عند مشاهدة الأطباق الشعبية المقدمة لنزلاء وزوار أحد الفنادق الفخمة من فئة 5 نجوم في الأحساء، يتبادر إلى ذهنك بأن هناك شيفاً من دولة أوروبية أو آسيوية، ولكن حينما تعلم أن جميع هذه الوجبات المقدمة من وجبات أهل المنطقة التي اشتهرت بها منذ القدم، يقوم فريق نسائي سعودي على مهارة عالية بإعدادها تقف مشدوهاً لجودتها وتميزها. واحتضن الفندق في جنبات مطعمه الكبير، الذي تتجاوز مساحته 300 متر، طاقماً نسائياً سعودياً، بل إن رئيس الفريق ومن قام باختيار هذا الطاقم هي سيدة سعودية، هكذا تروي المواطنة الشيف عبير قصتها مع هذا الفندق الذي قدم لها عرضاً مميزاً كانت تستحقه بكل جدارة بشهادة الزبائن من سكان الفندق والزائرين الذين في معظم الأوقات يطلبون معرفة الشيف الذي قام بطهي هذه الأطباق المميزة. وتروي عبير قصتها ل«الحياة»، تقول: «قبل أكثر من عام تلقيت عرضاً من أفخم الفنادق في الأحساء، وكان عرضاً مميزاً، وذلك حينما علموا عن موهبتي في هذا المجال وحضرت إليهم بالفعل، وتم الاتفاق على العمل داخل المطعم، وقمت باختيار فريق نسائي وأشرفت على تدريبه حتى أصبحوا من أفضل الفرق النسائية، وذلك في عمل جميع الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها الأحساء منذ أكثر من 60 عاماً»، وتؤكد الشيف عبير على أن الطهي وخصوصاً في الأكلات الشعبية، يجب أن يكون تحت إشراف سيدة سعودية لأسباب عدة، منها أن هذه الوجبات تحتاج إلى مقادير، وبهارات خاصة، وهذا تخصص لا يعرفه الكثير من النساء سوى الماهرات في هذا المجال، إضافة إلى أن هذه الوجبات تحتاج إلى لمسة ونفس نسائي في الطهي لا يعلمه الطباخ من الجنسية الأوروبية أو الآسيوية أو حتى السعودي، مع أن هناك عدداً من السعوديين الرجال أثبتوا مهارتهم الكبيرة في هذا المجال، ولكن تظل المرأة أقرب بكثير إلى معدة الرجل. وحول المصاعب التي تواجههم في عملهم داخل الفندق لم تخف الشيف عبير وجود بعض المصاعب مثل بقائنا في العمل حتى المساء بسبب وجود وفود كبيرة أو شخصية مهمة، ولكن في مجمل الأيام ننتهي من العمل عند العصر وهو وقت مناسب نوعاً ما للمرأة، وتضيف بأنها ومن حبها الكبير لهذه المهنة كانت تمارسها في مشروعها الصغير الذي تركته بسبب ظروف خاصة، ولكن واصلت حبها لهذه المهنة من خلال هذا الفندق الكبير الذي فتح لها ذراعيه، مقدماً لها جميع التسهيلات والدعم المادي والمعنوي بحسب قولها، ولا تخفي الشيف عبير شغفها الكبير لهذه المهنة التي أصبحت مصدر رزقها الوحيد بعد الله وتستمتع بوجودها كل يوم، وترى أثر تلك التعب على محيا الزبائن كل يوم، بل الكثير يسجل إعجابه بهذه الأكلات التي توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتمت المحافظة عليها حتى هذا الوقت، وفي نهاية حديثها تتمنى الشيف عبير من بنات الجيل الجديد الذي أصبح جزء منهم للأسف لا يعلم عن هذه الأكلات الشعبية سوى اسمها فقط، وهو أمر مزعج للغاية، فالفتاة لديها مستقبل وزوج وأبناء، فيجب عليها معرفة هذه الوجبات، خصوصاً في وقتنا الحالي الذي أصبحت فيه الوجبات من خارج المنزل للأسف الشديد، ولكن دور الأم في المنزل مهم جداً في تعليم ابنتها الطهي من كل الأنواع.