عين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم (الإثنين) نائب وزير الخارجية أناتولي أنتونوف سفيراً جديداً في الولاياتالمتحدة خلفاً لسيرغي كيسلياك. وقال الكرملين في بيان «عين أناتولي أنتونوف بمرسوم رئاسي سفيراً لروسيا في الولاياتالمتحدة». ووصلت العلاقات بين واشنطنوموسكو إلى أدنى مستوياتها بسبب قضية التهم لروسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية العام 2016. وكان كيسلياك محور هذه التهم بسبب اجتماعات عقدها مع مساعدين بارزين في حملة ترامب خلال السباق الانتخابي. وأنتونوف (62 عاماً) يشغل منصب نائب وزير الخارجية منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وسبق أن تولى منصب نائب وزير الدفاع. وعُرِف أنتونوف بأنه مفاوض صلب لا يثق بواشنطن. إلا أن خبرته الطويلة أكسبته براغماتية تمكنه من التأقلم مع التحولات المفاجئة في العلاقات مع الغرب. وسيحتاج الديبلوماسي الروسي إلى كل مهاراته وخبرته للقيام بمهمة إنعاش العلاقات الأميركية - الروسية التي يبدو أنها دخلت مرحلة الجمود. وكان سلفه كيسلياك في عين العاصفة على خلفية التهم بأن الكرملين خطط لضمان وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولكن في جعبة أنتونوف مشكلاته الخاصة كذلك، إذ أنه مدرج على لائحة الاتحاد الأوروبي السوداء على خلفية التدخل الروسي في أوكرانيا. وأشار المحلل ألكسندر غابويف من معهد «كارنيغي» في موسكو إلى أن «أنتونوف متشدد يفهم القضايا التي يتحدث عنها ويعرف الغرب جيداً». وأضاف «إنه داعم مخلص لخط الكرملين، إلا أنه لا يؤمن بشكل أعمى بنظريات المؤامرة مثل حال العديد من أقرانه في دوائر الجيش والاستخبارات». وترقى أنتونوف في رتب الديبلوماسية السوفياتية قبل أن يرتدي البزة العسكرية لدى تسلمه منصب نائب وزير الدفاع من العام 2011 حتى 2016 في وقت وصلت العلاقات مع الغرب إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. وفي وزارة الدفاع، ظهر أنتونوف وجهاً علنياً متصلباً، عمل على درء التهم الموجهة إلى موسكو على خلفية تحركاتها في أوكرانيا ولاحقاً في سورية، فيما أصر الكرملين بشكل متزايد على توسيع نفوذه في الخارج. وفي ما يتعلق بأوكرانيا، نفى أن تكون روسيا أرسلت جنوداً عبر الحدود، وسخَّف من التهم بأن الانفصاليين وموسكو ضالعون بإطلاق النار على طائرة الركاب التابعة ل «الخطوط الماليزية» (ام اتش17). وفي شباط (فبراير) العام 2015، رد الاتحاد الأوروبي عبر إدراج اسم أنتونوف على لائحة تضم أسماء مسؤولين روس يخضعون لعقوبات تتضمن تجميداً للأصول التي يملكونها وحظراً للسفر. ومع إطلاق روسيا حملة الضربات الجوية في سورية دعماً للرئيس بشار الأسد، تصدر أنتونوف مراراً المؤتمرات الصحافية مشيداً بالعملية. ولعب دوراً رئيساً في مهاجمة تركيا بعدما أسقطت الأخيرة طائرة عسكرية روسية على حدودها مع سورية، متهماً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتورط مع عائلته بالتجارة غير الشرعية للنفط مع عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). ونقل عنه قوله إن «القيادة (التركية) وخصوصاً أردوغان لن يستقيلوا ولن يعترفوا بشيء حتى ولو مرغت وجوههم بالنفط المسروق». ولدى أنتونوف الذي يتحدث اللغتين الإنكليزية والبورمية بحسب سيرته الواردة في وزارة الخارجية، خبرة واسعة في التفاوض مع الولاياتالمتحدة في شأن قضايا معقدة تخص مسائل التسليح. وقاد الوفد الروسي الذي اتفق مع الولاياتالمتحدة على معاهدة «ستارت الجديدة» لخفض الأسلحة النووية العام 2010، في فترة بلغت العلاقات فيها بين واشنطنوموسكو ذروتها في النجاح لكنها لم تستمر إلا مدة وجيزة. وفي العام 2011، صرحت المفاوضة الأميركية روز غوتمولر أن «الكلمات الأفضل لوصف روح المحادثات هي الاحترام المتبادل. وبفضل هذا الاحترام المتبادل، فإن اجتماعاتنا كانت على الدوام عملية ومثمرة للغاية». وأضافت «كما يقول المبعوث أنتونوف على الدوام... العمل هو العمل». وذكرت صحيفة «كومرسانت» أن أنتونوف كان مرشحاً للانتقال إلى واشنطن قبل فوز ترامب المفاجئ على منافسته في الانتخابات هيلاري كلينتون. وعلى رغم سمعته في صلابة الرأي، إلا أن السفير الجديد يصر أنه بإمكان روسياوالولاياتالمتحدة إصلاح علاقاتهما على رغم قناعته بأن على ذلك أن يبنى على شروط موسكو. وقال أنتونوف في أيار(مايو) الماضي «علينا إقناع زملائنا الأميركيين أن العلاقات التي تتميز بالصداقة والتساوي والاحترام هي في مصلحة شعبي روسياوالولاياتالمتحدة».