أشعلت الأحداث الجارية في بعض الدول العربية أسعار المعدن الأصفر، بعد أن بلغ مقدار الزيادة في سعر الأونصة، خلال الأسبوع الأخير نحو 100 دولار، وذلك بعد ارتفاعها، من 1310 إلى 1410 دولارات للأونصة، ويتوقع تجار ومختصون في هذا المجال أن يواصل الذهب ارتفاعاته، مشكلاً بذلك عاماً قياسياً في الارتفاع. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة أن «الذهب يلحق الكوارث، فمن الطبيعي أن يرتفع في الوقت الجاري»، موضحاً أنه «في حال حدوث عدم استقرار سياسي، أو اقتصادي، يغدو الذهب ملجأ للأموال السائلة، وبالتالي يشكل ارتفاعه، أمراً لابد منه، وتحصيل حاصل»، وقال: «ما جرى في العام الماضي من أحداث، أقل زعزعة للاقتصاد مما يحدث هذا العام، وعلى رغم ذلك تبع أحداث العام الماضي ارتفاعاً»، وأضاف: «الأمر الآخر أن المنطقة تحوي كمية هائلة من السيولة، مع الالتفات إلى أن هذه الأموال محاصرة، بعدد محدود من الفرص الاستثمارية، وتمثل الأوضاع غير المستقرة عالمياً، ضغطاً على سعر الذهب، ويزيد الإقبال على شرائه»، متوقعاً أن يكون العام الحالي «عاماً قياسياً في ارتفاع أسعار الذهب، والمعادن اجمالاً، ومنها الفضة، والنحاس والتي ترتفع بشكل واضح، يثير القلق المتزايد تجاه حدوث تضخم، أكثر تأثيراً خلال الفترة المقبلة». وقال: «العام الماضي كان الطلب على شراء الذهب كبيراً، وحقق ارتفاعات عالية جداً»، متوقعاً أيضاً أن «يتفوق هذا العام على العام الماضي، من حيث زيادة الطلب، والضغط على الأسعار، وذلك في حال استمرت الأمور الجارية، إذ يزيد ذلك الطلب على الذهب إجمالاً»، إضافة إلى تأثير «نشاط المضاربين»، موضحاً أن «هذه المعادن عليها نشاط مضاربي هائل»، وشدد على «ألا أحد يمكنه التنبؤ بما ستؤول إليه أسعار الذهب، خاصة ونحن لا نعلم متى تتوقف الأحداث، وهل ستستمر وتشتد، وما هي قراءة المستجدات السياسية، والجيوسياسية»، معتبراً أن «كل من يعلن عن توقعات هو ممن يرجم بالغيب»، مبيناً: «العام الماضي لم يتوقع أحد أن يتجاوز سعر الأونصة الألف دولار، وعلى رغم ذلك تجاوز الألف بمئات الدولارات»، منوهاً إلى أن «شراء الذهب بعقود مستقبلية، ازداد كثيراً، وعندما يتحرك السعر بهذا الشكل، فهو يزيد اقبال المضاربين، وخاصة ونحن نتحدث عن خيارات العقود الآجلة والمستقبلية»، لافتاً إلى «ارتفاع أسعار السلع الأساسية أيضاً». واعتبر بوحليقة أن «اضطراب أسواق النفط العالمية يمثل ضغطاً إضافياً على أسعار المعادن، بما فيها المعدن الأصفر»، لافتاً إلى أن «بعض من يضارب، في سوق النفط، يلجأ إلى ملاذ أكثر أمناً، خاصة وأن من الواضح أن النفط حالياً اتجاهاته تصاعدية نتيجة لعدم الاستقرار في المنطقة، والأحادث الجارية»، وقال: «التأثيرات على الذهب معقدة جداً، لأن سعر الذهب، هو عادة محصلة جملة أمور، منها القراءات الاقتصادية، فلا يمكنني القول مثلا إنه يمكنني تقدير سعر الذهب المستقبلي، إذا ما عرفت سعر النفط، لأن التحرك في سعره لا يحدد سعر الذهب، لأن النفط أحد العناصر المسببة لارتفاع أسعار الذهب، بجانب عناصر أخرى تؤثر في الذهب أيضاً»، لافتاً إلى أن التأثير الحالي نتيجة لما يجري في منطقتنا العربية، وهي منطقة غنية بالنفط، ومنطقة غنية بالثروات السائلة»، مؤكداً أن «السعر سيتأثر بصورة متزايدة بنشاط المضاربين، وخاصة العقود الآجلة، والمستقبلية، بخاصة أن هؤلاء يتعاملون بمضاربات أشبه ما تكون بمراهنات على الأحصنة، وهو ما يزيد الطلب ورقياً، ويظل التأثر، إذ هي عقود هائلة في قيمتها، والتصاعد الكبير يسترعي الاهتمام، منذ نحو عام». من جهته، أكد رئيس لجنة الذهب في غرفة الشرقية، محمد الحمد «تأثر أسعار الذهب، بشكل كبير بالأحداث الجارية»، وقال: «بعد أن نزل سعر الأونصة إلى 1310عاد ليرتفع إلى 1410 بسبب الأوضاع، وسجل بذلك زيادة بنحو 100 دولار، وهي زيادة ليست بالبسيطة»، منوهاً أن «الذهب لم يتجاوز بعد أعلى سعر حققه، بيد أنه قام بتصحيح ونزل بذلك إلى 1310، وبعد نشوب هذه الأحداث عاود صعوده ليصل إلى 1410»، متوقعاً استمرارية تصاعده، في حال استمرت الأوضاع، خاصة وأن الأحداث الجارية في المنطقة العربية، وفي الشرق الأوسط، وهي منطقة حيوية، ذات موقع استراتيجي، تحوي مواقع نفطية، أو بقرب مواقع نفطية على الأقل»، وقال: «جميعها تلعب دوراً في ارتفاع أسعار الذهب صعوداً»، وأضاف: «في شكل عام من المتوقع للذهب الصعود على المدى الطويل، وبالتالي يمكن أن تستغل أي أحداث كبيرة لجر الذهب إلى الارتفاع، خاصة مع وجود ضعف في عملة الدولار، في الأيام الماضية»، وحول تأثير اضطراب النفط على أسعار الذهب، قال الحمد: «بسبب وجود ارتباط غير مباشر بين الذهب والنفط»، لافتاً إلى أن مسارهما واحد، حتى لو اختلفا في مدى الارتفاع، ومسيرة ارتفاع الذهب والنفط، من البدايات كانت مساراً واحداً، ومنذ أعوام كلاهما في اتجاه صعودي مع اختلاف درجة الصعود»، مؤكداً وجود التأثير، إضافة إلى نوع من التصاحب في المسيرة»، وقال: «بعض المحللين الماليين يتوقعون أن تحدث طفرة تضخمية، وتضخم في أسعار السلع في شكل عام، بما فيها الذهب، الذي يمكن أن يكون رائداً في هذا المجال، إذ من المتوقع أن يحقق ارتفاع الذهب أرقاماً جديدة، لكن ليس شرطاً بأن يحدث ذلك على المدى القريب». بدوره أكد خبير الذهب والمجوهرات، سامي المهنا أن «ما يجري من تحركات في بعض الدول، في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، يدفع الناس إلى شراء الذهب بكميات خيالية، وتحويل السيولة إلى المعدن الأصفر»، كما أن العديد من الدول تتجه لشراء الذهب»، وأوضح أن «الكثير من الدول، في مثل هذه الأحوال، تعاني من نزول في العملة»، إضافة إلى «الأسهم، والعقار»، وتتخبط البورصة، متابعا أن «الأحداث تتسارع، ولا نعرف إلى أين تصل». وأضاف أن النصائح الحالية تشير إلى «شراء الذهب، وتحويل جزء كبير من السيولة يصل إلى 60 في المئة من رأس المال الأفراد، أو المنشآت إلى ذهب»، مؤكداً أن «مستقبل الذهب يشير إلى الارتفاع»، منوهاً إلى أن «المناجم، قل إنتاجها»، بسبب «زيادة طلب المستهلكين»، مشيراً إلى أن «الصناعات الحديثة، تستخدم جزءاً كبيراً من إنتاج الذهب، والأيام المقبلة سنشهد فيها تسارعاً في أسعار الذهب»، إضافة إلى «صعود ونزول في الأسعار، بحسب مجريات الأحداث في المنطقة»، ناصحاً الأسر أيضاً «الذين لديهم نوايا في اقتناء الذهب في فترة الصيف، بالمبادرة إلى الشراء منذ الآن»، معتبراً أن «أفضل سلعة يقتنيها المرء حالياً هي الذهب»، متوقعاً أن يواصل صعوده إلى «1550 دولاراً للأونصة، في الأيام المقبلة، في حال تطورت الأحداث إلى الأسوأ»، وعزا المهنا ارتفاع الذهب الأخير إلى أن «كثيراً من الدول على مستوى العالم، والمنطقة، إضافة إلى مستثمرين كبار، اتجهوا، لشراء كميات كبيرة من الذهب، الأسبوع الماضي». ولفت إلى أن ما يجري حالياً « شبيه بما حدث إبان غزو الرئيس العراقي السابق صدام حسين للكويت، إذ ارتفع الذهب بنسبة 40 في المئة». وحول اضطراب أسعار النفط وتأثيرها على الذهب، نوه إلى أن «ليبيا دولة منتجة للنفط، وهي عضو في منظمة أوبك، وهذا عامل في ارتفاع سعر النفط الذي يعاني حالياً من اضطرابات غير طبيعية في الأسعار».