ظهرت ملامح بداية انفراج في أزمة انقطاع مادة البنزين التي اشتدت أمس وطاولت كل المناطق اللبنانية، بإعطاء رئيس الجمهورية ميشال سليمان توجهياته للسير في الإجراءات اللازمة لخفض رسم الاستهلاك على مادة البنزين بقيمة خمسة آلاف ليرة. ومساء اعطى رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري موافقته الاستثنائية على خفض الرسم بالقيمة المذكورة، ووجه كتابين بهذا الخصوص الى كل من وزير الطاقة جبران باسيل ووزيرة المال ريا الحسن «لوضع الموافقة الاستثنائية موضع التنفيذ على ان يعرض الموضوع برمته لاحقاً على مجلس الوزراء». وكان سليمان تابع أمس مع الحريري والمعنيين موضوع أزمة المحروقات. وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية ان «بعد الاطلاع على الآراء القانونية الواردة من الإدارات المختصة، ونظراً إلى انعكاس هذه الأزمة على الوضع الاجتماعي والحياتي والمعيشي للمواطنين، أعطى الرئيس سليمان توجيهاته لإجراء الخفض». وأعلنت الوزيرة الحسن في بيان أصدرته، انها بعد تبلّغها «عبر الأمانة العامة لمجلس الوزراء الموافقة الاستثنائية لرئيسي الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال على الطلب الذي كانت تقدمت به لخفض رسم الاستهلاك على صفيحة البنزين خمسة آلاف ليرة» ستقوم «بالإجراءات الإدارية اللازمة وستطلب من المجلس الأعلى للجمارك إصدار قرار خفض رسم الاستهلاك خمسة آلاف ليرة». وتحتاج ترجمة انفراج الازمة وتزوّد السوق مجدداً بهذه المادة، الى صدور جدول تركيب الأسعار عن وزارة الطاقة التي تحدث وزيرها باسيل عن «مراجعة قضائية». وعقد تجمع الشركات المستوردة اجتماعاً أمس، وناقش المستجدات، وأوضحت مصادر المجتمعين ل«الحياة» أن التجمع «ينتظر صدور الجدول لمعاودة تسليم المحروقات في شكل طبيعي للمحطات». وكان صدر عن المكتب الإعلامي لوزارة الطاقة، بيان، أفاد بأن الوزير باسيل «يطالب مرة جديدة المجلس الأعلى للجمارك ومن ورائه وزارة المال، باحترام القوانين والتزام القرار الصادر عن الوزارة بوجوب خفض رسم الاستهلاك الداخلي عن مادة البنزين، وهو في صدد القيام بمراجعة قضائية، والتقدّم بشكوى ضد المجلس الأعلى للجمارك بسبب تقاعسه عن اصدار هذا القرار وتسبّبه بالأزمة التي نعيشها». ولفت البيان إلى أن الوزير «نبّه المواطنين الى أنه في ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية، سيتخطى سعر صفيحة البنزين عتبة 40 ألف ليرة»، مؤكداً أن «كل سعيه منذ ما يزيد على السنة، هو لوقف هذه المجزرة المعيشية في حق المواطنين». النقابات وكان نقيب أصحاب المحروقات سامي البراكس، أكد أن «المحطات أفرغت ما كانت تحتفظ به لدى إعلان خفض السعر». ورأى الاتحاد العمالي العام في بيان، أمس أنه «لم يكن يكفي اللبنانيين معاناتهم جراء غياب دولتهم ومؤسساتها الرقابية وعبث الاحتكارات بحياتهم ومعيشتهم وأسباب رزقهم، حتى انفجرت أزمة الامتناع عن تسليم البنزين المتوافر لدى خزانات شركات المحروقات، ليقف اللبنانيون من عمال وموظفين وسواهم طوابير أمام المحطات لاستجداء بعض الليترات للتوجه إلى أماكن عملهم، وكأنما يراد لهذا المواطن أن يذل ويهان عند تصفية الحسابات بين الوزراء المختلفين بالرأي، متجاوزين كل القوانين والمراسيم». وطالب رئيس الجمهورية ب «إصدار قرار استثنائي يلغي الضرائب الجائرة على مادة البنزين 95 أوكتان». واعتبر رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي، أن «ما يحصل اليوم من أزمة فقدان لمادة البنزين يندرج في إطار الفضيحة والخدعة، خصوصاً أن هذه الأزمة مفتعلة والهدف منها تصريف ما تبقى لدى المحطات من بنزين ليصار الى اعادة تسليمها البنزين بأسعار جديدة، يمكن خفضها 3300 ليرة وفق قرار وزير الطاقة جبران باسيل». واستغرب الخولي، «تمرّد تجمع اصحاب شركات البترول على جدول تركيب اسعار المشتقات النفطية، وبالتالي على قرارات الحكومة في رفضه للتسعيرة الرسمية الصادرة، والمطالبة بزيادتها وفق شروطه، وإلا تقطع مواد البنزين عن البلاد والعباد، وهذا معناه إخضاع البلد لسيطرة كارتيل شركات خاصة، وكأننا في جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية». وانتقد رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية للنقل البري في لبنان عبد الامير نجدة «الفوضى والفلتان القائم في قطاع المحروقات»، مطالباً ب «سياسة نفطية، واعادة هذا القطاع المهم الى ادارة وزارة الطاقة بالاستيراد والتخزين والتوزيع».