عرفت ألمانيا ودول كثيرة في أوروبا أسباباً لاستقالة وزراء فيها، غالبيتها سياسية أو جنسية، لكنها المرة الأولى على الأرجح التي يستقيل فيها سياسي ألماني، هو وزير الدفاع كارل تيودور تسو غوتنبرغ، بسبب حصوله على لقب دكتوراه في الحقوق من طريق الغش. وبعد معاندة استمرت ثلاثة أسابيع، فاجأ تسو غوتنبرغ الصحافيين والرأي العام بمؤتمر صحافي عقده على عجل في مقر وزارة الدفاع ظهر أمس، وأعلن فيه استقالته، مع العلم أنه كان اتفق مع المستشارة أنغلا مركل على اللحاق بها إلى ولاية بادن - فورتمبيرغ للمشاركة في دعم حملة حزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي» في الانتخابات المقرر في الولاية هذا الشهر. وبرر تسو غوتنبرغ استقالته من كل مناصبه السياسية ب «ضرورة إبعاد أي ضرر سياسي عن حزب الاتحاد المسيحي والحكومة، مع العلم أن مركل وحزبه لم يضغطا عليه للاستقالة تحت ضغط المطالب السياسية والإعلامية، ودافعا عن بقائه في مناصبه حتى اللحظة الأخيرة. وقال: «كنت مستعداً دائماً للكفاح، لكني وصلت الى آخر ما أستطيع تحمّله. أبلغت المستشارة قراري، الأكثر إيلاماً في حياتي، في محادثة ودية جداً، وأؤكد انني لا أستقيل بسبب الدكتوراه المليئة بالأخطاء، على رغم إدراكي ان الأمر يشكل ذريعة كافية لكثيرين في المجتمع الجامعي، بل بسبب عدم قدرتي على تلبية التوقعات التي وضعتها لنفسي». وخلص الى انه لا يستطيع أن يطالب نفسه بأقل مما يطلبه من غيره، في إشارة إلى عزله قائد الجيش الألماني السابق فولفغانغ شنايدرهان بتهمة إخفاء معلومات عنه تتعلق بالحرب في أفغانستان. ويعتبر مراقبون أن استقالة الوزير البافاري (39 سنة) الذي بدأ نجمه في الصعود منذ نحو سنتين ويحمل لقب نبلاء، والمتزوج من حفيدة حفيدة موحد ألمانيا بيسمارك أحد أكثر أعضاء حكومة مركل شعبية، ستشكل ضربة قوية لحزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي»، في وقت يستعد لخوض انتخابات في ثلاث ولايات هذا الشهر. ونجح الوزير، بالاعتماد على كاريزما شخصيته وحنكته وظرافته غير المعتادة في الحياة السياسية الألمانية، في جذب قسم كبير من تأييد الرأي العام، على رغم اعترافه قبل نحو أسبوعين بنسخ جزء كبير من رسالة الدكتوراه التي نالها بتقدير «ممتاز» من جامعة «بايروت» المعروفة بسمعتها الجيدة، واعلانه تخليه عن اللقب الذي ألغته الجامعة أيضاً. وهيمنت قضية تسو غوتنبيرغ على الصحف وبرامج التلفزيون الحوارية خلال الأسبوع الماضي، ووقع 20 ألف طالب دكتوراه وأكاديميون عريضة تنتقد دفاع مركل عنه وتطالبه بالاستقالة حفاظاً على كرامة الجسم الجامعي، ولتفادي تحوله الى مثال سيئ لغيره. كما تعرض في اليومين الماضيين إلى انتقاد عدد متزايد من نواب حزبه ووزراء حكومته، ما انعكس أيضاً على التأييد الشعبي الممنوح له والذي بدأ ينحسر بحسب آخر استطلاعات للرأي.