أكد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من طرابلس، انه «مهما كانت الصعوبات التي تواجه عملية تشكيل الحكومة لا أحد سواي سيشكلها»، معلناً انه «مدرك تماماً خطورة حكومة اللون الواحد، لأن لبنان لا يحكم إلا بالتنوع وبمشاركة كل أطياف المجتمع»، ودعا عشية الاجتماع المقرر لنواب «قوى 14 آذار» المخصص لتحديد موقف نهائي من المشاركة في الحكومة العتيدة، «الجميع الى الانضمام الى الحكومة»، قائلاً: «ليس هناك أكثرية وأقلية في مجلس الوزراء بل في المجلس النيابي، لأن مجلس الوزراء بحسب الدستور هو مؤسسة تضم كل الأطياف السياسية بغض النظر عن المعارضة والموالاة». وإذ تجنب ميقاتي مرة أخرى «الدخول في سجال» في موضوع المحكمة الدولية، اكتفى بطرح سؤال: «هل يعقل لرئيس وزراء موجود في السلطة أن يقبل ألا يتابع قضية اغتيال رئيس وزراء سابق؟»، ورد على رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري من دون ان يسميه مكتفياً بالاشارة الى «الفريق الذي يطلق على نفسه اسم المعارضة الجديدة»، معتبراً أن «الرد على المهاترات والحملات لا طائل منه». دار الفتوى وبدأ ميقاتي نشاط اليوم الثاني من قضائه نهاية الأسبوع في طرابلس، بزيارة دار الفتوى في المدينة وكان في استقباله مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الوزير السابق عمر مسقاوي، أعضاء المجلسين الشرعي والإداري وعلماء يمثلون المجلس الاستشاري. ونوه المفتي الشعار بالنشاطات التي كان لميقاتي «فضل كبير في إحيائها»، وقال: «أكبر فيكم رجولتكم يوم دخلتم الى دار الفتوى في بيروت وسددتم باباً كبيراً للفتنة السنية - السنية، وأعرف أنكم كنتم تتمنون أن يكون بعض ما جاء في البيان على غير ما ذكر، ولكنكم ترفعتم عن بعض التعابير من أجل وحدة الطائفة وإقفال باب الفتنة التي كان يراهن عليها كثيرون ممن يتناولون الجزئيات في العمل السياسي». وأضاف: «دخلت كبيراً الى دار الفتوى وخرجت كبيراً ومعك تأييد سائر أركان طائفتك. كما أحيي تبنيكم ما جاء في وثيقة وبيان دار الفتوى، أوتيت من الحكمة والحنكة ما يجعلك تلين الكثير من الصعاب وكلنا ندرك أن المرحلة حرجة وشرسة. طرابلس معك وطائفتك معك والأحرار في كل لبنان معك، والمؤمل عليك كثير، وأعظم ما نتطلع إليه في حكومتكم المقبلة، التي نرى أن تأخيرها ليس عيباً بل ربما ميزة أساسية حتى تمتص الاحتقان القائم، هو أن تكون حكومة إنقاذ وطني». ورد ميقاتي بكلمة شرح فيها «ظروف ترشحه لرئاسة الحكومة»، وقال: «الوضع الصعب في لبنان والمنطقة أعطاني حافزاً لحمل كرة النار والترشح لرئاسة الحكومة في سبيل إنقاذ وطننا». وأكد انه «متمسك بالصلاحيات الدستورية المنصوص عنها في ما يتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف ولن أتنازل عنها، أما في ما يتعلق بموضوع المحكمة الدولية فأخذت على عاتقي عدم الدخول في أي جدال من أي نوع كان، ولكنني أقول فقط هل هناك أحد لا يريد الحقيقة والعدالة من دون مواربة أو استثمار سياسي؟». وبعد اللقاء أوضح المفتي الشعار في تصريح انه جرى التداول في «ما له علاقة بالأوضاع الحاضرة في لبنان وخصوصاً على صعيد تشكيل الحكومة والثوابت التي أعلنتها دار الفتوى والتي أعلن دولته انه تحمل وتبنى كل ما جاء فيها وكرر دولته في أكثر من موضع وأكد اليوم أن ثوابت دار الفتوى هي ثوابت وطنية وأن حرصه على السلم الأهلي والوحدة الوطنية لا يقل أبداً عن حرصه على حياته الخاصة». لقاءات مع رؤساء بلديات ومخاتير وعقد ميقاتي سلسلة لقاءات مع رؤساء بلديات وأعضاء مجالس بلدية في طرابلس، القلمون، الميناء، البداوي، المنية، الضنية والكورة. كما عقد لقاء مع مخاتير طرابلس، المنية، الضنية، عكار والكورة، إضافة الى لقاءين مع «شباب العزم» و «موظفي جمعية العزم والسعادة الاجتماعية». ثم التقى ممثلين عن أحزاب في الشمال. وخلال اللقاءات دعا ميقاتي «الجميع الى عدم الانجرار الى الاستفزاز». وقال: «لا نريد الدخول في أي تناحر سياسي، لدينا مبادئنا وأهدافنا ولكن لا نريد أن تدخل الفتنة الى بيتنا، لذلك علينا تجنب أي استفزاز، فلنركز على الإيجابيات ولنبتعد عن السلبيات. هل هناك أكبر من الكلام الذي قيل في المهرجانات السياسية التي عقدت أخيرا؟ مع ذلك أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن بعض الكلام إيجابي، لأنني أعتقد أن الغرائز تولد السلبيات، فيما لغة العقل تظهر الإيجابيات. ليس المهم أن نرد على المهاترات والحملات التي لا طائل منها، بل المطلوب أن نتعاون جميعاً في سبيل بناء هذا الوطن وخير أبنائنا». وقال ميقاتي: «سمعتم الكثير عن الخيانة والغدر، لا تأبهوا لهذا الكلام الذي لا أساس له وأنتم كنتم شهوداً على عملنا في عام 2005 عندما توليت رئاسة الحكومة، وحتى اليوم، وإذا كان مقياس الخيانة والغدر التي يتحدث بعضهم عنه العمل لمصلحة كل لبنان، فنحن مستعدون للمضي في قناعاتنا ولن نتوقف عند المهاترات». وأضاف: «كل الجرم الذي يزعمه بعضهم أنني أسعى لمنع حصول فتنة في البلد والى دفع لبنان نحو الأمام وأنني أعتمد سياسة اليد الممدودة لتحقيق مشاركة الجميع في الحكومة. وبدل أن يلاقيني بعضهم في هذا الموقف، يمعن في اعتماد السلبية محولاً المسألة الى قضية شخصية. ليس المهم في رأيي من يكون في الموقع، بل الأهم أن يكون قادراً على دفع الحل المطلوب، لا توريط البلد في مشكلات إضافية». وقال: «مددنا يدنا للجميع في سبيل تشكيل حكومة جامعة فقوبلنا من قبل بعضهم بالسلبية، ومع ذلك نسمع هذا البعض يحذر من حكومة اللون الواحد. نعم أنا مدرك تماماً خطورة حكومة اللون الواحد، لأن لبنان لا يحكم إلا بالتنوع وبمشاركة كل أطياف المجتمع». وذكّر انه سبق أن أكد أول من أمس انه «مع العدالة والحقيقة»، وقال: «نفاجأ اليوم بكلام منسوب الى مصدر في الفريق الذي يطلق على نفسه اسم المعارضة الجديدة يقول إنهم شبعوا من اللغة الخشبية، فهل أصبحت العدالة والحقيقة لغة خشبية؟». وعن موضوع تشكيل الحكومة، قال: «نعم تواجهنا اليوم بعض الصعوبات في تشكيل الحكومة، لكن أطمئنكم أنه مهما كانت الصعوبات، أن لا أحد سواي سيشكل الحكومة، لأن هذا ما ينص عليه الدستور. كما يهمني هنا أن أنوه بالتعاون القائم بيني وبين رئيس الجمهورية الذي هو رجل وطني بكل ما للكلمة من معنى ويتبع الدستور بحذافيره ويتمتع بالصبر وطول البال وبالحرص على وحدة البلد». وأضاف ميقاتي: «الصعوبة عندي أن أقبل ما هو عكس المبادئ التي أومن بها، وأنا لن أقبل إلا بالحد الأدنى ضمن الواقع الذي نعيشه، على قاعدة دور فخامة الرئيس ودور رئيس الحكومة المكلف وموقع مؤسسة مجلس الوزراء. هذه أمور يجب أن تكون واضحة منذ البداية لكي تكون الحكومة ناجحة وتنطلق في عملها كما يجب». «الخيمة الطرابلسية» وعلق امس عضو تكتل «لبنان أولاً» عقاب صقر على «مشهد الخيمة الطرابلسية التي نصبت لميقاتي أمام منزله لاستقباله في طرابلس»، فقال لموقع «ناو ليبانون» الإلكتروني الإخباري: «لطالما حذرنا من أن قوى 8 آذار تأخذ لبنان بعكس عقارب الساعة الشعبية العربية وبعكس التاريخ، فهذه القوى لم تكتف باستنساخ مضمون تجربة الحزب الواحد العربية البائدة في اكثر وجوهها مأسوية في لبنان بل يبدو أن هذه التجربة انتقلت أيضاً إلى الشكل وها هو الرئيس ميقاتي يأتي متأخراً 42 سنة ناقلاً خيمة طرابلس الغرب إلى طرابلس لبنان». وأكد صقر أن «لا مكان في هذا الزمن للون الرمادي ولا للرماديات فحتى لو نصبوا ألف خيمة في وسط طرابلس لن يتغير موقف الشماليين ولا موقع شمال قلب لبنان».