تعقَّدت عملية التبادل التي كان يجب أن تحصل بموجب اتفاق «حزب الله» والحكومة السورية من جهة و «داعش» من جهة أخرى بإفراج الأخير عن الأسير لديه من الحزب أحمد معتوق، نتيجة حصار الطيران الأميركي لقافلة المنسحبين من «داعش» وعائلاتهم (غادرت الأراضي اللبنانية مساء الإثنين الماضي) في الصحراء للحؤول دون دخولهم إلى منطقة البوكمال في محافظة دير الزور. وكان «حزب الله» استعاد من تنظيم «داعش» جثتي المقاتلين رامي بسام الأسعد (جهاد) وربيع عفيف علّيق (أبو هادي) تنفيذاً للمرحلة الأخيرة من اتفاق التبادل الذي تمّ التوصّل إليه عقب حرب الجرود اللبنانية والسورية ضد «داعش». وأفادت قناة «المنار» التلفزيونية التابعة ل «حزب الله» بأن الجثتين نقلتا إلى «مستشفى البتول» في الهرمل على أن يتم تشييع الأسعد في بلدته الزرارية الجنوبية عصر غد بالتزامن مع تشييع علّيق في بلدته أرنون (النبطية). ويتم العمل في إطار الاتفاق ذاته، وفق ما أفادت «المنار» على تأمين إطلاق الأسير معتوق مقابل عبور قافلة مسلحي «داعش» نحو وجهتها الأخيرة. وأعلن «حزب الله» عصر أمس، في بيان أنه «حتى هذه الساعة تقوم الطائرات الأميركية بمنع الباصات التي تنقل مسلحي داعش وعائلاتهم والتي غادرت منطقة سلطة الدولة السورية، من التحرك وتحاصرها في وسط الصحراء. وتمنع أيضاً أن يصل إليهم أحد ولو لتقديم المساعدة الإنسانية للعائلات والمرضى والجرحى وكبار السن». ورأى أن «إذا استمرت هذه الحال فإن الموت المحتم ينتظر هذه العائلات وفيها بعض النساء الحوامل». ولفت الحزب إلى أن «الدولة السورية وحزب الله وفيا بالتزامهما القاضي بعبور الباصات من منطقة سلطة الحكومة السورية من دون التعرض لها، أما الجزء المتبقي من الباصات وعددها ستة والذي ما زال داخل مناطق سلطة الحكومة، فيبقى في دائرة العهدة والالتزام». ورأى أن «ما يعلل به الأميركيون موقفهم من أنهم لا يريدون السماح لمسلحي داعش بالوصول إلى منطقة دير الزور، بأنهم جديون في محاربة داعش، تناقضه بالكامل مساعدتهم المعروفة هذه الأيام لأكثر من ألف مقاتل داعشي خصوصاً من الأجانب، في الهروب من مدينة تلعفر واللجوء إلى المناطق الكردية في شمال العراق، إضافة إلى شواهد كثيرة من هذا القبيل، ما يؤكد أن الهدف الأميركي من هذا التصرف شيء آخر لا صلة له بمحاربة داعش». وأكد «حزب الله» أنه «إذا تعرضت هذه الباصات للقصف ما سيؤدي قطعاً إلى قتل المدنيين فيها من نساء وأطفال وكبار السن أو تعرضهم للموت المحتم نتيجة الحصار المفروض عليهم، فإن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الأميركيين وحدهم». وقال: «أمام هذه الاحتمالات فإن على ما يسمى المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية التدخل لمنع حصول مجزرة بشعة». وكان التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتّحدة أعلن في بيان مساء أول من أمس، أنه «طلب من روسيا إبلاغ الحكومة السورية بأنه لن يسمح لقافلة مكونة من 17 حافلة تنقل مسلحي داعش من منطقة الحدود السورية اللبنانية بالوصول إلى الحدود العراقية وفق صفقة بين داعش وحزب الله برعاية دمشق». وأكد أن «حافلات القافلة ما زالت عالقة في الصحراء بين حميمة والسخنة ولم تستهدفها طائرات التحالف احتراماً للقانون الدولي بسبب وجود مدنيين وعائلات داعش». ولفت إلى أنه «والحكومة العراقية لم يكونا طرفاً في هذه الصفقة»، لافتاً إلى أنه «قدم مقترحات لإنقاذ الأطفال والنساء في القافلة من معاناة البقاء في الصحراء خلال الأيام الماضية». وكشف أنه «استهدف مركبات تأكد من أنها تعود لداعش حاولت الاقتراب من القافلة». وأشار إلى أن «طائراته استحدثت حفرة الخميس الماضي في طريق يقود إلى البوكمال لعرقلة وصول القافلة التي عادت إلى مناطق سيطرة النظام». وقال التحالف في البيان الذي نقلته وكالة «رويترز» إن «حافلات القافلة التي تقل مسلحين من داعش وأسرهم لإجلائهم إلى منطقة تسيطر عليها الجماعة المتشددة في شرق سورية، بقيت الجمعة في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في سورية بعدما عادت أدراجها من الحدود العراقية». وصرّح الناطق باسم التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد «داعش» الكولونيل ريان ديلون: «لم تتمكن القافلة من الربط مع أي من عناصر داعش في شرق سورية. نحن مستمرون في مراقبة القافلة وسنستمر في تعطيل تحركها شرقاً للارتباط مع أي عناصر أخرى من «داعش» وسنستمر في ضرب أي مجموعة من داعش تحاول التحرك نحوها». ولفت إلى أن «القافلة تحركت هذا الصباح (أول من أمس) ثم توقفت. ولا أعلم إن كانوا توقفوا في استراحة أم كانوا يحاولون معرفة ماذا سيفعلون». وأشارت «رويترز» إلى وجود «حوالى 300 مسلح من داعش و300 مدني في القافلة». وكانت وكالة «فرانس برس» نقلت عن مصدر ميداني قوله إن «القافلة التي توقفت لمدة 72 ساعة على مشارف محافظة دير الزور الخميس واصلت طريقها لكنها غيرت مسارها شمالا أكثر باتجاه مدينة السخنة في محافظة حمص التي يسيطر عليها الجيش السوري، وستتوجه إلى مدينة الميادين على مسافة 45 كيلومتراً جنوب شرقي دير الزور بدلاً من البوكمال».