حاولت سعاد (29 سنة) أن تنهي لصق العينين العسليتين سريعاً لحياكة صوف آخر خروف، قبل أن تجمع ما أنهته من خراف بيضاء وصفراء وبيج وبنية وأخرى معرقة بخطوط حمراء كأنها مذبوحة، في كيس كبير. هي تبدأ رحلتها اليومية التي تنطلق قبل عيد الأضحى بنحو أسبوعين وتنتهي بنهاية أيام العيد، بالذهاب إلى أحد الأرصفة في ميدان رئيسي أو بجوار محل جزار معروف، أو حتى بجوار «شادر» خراف حية من تلك التي تعدها الجهات الرسمية المعنية للذبح، لتفرش خرافها في الشارع بعد أن تبني لها نصبة أو سوراً خشبياً ملوناً جمعت أخشابه ودهنتها ليشبه سور شادر الخراف الحقيقية. «بدأت صنعة خراف الزينة تغزو السوق المصرية قبل أربع سنوات وكانت في بدايتها مستوردة من الصين». وتضيف سعاد ل «الحياة»: «لم تترك الصين مناسبة في العالم العربي إلا حاولت استغلالها تجارياً، فهي تدرس متطلبات السوق ثم تخرج بابتكار ينتشر في شكل سريع. بدأ الخروف كديكور فقط ثم تحول إلى لعبة». وتلفت إلى أن المصريين طوّروا الخروف الصيني وأسبغوا عليه طابعاً مميزاً شكلاً وحجماً ومضموناً. وتتابع سعاد خبيرة الكومبيوتر التي تعمل سكرتيرة: «أبدأ صناعة الخروف بالتصميم الغرافيكي الثلاي الأبعاد. وآخذ إجازة من المكتب لأبيع الخراف التي أصنعها بمساعدة أشقائي الصغار في المنزل». تستخدم سعادة القطيفة لجسم الخروف والألياف أو الإسفنج المفروم للحشو، ومن الممكن استخدام القطن أو أجزاء من فراء قديم. وقد تضيف شريطاً أحمر أو تلون جزءاً باللون الأحمر وكأنه خروف مذبوح. وتحالك اللعبة يدوياً بطريقة اللفقة حتى لا تظهر الغرزة. تقول سعاد: «من الابتكارات أن يكون رأس الخروف متحركاً بحيث يمكن «ذبحه» بسكين بلاستيك، ثم يعاد الرأس إلى مكانه بواسطة سحاب. كما أن أسطوانة الصوت تغير سرعة المأمأة قبل الذبح وبعده». لم تستطع سعاد أن تسوق خرافها في المحال الكبيرة والمولات المعروفة، فلجأت إلى «مول الشعب المفتوح»، أي الشارع وفق الفتاة التي تختار رصيفاً في منطقة راقية وتفرش خرافها. وتسجل أنه تحت وطأة ارتفاع أسعار اللحوم تحول الكثيرون لشراء خروف الزينة والاكتفاء بكيلوغرام أو اثنين من لحم الضأن، والدليل أنه يكاد لا يخلو شارع من الشوارع الرئيسية في الإسكندرية من نصبة خراف وأبقار معدة الذبح تجاورها نصبة خراف للزينة. وعن أسعار الخراف تقول إن سعر الخروف الصغير يبلغ من 30 إلى 55 جنيهاً (نحو دولارين)، والحجم الكبير يصل إلى 180 جنيهاً (نحو 10 دولارات)، لافتة إلى أن أسعار هذا العام ارتفعت نتيجة موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق المصرية أخيراً. تعيد سعاد تنسيق خرافها على رصيف في منتصف شارع فيكتور عمانويل في منطقة سموحة الراقية، في انتظار زبون جديد أو طفل يتعلق بأحد خرافها التي ترصّها مجموعات كالقطيع الحقيقي.