استمرت الاحتجاجات والاعتصامات في مدينة صحار العمانية (250 كلم شمال مسقط) وفي عدد من المدن الأخرى، على رغم الإعلان عن سلة إجراءات وحوافز أمر بها السلطان قابوس بن سعيد، في حين نفى مصدر حكومي ما أوردته بعض وكالات الأنباء عن مقتل ستة أشخاص في الصدامات التي جرت الأحد، مؤكداً مقتل شخص واحد فقط، ومعلناً إطلاق سراح جميع المعتقلين في حوادث الشغب. ووردت أنباء أمس عن إشعال حرائق في مبان عامة وخاصة، فيما لم يُشر الى وقوع إصابات. وتحدث شهود عن إحراق مجمع «اللولو» التجاري الكبير ومركز صحي، وعن تدخل الجيش لحماية ميناء صحار الحيوي الذي بلغت تكلفته بلايين الدولارات ضمن مشاريع استثمارية كبرى عملت عليها عمان خلال العقد الماضي، فيما دعت مجموعة من الشباب إلى تشكيل لجنة شعبية لحماية صحار من التخريب. وواصل مواطنون يقدر عددهم بالمئات اعتصامهم في ولاية صحار مشددين على إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية تتضمن تعديلات على الجهاز الإداري للدولة، ومطالبين باعتذار الإعلام الحكومي عن وصفهم ب «المجموعة المخربة» في الخبر الذي بثته وكالة الأنباء العمانية ظهر أول من أمس. وركز المعتصمون خلال لقائهم بوزير الديوان على جملة من المطالب تناقلتها المنتديات الإلكترونية، أبرزها تغييرات وزارية تزيح اللوبي الاقتصادي المتهم دائماً بأنه يستنزف قدرات البلاد وعوائدها النفطية، وإلغاء التعديل الوزاري الأخير الذي يرون انه أحكم قبضة ذلك اللوبي على مقدرات البلاد الاقتصادية. وفي تصريح الى «الحياة» قال مصدر حكومي رفيع المستوى بأن وزراء الوزارات الخدمية سيتم تعيينهم من مجلس الشورى بدءاً من الدورة المقبلة، مشيراً إلى أن الوزراء الذين تسلموا حقائب وزارية هذا الأسبوع سيقومون بتصريف الأعمال فقط من دون أداء القسم. واعتصم أعضاء مجلس الشورى في مبنى المجلس تضامناً مع مطالب المواطنين، مضيفين إليها مطالب أخرى تتعلق برفع رواتب التقاعد بأثر رجعي بعد صدور تعديلات في قانون التقاعد الشهر الماضي، ورفع رواتب القطاع الخاص من خلال برنامج دعم حكومي، وتعديل وضع فئات الضمان الاجتماعي، وإلغاء أقساط القروض الإسكانية المقدمة من وزارة الإسكان للمواطنين، داعين المواطنين إلى عدم الانجرار وراء العنف. كما نظم مثقفون اعتصاماً سلمياً أمام مقر المجلس تحت شعار «وقفة من أجل المعتصمين ووقف العنف ضدهم»، ودعوا إلى اعتصام واسع أمام مجلس الشورى غداً لدعم مطالبهم. ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات على شبكة الانترنت دوراً كبيراً في الدعوة إلى هذه الحركات الاحتجاجية ونقل صورها أولاً بأول، وبث بعضها مقاطع فيديو من موقع الحدث، الأمر الذي ساهم في الترويج للأحداث، مع شعور عام لدى الشعب العماني بخطورة ما يحدث. وتبودلت مئات آلاف الرسائل النصية التي «تدعو الله الى حماية عمان شعباً وقائداً وتجنيبها الفتنة»، ومعتبرة أن هذه الأحداث دخيلة على المجتمع العماني. كما قطع التلفزيون الرسمي والإذاعة برامجهما لتغطية الحدث من خلال حوارات مع فعاليات رسمية واجتماعية لتهدئة المحتجين والحفاظ على منجزات النهضة المعاصرة. وكانت سلة الإجراءات التي أمر بها السلطان قابوس تضمنت تكليف لجنة لتوسيع صلاحيات مجلس الشورى وتعيين عدد من الوزراء من أعضائه اعتباراً من الدورة المقبلة التي تبدأ نهاية العام الجاري، بناء على اقتراحات من أعضاء المجلس، واتخاذ الإجراءات لضمان استقلالية الادعاء العام وتوسيع صلاحية جهاز الرقابة المالية للدولة ليشمل الرقابة الإدارية. وتأتي هذه الإجراءات بموازاة حزمة أخرى تتعلق بتحسين المعيشة بينها صرف مكافآت شهرية للباحثين عن عمل تبلغ 150 ريالاً عمانياً (ما يقارب 400 دولار أميركي) والتوجيه بتعيين 50 ألف شخص من المواطنين في وظائف.