أنهت المحكمة الإدارية (ديوان المظالم) في المنطقة الشرقية، واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام، وأثارت جدلاً، وكان عنوانها الأبرز «توظيف الأموال»، وكان بطلها رجل الأعمال جمعة الجمعة، وفي الطرف الآخر نحو ثمانية آلاف مساهم. وألزم الحكم النهائي الصادر عن الدائرة التجارية ال16 في المحكمة، الجمعة ب «رد حقوق المساهمين، وفق المقتضى الشرعي بما لديهم من سندات وعقود مضاربة». ويتوقع ان يستغرق طي صفحة «قضية الجمعة»، وقتاً طويلاً، بسبب كثرة أعمال الجمعة، وتراكم ديونه والتزاماته المالية تجاه المساهمين وغيرهم، إضافة إلى ما تعيشه السودان التي توجد فيها غالبية استثماراته، من أوضاع قد تؤدي إلى ضياع أموال المساهمين، وتفاقم خسائرهم. وعينت المحكمة صالح النعيم «محاسباً قانونياً، ومراقباً مالياً» على أموال الجمعة داخل المملكة وخارجها، من الشركات والمؤسسات والعقارات وغيرها»، والتي تقدر بنحو بليون ريال. وكانت المحكمة تسلمت أكثر من ثمانية آلاف دعوى قضائية ضد الجمعة، ودعت المساهمين إلى التأكيد على أرقام عقودهم ومبالغهم على الموقع الإلكتروني للمحاسب، وهو www.sacadfirm.com، وذلك ابتداءً من يوم السبت المقبل. وقال المستشار القانوني وكيل المساهمين حمود الحمود: «إن هذا الحكم نهائي، وواجب التنفيذ، فهو مُذيل ومختوم بصيغة تنفيذية، وبحسب العبارات الواردة فيه، يُطلب من الدوائر والجهات الحكومية المختصة كافة، «العمل على تنفيذ هذا الحكم، بجميع الوسائل النظامية المتبعة، ولو أدى إلى استعمال القوة الجبرية من طريق الشرطة»، مضيفاً «جرى توقيع الحكم من رئيس الدائرة التجارية وجميع أعضائها، بحسب المتبع في الأحكام النهائية». وكشف الحمود، أن «الجمعة نفسه كان راضياً ومقتنعاً بهذا الحكم بحسب ما دار بيننا في الجلسة أمام رئيس الدائرة، وبحضور أمينها، وقد وقع بالقناعة بالحكم النهائي في محضر الجلسة»، مضيفاً أن الجمعة «أبدى قبولاً بما جاء في صيغة الحكم، وأكد استعداده وتعاونه في سرعة تنفيذ الحكم من دون تأخير». وأضاف ان «الجمعة كان ابتداءً موافقاً على صيغة الحكم قبل صدوره، بحسب ما دار بينه وبين رئيس الدائرة في الجلسات التي حضرناها سوياً، وكان مستعداً لإنهاء الموضوع ورد الحقوق لأصحابها بحسب الصيغة والطريقة التي تراها الدائرة التجارية». وعن سبب تأخر استلام نسخة الحكم، قال الحمود: «إن القضية رفعت في وقت سابق، إلى محكمة الاستئناف في الرياض، لتدقيق الحكم، وحكمت المحكمة بأن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية في الشرقية، بإلزام الجمعة برد حقوق المساهمين، أصبح نهائياً بقناعة المدعين، وأيضاً المدعي أصالة، والمحاسب القانوني، لذا اكتسب الحكم القطعية، ووجوب النفاذ مرتين، الأولى بصدور الحكم النهائي من المحكمة الإدارية، والثانية من الاستئناف في الرياض، بتأكيد الحكم، من دون وجود أي اعتراض من محكمة الاستئناف». ودعا الحمود، في تصريح ل «الحياة»، الجمعة، إلى «سرعة إنهاء معاناة المساهمين، ورد الحقوق إلى أصحابها بحسب ما قدمه من وعود، وذلك بالتعاون مع المحاسب القانوني، وعدم المماطلة. وهو يعلم أن هذا الحكم مبني على رغبته ابتداءً، لإنهاء القضية مع مساهميه». وكانت الدائرة ال16 تلقت شكاوى مرفقة بمستندات ثبوتية، تؤكد أن الجمعة يملك في حوزته أكثر من بليون ريال للمساهمين. ولم يتمكن من الوفاء بوعوده لهم، بإعطائهم رأس المال والأرباح. وقد حاول التسديد لبعض المساهمين، وتجاهل مجموعة كبيرة منهم. وأشكلت الدائرة على الجمعة، لعدم وجود محاسب قانوني أثناء جمعه وإدارته أموال المساهمين. وقررت حينها وضع أموال الجمعة تحت «الحراسة القضائية المشددة». واكتشف أن جميع أمواله في جمهورية السودان. وكان هذا بموافقة وإقرار المساهمين أيضاً. واتفق طرفا الدعوة على تعيين مكتب صالح النعيم، للقيام بأعمال الرقابة المالية على أموال الجمعة. وكذلك حصر أمواله وعدد المساهمين وأموالهم التي ساهموا بها، على أن يلتزم بأن يقدم في الفترات التي يحددها القاضي، أو في كل سنة على الأكثر، حساباً لذوي الشأن بما تم تسلمه، وبما أنفقه. وأقر الجمعة أمام المحكمة، بأن أموال المساهمين وأرباحهم «موجودة كأصول». وأشارت المحكمة خلال نطقها بالحكم، إلى أن هناك «عدداً كبيراً من المساهمين لا يزالون ينتظرون ما ينتهي إليه حكم الدائرة»، وهؤلاء المساهمون منهم نساء وضعفاء، وآخرون لهم مكانة في المجتمع، ولا يستطيعون رفع دعوى.