نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    والدة الصحفي الأمريكي المختطف: تلقيت وعوداً جيدة وأنتظر النتائج    الرياض: القبض على 9 أشخاص ارتكبوا 33 حادثة احتيال مالي    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع قسائم شرائية للكسوة الشتوية على اللاجئين السوريين في الأردن    وزارة العدل: اختصار متوسط عمر القضية العمالية ل 20 يومًا فقط    موسكو: القوات الروسية تسيطر على قريتين في شرق أوكرانيا    إيران تأمل أن تتبع حكومة ترامب نهجا "واقعيا" حيالها    استخدام "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بنجران    الإحصاء تُطلق مختبر الابتكار    في ثاني أيام الهدنة.. 180 شاحنة مساعدات تدخل غزة    رئيس الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة الليبي يزور حي حراء بمكة    حركية تتوج بالمركز الثاني في جائزة التميز لخدمة ضيوف الرحمن    الجنبية: أيقونة التراث الجنوبي ورمز الأصالة الجازانية    أمين الطائف يطلق مبادرة أحياء الطائف    انخفاض أسعار الذهب    الأمير سعود بن نهار يطلق اعمال الورش التدريبية لمشروع معاذ بالهلال الأحمر    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    التحضيرات للسنة الدولية للتوعية بالكويكبات وحماية الأرض عام 2029م    «عكاظ» تنشر رحلة اكتشاف «المعادن» في السعودية    التهابات اللثة تعزز الإصابة بأمراض القلب والسكري والسرطان    وفد من الشورى يطلع على خدمات منطقة الحدود الشمالية    تحذير: الباراسيتامول يسبب مشكلات خطيرة للمسنين    الاتفاق يتربص بالأهلي.. والفيحاء والخلود «صراع الهبوط»    يايسله يبحث عن انتصاره ال 34 مع «الراقي»    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    نيمار يرفض الرحيل عن الهلال    ساديو ماني على رادار إنتر ميلان    حصة بنت سلمان: مدارس الرياض الحلم السابق لعصره    هل يستمر نيمار ؟    "العُلا" و"الابتسام" إلى نهائي كرة الطائرة الشاطئية    القطاع الخاص والرؤية    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية في وفاة الشيخ عبدالله الصباح    تجربتي مع القطار.. أكثر من مجرد وسيلة نقل    السجل العقاري يبدأ تسجيل 28 حيًا بمنطقة مكة المكرمة    أمير الشرقية يرعى اللقاء السنوي للجهات الأهلية    تتسبب في سجن رجل بريء لأن ملامحه أزعجتها    "إسناد" تعزز الشفافية المالية في قطاع التعدين    نواف سلاّم القاضي النزيه رئيسا لوزراء لبنان    البرازيلي «ريتشارليسون» يقترب من دوري روشن    نورة الفيصل ل«عكاظ»: «فنون التراث» تبرز الهوية السعودية برؤية عصرية    نصائح للكاتب الهازئ في إرباك القارئ    الصداقة بين القيمة والسموم، متى يكون التخلص من الأصدقاء ضرورة وليست أنانية؟    قصة «جريش العقيلي» (1)    سان جيرمان ينافس الهلال للتعاقد مع محمد صلاح    الجار    ميزة من واتساب لمشاركة الموسيقى في الحالة    التويجري رفعت الشكر للقيادة لصدور الأمر الملكي.. تشكيل مجلس «هيئة حقوق الإنسان» في دورته الخامسة    التدخين والمعسل وارتباطهما بالوعي والأخلاق    شرب ماء أكثر لا يعني صحة أفضل    النجدي مديرًا لمستشفى الملك فهد في جازان    «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع    محمد سعيد حارب.. صانع أشهر مسلسل كرتوني خليجي    سكينة آل غالب إلى رحمة الله    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    رمزية الأعداد الفردية والتوحيد    الحب لا يشيخ    السديس: لحظة تاريخية استثنائية.. إطلاق أكبر هيكلة تنظيمية برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة ومشاهدات من الثورة المصرية
نشر في الحياة يوم 23 - 02 - 2011

مع التركيز الإعلامي الشديد على ثورة التحرير المصرية، خرج الناس بانطباعات متباينة عن الوضع الحاضر والمستقبلي لمصر وبقية الدول العربية، تبعاً لتباين أساليب النقل الإعلامي للأحداث، فمتابعو «الجزيرة» الفضائية مثلاً تحولوا إلى عداء الحكومات العربية جميعها، باستثناء حكومتي قطر وسورية، و«حماس»، ومتابعو ال «بي بي سي» العربية صاروا محبين للشعوب العربية جميعها. ومدمنو مشاهدة قناة «العربية» ضاعوا ما بين الطرفين، فلا هم حكوميون بالكامل ولا شعبيون بالكامل، إنما بين ذلك سبيلاً. مشاهدو «العربية» صاروا محبين للشعوب العربية يوماً، وكارهين لها يوماً آخر، وموالين للحكومات يوماً، ومعارضين لها في اليوم الذي يليه، كل ذلك لأن مسك العصا من المنتصف متعذر في هذه المرحلة، أما من كان يشاهد قناة الإخبارية السعودية، فهو في حل من تقلبات الشعور هذه، إذ لا نقل جيد للأحداث، ولا رأي مضيء للمستقبل، بمعنى أنهم أراحوا مشاهديهم من «دوخة الرأس»!
انطباعات سبعة خرجت بها شخصياً من متابعة القنوات الفضائية الناقلة للأحداث، بما فيها القنوات التلفزيونية المصرية، انطباعات تداخل فيها الموالي مع المعارض، والمحب مع الكاره، فجاءت كالآتي:
الأول: ثار الناس في الشوارع المصرية ومات منهم المئات من أجل مطلب رئيس تتفرع تحته الكثير من المطالب الثانوية: «الشعب يريد إسقاط النظام». سقط رأس النظام وطار إلى شرم الشيخ منزوعاً من صلاحياته التي ظلت تلازمه 30 عاماً. طار إلى شرم الشيخ وحيداً إلا من مرض الاكتئاب وبعض المرافقين القلة الذين ما زالوا ينادونه سيادة «الريس»، طمعاً من بعضهم في الرقم الأفعواني الذي بدأ ب(خمسة بلايين دولار) عند بدء الأحداث، وظل يتصاعد ككذبات (المراكبية) حتى وصل إلى (74 بليون دولار)، وشفقة من آخرين حفظوا العهد والوفاء. سقط رأس النظام لكن قلبه القوي لم يسقط، ولم يظل واقفاً أيضاً، بل أخذ في التصاعد حتى وصل إلى قمة النظام الجديد. وزير الدفاع القوي المشير حسين طنطاوي في نظام حكم السيد حسني مبارك وذراعه الطويلة توج نفسه بمباركة شعبية على عرش مصر، ومن حينها لم يعد أحد يتحدث عن مطلب الشعب في «إسقاط النظام».
السؤال: هل المشير طنطاوي خارج النظام، أم أن ناس الشوارع قبلوه لأن الجيش هو الوحيد القادر على إدارة البلاد في الفترة الانتقالية؟ هل توج طنطاوي على عرش مصر، لأن جهة خارجية ما دعمته لأنها ترى أنه الرجل المضمون للحفاظ على المعاهدات الدولية، أم لأن من يلونه رتباً في الجيش لم يستطيعوا أن يتخلصوا منه، كما تخلص الشعب من مبارك؟!
السؤال الأخير: هل سيتقاعد طنطاوي بعد ستة أشهر، أم أنه سيخلع البدلة العسكرية فقط ليرشح نفسه في الانتخابات المقبلة؟ بمعنى هل تخلص الشعب فعلاً من النظام، أم أن النظام قادر على التوالد والتناسل بأشكال مختلفة؟
الثاني: لا أشفق على أحد في مصر هذه الأيام مثلما أشفق على معارضي النظام السابق الذي سقط رأسه ولم يسقط قلبه. أحزاب المعارضة التي ظلت معارضة طوال سنوات حكم مبارك عليها أن تستعد خلال الأشهر القليلة المقبلة لتجربة نفسها في عملية الأداء الحكومي!
منذ سنين طويلة والمعارضة المصرية تخضع لسلطة الحكومة الوطنية، تستقوي متى ما أراد لها الحزب الحاكم أن تستقوي، وتضعف متى ما كان الضعف في مصلحة حكام البلاد. تتمدد وتنكمش حتى تشوه قلبها وقالبها. كانت على طول الخط ورقة خاسرة لا أحد يراهن عليها. لم تتحول المعارضة إلى حكومة منذ عشرات السنين وعليها الآن أن تستعد لاحتمال أن تكون في الحكم إذا ما سار الاصلاح بالشكل الذي تريده الجموع المصرية، فهل ستستطيع أحزاب المعارضة السابقة أن تدير بلداً بحجم مصر وهي التي تعودت على أن تعيش دور الضحية كل هذه السنوات؟ هل ستستطيع المعارضة خلال ستة أشهر أن تعالج التشوه الذي ظل يعمل فيها معاوله سنوات طويلة؟ كيف ستحكم الشارع لو قدر لها الانتقال إلى الموقع الحكومي والشارع نفسه لم يعطها حتى شرف الخروج من أجلها، كما فعلت وتفعل معظم ثورات العالم التي تكون مدفوعة بإلهام وأدوات المعارضة؟
السؤال: هل ستقف المعارضة نداً للحكومة الحالية التي يرأسها أحمد شفيق (المعين من حسني مبارك)، ويدير خارجيتها أحمد أبو الغيط (المعين من حسني مبارك)، ويشرف عليها حسين طنطاوي (المعين من حسني مبارك)، أم ستنكفئ على نفسها لتتفرغ للإعداد لمرحلة ما بعد الحكومة الانتقالية؟!
الثالث: بعد إعلانه خبر تنحي رأس النظام وتسليم السلطة لقلب النظام، توارى نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان عن الأنظار وغاب تحت أجنحة الفرح الشعبي الكبير، لكن أحداً لم يخرج علينا بعد ذلك ليقول إن وظيفة عمر سليمان كنائب لرئيس الجمهورية سقطت تبعاً لسقوط رئاسة حسني مبارك، كما أن أحداً لم يخرج علينا ليخبرنا هل ما زالت رئاسة المخابرات تحت رئاسة سليمان، أم أنها أعطيت لشخصية عسكرية أخرى؟
السؤال: هل ستقبل أميركا بإحالة عمر سليمان كرئيس للمخابرات المصرية للتقاعد، أم أنها ستضغط على المجلس العسكري الحاكم لإبقاء الرجل المتفق عليه إقليمياً ودولياً لقيادة الارتباط المصري الإسرائيلي؟
الرابع: المتظاهرون المصريون يرفعون صور شهداء الثورة بعد انتصارها، فيما يرفع أفراد الشرطة المصرية صور شهداء الشرطة الذين سقطوا خلال المواجهات مع الثوار، وذلك خلال مسيرة اعتذارية للشعب بعد انتصار الثورة. فريقان كانا متخاصمين يرفعان خلال وفاقهما صوراً لشهداء كانوا متخاصمين وظلوا متخاصمين حتى وفاتهم. الأمر بالنسبة لي يشبه تماماً محاكمة عصر حسني مبارك وعدم الالتفات أبداً للويلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي جلبها عهد عبدالناصر للأمة المصرية. السؤال: اعتماداً على هذه الازدواجية، هل كان يبحث المصريون فعلاً عن الديموقراطية، أم هم فقط يريدون تغيير واقع الحال، لعل ذلك يجلب لهم حظاً ظل بعيداً على الدوام من حياتهم اليومية؟!
الخامس: الداعون إلى تشكيل حزب باسم الشباب الذين حركوا ثورة 25 كانون الثاني (يناير)، هم في الحقيقة يريدون أن يخنقوا صوت الشعب في حزب يقف واحداً بين عدد غير قليل من الأحزاب. شباب 25 يناير هم مظلة الشعب الكبرى ولا يليق لها أن تحصر نفسها في (صح وخطأ) العمل الحزبي المفضي إلى عمل حكومي أو رقابة معارضة. على الثورة أن تظل بيضاء على الدوام وذلك بإنهائها بمجرد نجاحها.
السادس: إذا كان محمد البوعزيزي، رحمه الله، بطلاً قومياً، فإن المسؤول المحلي التونسي الذي أمر بمنع البوعزيزي من بيع الخضار في الشارع والشرطية التي عاجلته بضربة على وجهه عندما رفض الامتثال لأوامر المنع هما بطلان أيضاً، فلولاهما لم يكن البوعزيزي ليحرق نفسه، وبالتالي ستظل الشوارع العربية على هدوئها.
الانطباع السابع سؤال أخير: هل ستؤدي هذه الثورات إلى ديموقراطيات وليدة، أم أنها (ستعرقن) الدول العربية فقط وتتركها في مهب الضياع لسنوات مقبلة قد تطول وقد تقصر؟!
* كاتب وصحافي سعودي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.