بوجوه شاحبة، يمتزج فيها البؤس والشعور بالمسؤولية ليشكلا معاً ملامحاً يعلوها الإرهاق والضنى، يتراكضون ويتسابقون ل«العتالة»، لعلهم يحصلون على ما يوفرونه لأكوام من اللحم الذي يتنفس هناك... في بيوتهم. عند التدقيق في أجسادهم ستجد أكتافهم وأعضادهم قد فقدت «ليونة الطفولة»، مع أن أعمارهم لم تكمل «درزن» سنوات كامل. تجدهم يحملون ما لا طاقة لهم به، وتقرأ في ملامحهم «مكابرة» وإنكاراً لمقدمٍ قريب إلى الدنيا، وإعلاناً عن رجولة «مبكرة» ليست في مكانها، ليصنع المشهد الماثل أمامك «درساً أصيلاً في التضحية». يملأون الممرات هنا، في سوق عتيقة للخضار (وسط الرياض)، أطفال ورثوا الشقاء «مبكراً»، يعملون في حمل الأكياس والصناديق، لزبائن السوق التي تسمى بصفتها، وإن كان النطق الدارج «محرّفاً». تارة أمامهم وتارة أخرى خلفهم، يجرّون عربات تعينهم على «بلوى» هبطت من طاقة العجز والعوز. لا تعنيهم ثيابهم المتسخة، أو قسوة الطقس! كل ما يعني كل واحد منهم، أن يسبق أنداده إلى زبون جديد، في تنافس لا ينتهي، بحثاً عن ريالات معدودة. «الحياة» كانت هناك في سوق الخضار الأقدم في العاصمة الرياض، ورصدت عشرات الأطفال العاملين في العتالة، وتحدثت إليهم، فقالوا قصصهم.