لا أستطيع فهم تأخر صرف مستحقات عمال لشركات مقاولات «كبرى» وتكليفهم - كما قال بعضهم - بأعمال إضافية، ففي يومين متتاليين لفت عمال شركات مقاولات الأنظار إلى واقعهم. هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها أصوات عمال وموظفين بسبب سوء إدارة تشغلهم، شركات من مختلف الفئات. يبرز نشاط المقاولات أكثر من غيره بسبب حجم الأعمال وعدد العمال، وتسأل عن هذا طبقة من كبار الإداريين التنفيذيين الذين لا يظهرون للإعلام إلا عند توقيع عقود الإنشاءات والإعلانات، ثم يختفون ليظهروا مرة أخرى عند توقيع عقد جديد. إذا قالت الشركة أو الشركات إن لديها مستخلصات مالية لدى هرم الصمت الأكبر وزارة المالية ولم تصرف، نرد بالآتي: إن هذه الشركات من الأكثر خبرة بإجراءات وزارة المالية وقرباً لها، وتضع ذلك في حساباتها. إن لدى هذه الشركات من تراكم الأرباح من مشاريع كثيرة سابقة ما يجعلها قادرة على الوفاء بحقوق العمالة في وقتها. إن بعض هذه الشركات تحصل على عقود إنشاءات بطريقة التلزيم المباشر وبأسعار مرتفعة ما يعطيها ميزة عالية «مريخية» عن غيرها. وقبل كل هذا وبعده، إن حقوق الموظفين والعمال واجبة الوفاء أياً كانت الظروف. السؤال إلى أين سيوصلنا شيوخ المقاولات بأسلوبهم المتكرر؟ لقد تجاوز أمر هذه الممارسات إلى حد قد يؤدي للإضرار بالبلد وأمنها، وأسأل: هل هذا شكل من أشكال الضغوط؟ وسبق لي الكتابة عن حقوق الموظفين والعمالة لدى الشركات، واقترحت على وزارة العمل الاستفادة من تجارب خارجية تلزم صرف المستحقات آلياً بتاريخ محدد، إنما من دون فائدة، فحجر زاوية الخلل يقع في وزارة العمل، لتراخٍ عرف عنها ورخاوة أصبحت تشوب بنيتها. تصادفت شكاوى عمال شركات كبرى مع خبر توقيع عقود لإنشاء محطات ركاب لمشروع قطار الحرمين، تلك العقود التي وقعها وزير المالية، والتصريحات لوزير النقل، أربع محطات ركاب تزيد تكلفتها على 9 بلايين ريال مع ائتلاف شركتين، وواحدة منهما أو كلاهما له علاقة بشكاوى العمال أعلاه. بحسبة الأصابع تكلف المحطة الواحدة أكثر من بليوني ريال! - علق قارئ قائلاً: «لو أنها محطة نووية!» - وعلى رغم طول التصريح الصحافي الذي تحدث عن «فنون العمارة الإسلامية»، لم يتم التحدث بالتفصيل عن أسباب ارتفاع الكلفة، فهل تشمل الأراضي مثلاً، كما لم يتم توضيح أسلوب اختيار الشركات، فهل طرحت في منافسة عامة؟ أم جرى التلزيم المباشر، وما الأسباب؟ ثم إن وزارة المالية «التي وقعت العقود» تتهم غالباً بتشددها في الصرف على مشاريع لجهات حكومية أخرى، فماذا لديها من تبريرات عن مقاولين جمعوا بين ارتفاع أو «شهاقة» كلفة وشكاوى عمال؟ www.asuwayed.com