واشنطن مقراً «قوات سورية الديموقراطية حالياً في سباق مع النظام، تريد تثبيت مناطق سيطرتها شرق نهر الفرات»، موضحاً «من الواضح أنهم لن يدخلوا إلى المدينة». واعتبر شتاين أن قوات النظام بتقدمها في اتجاه دير الزور دفعت «قوات سورية الديموقراطية» إلى التحرك سريعاً، محذراً من أي حوادث حيث يقف الطرفان في مقابل بعضهما البعض على ضفتي الفرات. وتشهد سورية نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه منتصف آذار (مارس) 2011 بمقتل أكثر من 330 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.