فر أكثر من 27 ألف شخص من أقلية الروهينغا المسلمة هرباً من أعمال العنف في بورما في الأيام الأخيرة إلى بنغلادش بحسب الأممالمتحدة، فيما أعلن الجيش البورمي مقتل حوالى 400 من هذه الأقلية في المواجهات في ولاية راخين. وأكد بيان لقائد الجيش على موقع «فايسبوك» العثور حتى 30 آب (أغسطس) على 370 جثة تعود إلى «إرهابيين» في إشارة إلى مقاتلي الروهينغا، في حين قتل 15 عنصراً أمنياً و14 مدنياً. وتحدثت منظمات حقوقية عن ارتكاب الأمن البورمي ومجموعات من المسلحين البوذيين مجزرة في حق الروهينغا في قرية تشوت بيين في منطقة راذيدونغ. ونقلت منظمة «فورتيفاي رايتس» التي تركز على قضايا بورمية عن شهود عيان أن مجموعات مسلحة قتلت قرويين من الروهينغا بالرصاص أو السكاكين بينهم أطفال، في «حملة قتل» استمرت خمس ساعات. وقال ماثيو سميث في بيان للمنظمة «على الحكومة المدنية والجيش بذل كل ما في وسعهما لتفادي هجمات أخرى». لكن في وقت سابق هذا الأسبوع، أكدت لجنة الإعلام البورمية في بيان نشرته على «فايسبوك» تنفيذ عملية أمنية كبرى في محيط هذه القرية، عندما اشتبكت دورية مع مسلحين من الروهينغا. وقالت في البيان إن «الجنود تبادلوا إطلاق النار مع حوالى 80 إرهابياً بنغالياً متطرفاً مسلحين بعبوات منزلية الصنع ومسدسات وسكاكين وسهام»، مضيفاً أن المسلحين «أضرموا النار في منازلهم وفروا». وأسهمت معلومات عن ارتكاب قوات الأمن البورمية وكذلك متمردين مجازر وإحراق قرى في تصعيد التوتر وإثارة المخاوف حيال خروج أعمال العنف عن السيطرة في ولاية راخين غرب بورما. ويتجمع حوالى 20 ألفاً آخرين من الروهينغا على الحدود مع بنغلادش التي تمنع عبورهم بعدما فروا من قراهم المحروقة وعمليات الجيش البورمي، بحسب بيان أصدرته الأممالمتحدة ليل أمس. وفي محاولة يائسة لبلوغ بنغلادش استقل آلاف الروهينغا قوارب بسيطة أو متهالكة صنعت من أنقاض وحطام مراكب لعبور نهر ناف الذي يفصل بين البلدين. ولفظت المياه 18 جثة على الضفة البنغالية للنهر اليوم، بحسب ما أعلن مسؤول في حرس الحدود، ما يرفع حصيلة من قضوا من جراء غرق مراكبهم إلى 41 شخصاً. وقال قائد شرطة بلدة تكناف الحدودية معين الدين خان «كانت الجثث طافية في النهر منذ مدة»، مضيفاً أن بين الغرقى فتاة. وفر أكثر من 400 شخص من الهندوس إلى بنغلادش، بحسب ما صرح أحد أعيانهم هناك بعد هجوم مسلحين على قريتهم حيث قاموا بأعمال نهب وقتل. وقالت الهندوسية بروميلا راني من بلدة بوليبزار «اقتحموا منازلنا وبدأوا يقتلون الرجال، ثم استولوا على ذهبنا وغيره من ممتلكاتنا الثمينة وأمرونا بالرحيل». ويشكل فرار الهندوس للمرة الأولى خلال النزاع المستمر منذ خمس سنوات في ولاية راخين، مؤشراً على احتدام العنف. وهجر إلى جانب الهندوس الآلاف من اتنية راخين البوذية وغيرها، بعدما استهدفتهم ميليشيا تقاتل تحت تسمية «جيش إنقاذ روهينغا أراكان». وانطلقت آخر الجولات الدامية في 26 آب (أغسطس) بهجوم مقاتلين من الروهينغا على مراكز للشرطة، إذ قتلوا 11 شرطياً وأحرقوا قرى. وشنت قوات الأمن البورمية عملية «تطهير» للقضاء على المتمردين الذين بدأ رجال من سكان القرى الانضمام إلى صفوفهم على ما يبدو. ويؤكد المتمردون أنهم يقاتلون دفاعاً عن الروهينغا في وجه اضطهاد قوات الأمن البورمية والغالبية البوذية في راخين التي يتهمونها بأنها تسعى إلى طرد الروهينغا الذين يعدون حوالى مليون شخص من الولاية. وتتعرض بورما وزعيمتها اونغ سان سو تشي الفائزة بجائزة «نوبل» للسلام إلى ضغوط دولية متزايدة. وحضت الولاياتالمتحدة أمس سلطات بورما على حماية المدنيين وموظفي منظمات الإغاثة، فيما تخوفت مقررة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان يانغي لي من احتمال ارتكاب «انتهاكات جسيمة». وتشهد ولاية راخين أعمال عنف دينية منذ العام 2012، بعد حصول أعمال شغب أدت إلى مقتل عدد كبير من الروهينغا وتشريد عشرات الآلاف، وغالبيتهم من هذه الأقلية المسلمة، الذين لجأوا إلى مخيمات. وظهرت ميليشيا «جيش إنقاذ روهينغا أراكان» قوة مسلحة في تشرين الأول (أكتوبر) 2016 عندما نفذ هجمات أدت إلى مقتل عناصر من حرس الحدود في بورما، ما تسبب بحملة قمع أوقعت أعداداً كبيرة من القتلى وأدت إلى فرار 87 ألف شخص إلى بنغلادش. ويعتبر أفراد هذه الأقلية غرباء في بورما التي يعتنق 90 في المئة من سكانها البوذية، وهم محرومون من الجنسية على رغم استقرارهم في هذا البلد منذ أجيال. وأكدت بنغلادش أنها لا تريد استقبال المزيد من اللاجئين الروهينغا. ويعيش في بنغلادش قرابة 400 ألف منهم لجأوا إليها خلال أوقات سابقة.